الابتكار الاجتماعي
آفاق جديدة للتعرف على جمهورك: تحليل الشبكات الاجتماعية والمسوح السلوكية

مجلة اتجاهات الأثر الاجتماعي - العدد 20

آفاق جديدة للتعرف على جمهورك: تحليل الشبكات الاجتماعية والمسوح السلوكية

   ميمونة مليباري

عندما تكون صاحب عمل أو تدير مؤسسة تقدم خدمات للجمهور، وتبحث عن طرق لفهم تفضيلات عملائك، لبناء تجارب وخدمات خارج القوالب النمطية، فقد تكون بحاجة إلى التعرف على بعض الأدوات، التي تسهم كثيراً في تطبيق الاقتصاد السلوكي.

تخيل أنك تمتلك مفتاحاً سحرياً، يمكنه كشف تفضيلات عملائك وسلوكياتهم، هذا المفتاح يتمثل في أدوات، مثل تحليل الشبكات الاجتماعية والمسوح السلوكية، والتي أصبحت أدوات لا غنى عنها في عالم الأعمال والحكومات على حد سواء، وتجدها مطبقة كثيراً في المبادرات الحكومية المختلفة في المملكة العربية السعودية، والتي تركز كثيراً على الإنسان، وابتكار الخدمات والمنتجات المتمحورة حوله.

فمن خلال تحليل الشبكات الاجتماعية والمسوح السلوكية، يمكن لصناع القرار في القطاع الاجتماعي تصميم برامج تعتمد على فهم دقيق للسلوكيات والأنماط الاجتماعية، هذا يعزز من فاعلية التدخلات، ويحقق نتائج مستدامة ومؤثرة في تحقيق رؤية السعودية 2030، في المستقبل يمكن أن نشهد تقدماً محتملاً في منهجيات تحليل الشبكات الاجتماعية والمسوح السلوكية، مما سيسهم في دعم رؤية 2030 بنحو أكبر من خلال الابتكار المستمر، والتكيف مع الأدوات القياسية السلوكية.

يأتي دور تحليل الشبكات الاجتماعية كونه أداة لفهم العلاقات والاتصالات بين الأفراد أو الكيانات المختلفة داخل الشبكة، من خلال هذه الرؤية يمكننا تحديد الأفراد المؤثرين، ومسارات انتقال المعلومات داخل المجتمع، لنأخذ مثالاً حياً: مشروع "نيوم"، أحد أكبر المشروعات الطموحة في العالم، باستثمارات تتجاوز 500 مليار دولار، فإن التركيز على الاستدامة والابتكار والتعاون بين مختلف أصحاب المصلحة يشير إلى أن المشروع يستخدم أساليب متقدمة في التخطيط والتنفيذ، والتي قد تتضمن استخدام تحليل الشبكات الاجتماعية، لتحديد العلاقات بين أصحاب المصلحة والمجتمعات المحلية.

وعندما نلقي نظرة على مؤسسة الملك خالد، نجدها قد استخدمت تحليل الشبكات الاجتماعية لتحديد القادة المجتمعيين، الذين يمكنهم تعزيز مبادرات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، هذا النوع من التحليل يمكنه أن يغير طريقة تفكيرنا وعملنا، مما يعزز من فاعلية التدخلات ويحقق نتائج مستدامة.

أما المسوح السلوكية، فهي أدوات أساسية لجمع البيانات حول سلوكيات الأفراد ومواقفهم وتصوراتهم، في برنامج "تطوع السعودية"، استخدمت هذه المسوح لجمع بيانات حول توجهات الشباب وسلوكياتهم نحو العمل التطوعي، هذه البيانات القيمة ساعدت على تصميم حملات تشجيع أكثر فاعلية، مما زاد من عدد المتطوعين وعزز روح العمل التطوعي في المجتمع.

وإذا انتقلنا إلى مبادرة "التحول الوطني 2020"، نجد أن البرنامج يعتمد على التقييم المستمر والتحسين، مما يتطلب بالضرورة جمع البيانات وتحليلها، لتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين، هذا النهج يتيح تصميم تدخلات مخصصة للتغلب على العوائق وتحقيق التحسينات المطلوبة.

السياحة تلعب دوراً رئيسياً في تحقيق رؤية السعودية 2030، تهدف الرؤية إلى تنويع الاقتصاد، وتعزيز القطاع السياحي، كونه أحد المحركات الرئيسية للنمو الاقتصادي، المملكة تستهدف جذب 100 مليون زائر سنوياً بحلول عام 2030، لتحقيق هذا الهدف الطموح، تعتمد المملكة على الابتكار في القطاع السياحي باستخدام تحليل الشبكات الاجتماعية والمسوح السلوكية.

على سبيل المثال: استخدمت "الهيئة السعودية للسياحة" المسوح السلوكية، لفهم توقعات السياح وتفضيلاتهم، هذه البيانات ساعدت على تصميم برامج سياحية مبتكرة وجذابة، تلبي احتياجات الزوار، بالإضافة إلى ذلك يمكن لتحليل الشبكات الاجتماعية تحديد الروابط بين الفاعلين الرئيسيين في قطاع السياحة لتعزيز التعاون وتبادل المعرفة.

وفي موسم الرياض، الذي جذب في عامه الأخير أكثر من 7 ملايين زائر، استخدمت المسوح السلوكية، لفهم احتياجات الزوار وتوقعاتهم، مما ساهم في تحسين التجربة السياحية، وجذب المزيد من الزوار.

ولتطبيق هذه الأدوات بفاعلية يجب البدء بتحديد الأهداف المراد تحقيقها، من خلال تحليل الشبكات الاجتماعية والمسوح السلوكية، يمكنك جمع البيانات من خلال استبيانات عبر الإنترنت أو مقابلات شخصية، ثم تحلل هذه البيانات باستخدام برامج تحليل متقدمة، مثل: "Gephi" أو "NodeXL"، لفهم الشبكات الاجتماعية، وبرامج تحليل إحصائي، مثل: "SPSS"، لتحليل نتائج المسوح السلوكية. بمجرد جمع البيانات وتحليلها، يمكن استخدامها لتصميم استراتيجيات مخصصة، تتماشى مع تفضيلات عملائك وسلوكياتهم، مما يسهم في تحسين خدماتك وزيادة رضا العملاء.

ختاماً: تحليل الشبكات الاجتماعية والمسوح السلوكية ليس مجرد أداة تحليلية، بل مفتاح لفهم عميق للسلوكيات الاجتماعية والتوجهات، من خلال هذه الأداة، يمكن تصميم استراتيجيات فعّالة تحقق تأثيراً مستداماً، مما يسهم في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030، وتعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي.

شارك هذا المقال

تواصل معنا

نرحب بكافة استفساراتكم وتساؤلاتكم...