الابتكار الاجتماعي
طرائق واستراتيجيات الاستجابة الطارئة في القطاع الإنساني

مجلة اتجاهات الأثر الاجتماعي - العدد 18

طرائق واستراتيجيات الاستجابة الطارئة في القطاع الإنساني

   عبير العبيد

إن تمكين الاستجابة الإنسانية لأشد الاحتياجات إلحاحاً ولتلبية احتياجات التعافي المبكر الحرجة، يساعد على التغلب على العقبات التي تحول دون حصول المتأثرين من الأزمات على المساعدة الإنسانية في الوقت المناسب، بحيث تجري تغطية المتطلبات، من خلال دعم الجهود المحلية، وتمويل الأنشطة من الجهات الفاعلة الإنسانية الدولية والمحلية.

سنتحدث في مقالنا هذا عن الاستجابة الطارئة في القطاع الإنساني، طرائقها، واستراتيجياتها، وأهمية التعامل معها بدقة للوصول لآثار إيجابية تعود بالفائدة على المجتمع والبيئة، بداية لا بد لنا من التعرف إلى مفهوم الاستجابة الإنسانية، وأهم أهدافها الاستراتيجية، لقد عرفت الأمم المتحدة الاستجابة الإنسانية وفقاً لمبادئ العمل الإنساني بأنها:

مجموعة الأنشطة والبرامج التي تجريها الأمم المتحدة وشركاؤها لضمان تقديم المساعدات للمحتاجين دون أي تمييز والتزام الحياد والنزاهة والاستقلال، بحيث تراعي النوع الاجتماعي والعمر، والمساءلة لصالح المتأثرين والحماية من الاستغلال وأي اعتداء، وتقوم الاستجابة الطارئة في القطاع الإنساني على مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، أهمها:

  • الهدف الاستراتيجي الأول:

تقديم المساعدات متعددة القطاعات من توفير المأوى والصحة والغذاء والمياه والصرف الصحي والمواد غير الغذائية والتعليم والتغذية والحماية المنقذة للحياة، للأشخاص المتأثرين في الوقت المناسب.

  • الهدف الاستراتيجي الثاني:

دعم سبل العيش من خلال توفير فرص عمل قصيرة الأجل في إزالة الركام وعمليات إعادة التأهيل صغيرة النطاق للبنى التحتية المرتبطة بتوفير الخدمات الأساسية من مياه وصرف صحي في المناطق المتأثرة.

  • الهدف الاستراتيجي الثالث:

ضمان حماية المتأثرين مع مراعاة الفئات الأكثر ضعفاً (الأطفال والنساء وكبار السن وذوو الإعاقة)، عن طريق إدارة قضايا الحماية، والصحة الجسدية والنفسية، وتقديم الدعم النفسي الاجتماعي.

طرائق الاستجابة الإنسانية

تدعم الأمم المتحدة الجهود المبذولة لضمان الاستجابة الإنسانية المنسقة لجميع المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية، مستندة في ذلك إلى "طرائق الاستجابة"، ويشير هذا المصطلح إلى ثلاث طرائق معتمدة للاستجابة الإنسانية في الحالات الطارئة، وهي:  

  1. الاستجابة المنسقة للفريق القطري للعمل الإنساني: وتمثل الاستجابة التي تقوم بها الجهة المحلية المعنية بالعمل الإنساني على مستوى القطر.
  2. الاستجابة المنسقة بين الوكالات عبر الحدود: تمثل الاستجابة التي تقوم بها المنظمات غير الربحية، ومؤسسات المجتمع الأهلي.
  3. الاستجابة المنسقة عبر الحدود: وتمثل الاستجابة التي تقوم بها جهات وهيئات دولية من خارج القطر المتضرر.

استراتيجيات الاستجابة الطارئة في القطاع الإنساني

إن توسيع نطاق الاستجابة الإنسانية يشتمل على توسيع البرامج، وتحشيد الشركاء في كل القطاعات لتقديم المساعدات وتوفير الغذاء، والمياه، والمأوى، والخدمات الصحية عاجلاً، وهذا يجعل استراتيجية الاستجابة الإنسانية لكل قطاع تختلف عنها في القطاع الآخر، وفيما يلي نوضح استراتيجيات الاستجابة الإنسانية لكل قطاع من القطاعات الحيوية: 

  • استراتيجية الاستجابة في قطاع التغذية

تستخدم الجهات المسؤولة عن الاستجابة في قطاع التغذية طرائق مختلفة للاستجابة للحاجة إلى التغذية بين الأطفال والنساء الأكثر تضرراً، تتضمن:

  • استخدام المرافق الصحية الثابتة القائمة للعلاج بالتغذية من خلال تعزيز آليات الإحالة، وتوافر الإمدادات والسلع الأساسية، وموظفي التغذية المهرة في المناطق المتأثرة.
  • الاستعانة بفرق التغذية المتنقلة لتقديم خدمات التغذية في مراكز الإيواء والمواقع التي يصعب الوصول إليها.
  • استخدام منصات القطاعات الأخرى لتقديم رسائل توعوية بشأن التغذية، وتوزيع السلع الوقائية المغذية، مثل البسكويت عالي الطاقة، والمكملات الغذائية منخفضة الدهون، ومسحوق المغذيات الدقيقة للأطفال الذين تقل أعمارهم عن عامين مع وجبات جاهزة للأكل.
  • إنشاء زوايا/ مساحات للإرضاع الطبيعي، وتغذية الرضع والأطفال الصغار في مراكز الإيواء المؤقتة والمخيمات والتجمعات غير الرسمية لتوفير خدمات تغذية الرضع والأطفال الصغار الآمنة والفعالة والشاملة في حالات الطوارئ.

 

  • استراتيجية الاستجابة في قطاع المياه والصرف الصحي والنظافة

تعمل الاستجابة الإنسانية في مجال المياه والصرف الصحي والنظافة على تلبية احتياجات المتأثرين من خلال:

  • توفير إمكانية الوصول الفوري إلى خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة في مراكز الإيواء الجماعية ومراكز الاستقبال.
  • توفير الإصلاحات الطارئة وإعادة التأهيل محدود النطاق والدعم التشغيلي لشبكات المياه والصرف الصحي، ومرافق المياه والصرف الصحي والنظافة.
  • التنسيق مع قطاع الصحة بهدف الوصول للاستخدام الآمن لمرافق المياه على الفور، ويشمل ذلك -على سبيل المثال لا الحصر- خزانات المياه المرتفعة. ويجب تكثيف أنشطة التوعية بمسألة النظافة الصحية فيما يخص الحاجة إلى تكثيف الممارسات الصحيحة للنظافة الصحية، ومعالجة المياه بالكلور لغسل اليدين وتخزينها للاستعمال اليومي.

 

  • استراتيجية الاستجابة في قطاع تنسيق وإدارة المخيمات

تتمثل استراتيجية الاستجابة في قطاع تنسيق وإدارة المخيمات في إنشاء مراكز جماعية، ومراكز استقبال مخصصة للمتأثرين. ويتحقق هذا الأمر من خلال تحديد مراكز الإيواء الجماعية ومراكز الاستقبال وتطويعها لضمان ملاءمتها للإقامة المؤقتة وفقاً للمعايير الإنسانية، وتوفير خيام الطوارئ وغيرها من أشكال مراكز الإيواء المؤقتة عند الحاجة.

  • استراتيجية الاستجابة في قطاع الصحة

تركز الاستجابة في القطاع الصحي على التدخلات المنقذة للحياة أساساً، وتلبية الاحتياجات الصحية قصيرة المدى والفورية للمتأثرين، وبخاصة الفئات المعرضة للخطر كالنساء الحوامل وأصحاب الأمراض المزمنة، وذوي الاحتياجات الخاصة حيث تحتاج هذه الفئات إلى خدمات رعاية صحية أساسية وطارئة.

كما أن الاستجابة في قطاع الصحة تتطلب التنسيق مع قطاعات أخرى، مثلاً مراقبة الأمراض وإدارة التفشي، ومنها مكافحة ناقلات الأمراض كالكوليرا والملاريا، من خلال إدارة التدخلات المشتركة مع الاستجابة في قطاع المياه والصرف الصحي والنظافة، والتعاون بين قطاع الصحة والتغذية في التصدي لسوء التغذية في صفوف الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل والمرضعات، من ذلك فقر الدم لدى الأمهات، وسوء التغذية الحاد الشديد المصاحب لمضاعفات طبية، والإحالات، وتوفير المستلزمات لوحدات طب الأطفال في المستشفيات.

نلاحظ أن كل هذه الاستراتيجيات وضعت للحفاظ على حياة الإنسان، وتوفير احتياجاته الأساسية وضمان وصوله لها بكرامة وعدم الانحياز لأي فئة أو طرف.

إن للاستجابة الطارئة في القطاع الإنساني أثر إيجابي كبير في المجتمع والبيئة، لكونها تدعم الجانب الاجتماعي والنفسي للإنسان الذي تعرض لظروف استثنائية من الممكن أن تفقده ليس تعافيه الجسدي فحسب، وإنما أيضاً النفسي، كما أن الاستجابة الإنسانية تتضمن ممارسات صديقة للبيئة، وتحافظ على التوازن البيئي في المنطقة المتأثرة. 

شارك هذا المقال

تواصل معنا

نرحب بكافة استفساراتكم وتساؤلاتكم...