مجلة اتجاهات الابتكار الاجتماعي - العدد 14
أفضل ممارسات الابتكار السياحي في العالم العربي
تعد السياحة من الموردات الكبرى والهامة التي تعود بالنفع على الدول في المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، ولما كان لدورها هذه الأهمية كان لا بد من الشروع في تحسين السياحة وتسهيلها لمواكبة التطورات السريعة والمتزايدة حول العالم.
ولتفصيل الحديث عن الأمور المتجددة في مجال السياحة عربياً نحتاج أولاً لفهم المشهد السياحي المتبع في بعض الدول العربية، لتوضيح أبرز النقاط الهامة والمتفقة مع معايير السياحة العالمية، وللتنويه إلى بعض النقاط التي تحتاج مزيداً من الاهتمام.
الابتكار السياحي في سلطنة عمان:
شهدت سلطنة عمان في الآونة الأخيرة تطوراً ملحوظاً مصاحباً للابتكار في جميع الميادين الاقتصادية، من خلال إعداد الرؤية المستقبلية "عمان 2040"حيث شجعت الحكومة على الابتكار بما يخدم مصالح السلطنة، ويضمن الحفاظ على مواردها الطبيعية وحمايتها، وينعش الاقتصاد فيها. من خلال بناء اقتصاد متنوع ومتفاعل مع معطيات العولمة، وقادر على المنافسة وتلبية احتياجات المواطنين حاضراً ومستقبلاً.
وتتطلع رؤية "عمان 2040" إلى تحقيق التوظيف الأمثل لجميع المقومات التي تنعم بها السلطنة على المستوى الطبيعي والتراثي والثقافي، وجذب الاستثمار في قطاعات مختلفة أهمها: الاستثمار في المياه والطاقة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والنقل واللوجستيات، بالإضافة إلى إنشاء المدن الذكية.
تمخض عن رؤية "عمان 2040" "مشروع حي الساحل" الذي يعد أول مشروع سياحي في السلطنة متكامل الخدمات.
اشتمل المشروع على خدمات توزعت في جوانب رئيسة: سياحية وسكنية وترفيهية، تضمن الجانب السياحي إنشاء ثلاثة فنادق بتصنيف (3و 4 و5) نجوم وصل عددها إلى 750 غرفة، وأكاديمية للغولف.
بينما ضم الجانب الترفيهي حديقة ألعاب، وممشى بوليفارد الذي يحتوي على محال تجارية مع مجموعة من المطاعم والمقاهي، كما ضم عدد من صالات السينما، ولإبراز الهوية التراثية لعمان شُيّد نادٍ للفروسية وركوب الجِمال.
وأشار المشروع إلى أهمية إنشاء مرسى عائم لاستقبال السفن، مما سيسهل من حركة تنقل الزوار والسياح بين مسقط و بين الموانئ السياحية الأخرى، ما يدعم السياحة البحرية.
قدرت كلفة "مشروع حي الساحل" بحوالي 385 مليون ريال عماني أي ما يقارب المليار دولار أميركي.
مشروع أوسارا
فكرة المشروع طُبقت في عام 2022، كما وضحت (مدينة بنت أحمد باعمر) أحد مؤسسي المشروع، والذي يهدف إلى تقديم وجهة سياحية جاذبة، ودخول قطاع السياحة في سلطنة عمان عالم الابتكار من بوابة التراث، ولمنح الفرصة للشباب العماني بالمشاركة في مشروعات مبتكرة ومتنوعة، للمساهمة في سطوع شمس التطور والابتكار في عمان برؤية شبابية محلية[1].
مشروع اوسارا واحد من أفخم المشروعات الابتكارية الشاطئية في الشرق الأوسط، يقع في مدينة ريسوت بولاية صلالة، وهو مشروع سياحي ترفيهي شبابي محلي صديق للبيئة، مجهز بأبسط الإمكانيات وأعظم الأفكار المرتبطة بثقافة التراث العماني.
يتميز المشروع بأنه فكرة مبتكرة بحتة من الإرث الثقافي العماني، فترى على طول الشاطئ سوقاً تكثر فيه الأبنية التي تأخذ شكل الخيام المنصوبة والتي صُنعت من الخشب المعاد تدويره، يتسم السوق بتنوع المحال المختصة بالتجارة السياحية للتراث العماني، فمثلاً نرى المحلات والمقاهي التي تحتوي على الأطعمة والمشروبات المتميزة في عمان، والمحلات التي تحتوي على العروض والحرف الشعبية، الأمر الذي يساهم في تعرف الزوار السائحين على ثقافة البلد وعراقته.
كما يضم اوسارا ساحة تتنوع فيها الجلسات العائلية للاسترخاء والاستمتاع بمنظر البحر، ويتصف الشاطئ بتعدد الرياضات الترفيهية فيه من ركوب الخيل والسباحة، وأيضاً تتوافر تجارب تختص بالمغامرات على سطح البحر من ركوب السفن والدراجات البحرية[2].
أخيراً وليس آخراً، تكمن الاستفادة الحقيقية من المشروعات السياحية في سلطنة عمان، من خلال المحافظة عليها وإدخال عناصر التجديد والإبداع فيها بشكل دائم، وتكاتف الجهود في تسريع وتيرة المشروعات قيد الإنشاء، والتعجيل في توزع الاستثمار فيها، فكلما نافست المشروعات تطورات العصر كلما زادت العوائد الإيجابية على الدولة.
الابتكار السياحي في مصر:
تعتمد مصر في اقتصادها بشكل كبير على السياحة حيث يعد القطاع السياحي ثاني أكبر قطاعات النمو فيها، وذلك لغناها بالآثار القديمة والمنتجعات السياحية الحديثة، ولموقعها الاستراتيجي المتميز كونها نقطة اتصال القارتين الآسيوية بالأفريقية.
شاركت وزارة السياحة والآثار المصرية في المؤتمر العلمي الذي نظمته كلية السياحة والفنادق-جامعة الإسكندرية، والذي أقيم بمدينة العلمين التي تتميز بشهرتها السياحية، وبكثرة الأنشطة الثقافية والفنية المتنوعة فيها، كان المؤتمر يحمل عنوان" الابتكار في صناعة السياحة في ظل التغيرات العالمية المعاصرة" أشارت فيه نائب وزير السياحة الأستاذة (غادة شلبي) إلى النجاح الذي حققته السياحة المصرية، مؤكدة على أن هذا النجاح يرجع بشكل أساسي إلى الاستراتيجية التي تطمح الوزارة لاتباعها والتي تهدف إلى تحقيق 30 مليون سائح في عام 2028.
كما لفتت شلبي النظر إلى دمج السياحة بالتكنولوجيا من خلال منح مصر تيسيرات كثيرة لتأشيرات الدخول والتي كان من بينها حصول سائحي 180 دولة على تأشيرة الدخول عن طريق البوابة الإلكترونية، هذا و اتخذت الوزارة الكثير من الإجراءات في مجال تطبيق التحولات الرقمية في عدد من المحاور السياحية والأثرية.
وكان من الإنجازات المهمة التي قدمتها وزارة السياحة والآثار مبادرة " اكتشف مصر من بيتك" والتي حازت على إشادة الصحافة العالمية، تضمنت المبادرة إطلاق جولات افتراضية ورحلات إرشادية للمناطق الأثرية والمتاحف عبر الصفحات الرسمية لوزارة السياحة على شبكة الإنترنت، و اشتملت الرحلة على جولات باستخدام الواقع الافتراضي للمجموعة الهرمية للملك " أوناس" ومقبرتي "محو" و "واحتي" في منطقة سقارة[3].
في نوفمبر من عام 2022 شاركت مصر في بورصة لندن الدولية السياحية، استعرضت فيها أبرز ما تمتلكه من مقومات سياحية، وأخذت تقنية الواقع المعزز الزوار في رحلة عبر الزمن إلى مصر لمشاهدة المواقع الأثرية فيها. وقامت صفحة وزارة السياحة والآثار المصرية بنشر فيديو توضيحي عن التقنية عبر صفحتها على الفيسبوك، للاطلاع على الفيديو يرجى زيارة صفحة الوزارة على الفيسبوك Ministry of Tourism and Antiquities
في عام 2021 تم اختيار مصر ضمن أفضل 100 وجهة سياحية حول العالم، وذلك حسب استطلاع للرأي نشرته صحيفة تايم الأميركية.
بالإضافة إلى ذلك، تتميز مصر بكثرة وتنوع الأماكن العلاجية الطبيعية فيها من عيون وينابيع وآبار، وبوفرة الخدمات من منشآت صحية مؤهلة، وأطباء متميزين، ما يجعلها الوجهة الرئيسية لجميع الذين يرغبون في المعالجة والاستشفاء.
فما هي السياحة الاستشفائية، وما الذي قدمته مصر في سبيل تسهيلها؟
السياحة الاستشفائية: يقصد بها السفر بهدف العلاج أو الاستجمام والترويح عن النفس.
وفي مبادرة لتحسين وتسهيل السياحة العلاجية أطلقت مصر منصة إلكترونية مبتكرة لمنظومة السياحة العلاجية، ونوه المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة والسكان السيد (حسام عبد الغفار) إلى أن بلاده تستهدف التواجد في المراتب الخمس الأولى بين الدول الأكثر استقبالاً للسياحة العلاجية في العالم.
وبحسب الإحصائيات حققت مصر عوائد من السياحة العلاجية تجاوزت 12.2 مليار دولار في نهاية عام 2022، وكانت تهدف في 2023 لرفعها إلى نحو 14 مليار دولار.
ختاماً، تجدر الإشارة إلى ضرورة الاهتمام أكثر بما يخص تدعيم الأماكن السياحية بالأمان، وتكثيف المراقبة على الشواطئ المفتوحة عبر استخدام رادارات تنبيه بوجود الخطر قبل وقوعه، حرصاً على سلامة السياح وسلامة القطاع السياحي في مصر.
الابتكار السياحي في الإمارات العربية المتحدة:
تعتبر الإمارات من الدول العربية الرائدة في مجال التطور والابتكار السياحي، ويظهر حرصها وسعيها في هذا المجال من خلال إطلاقها لمبادرة "الإمارات تبتكر" في فبراير عام 2021. تهدف المبادرة إلى دعم الأفكار و المشروعات المبتكرة على كافة الأصعدة والنشاطات التي تنهض بالدولة إلى مستويات بعيدة من التقدم والازدهار. وكان من ضمن هذه المبادرة مسابقة أعلنت عنها دائرة التنمية السياحية بالتشارك مع جامعة عجمان تحمل عنوان "جائزة المبتكر السياحي" تتطلب هذه المسابقة صياغة وتقديم حملة جاذبة ومبتكرة باستخدام ثلاثة أشكال من الوسائط الإعلامية بهدف جذب السياح بطريقة إبداعية، وتتكون من ثلاث فئات، أولها: فئة السياحة المستدامة، والثانية: تجربة السائح، أما الثالثة: فكان محتواها عن الصناعات الثقافية والإبداعية التي عُرفت بها إمارة عجمان.
شملت المسابقة جميع من يرغب من الطلاب بالمشاركة فيها من كل جامعات الإمارات، وقُسمت الجوائز على ثلاثة مراكز الأول يحصل على 5000 درهم، والثاني على 3000 درهم، والثالث على 2000 درهم.
كما كان لدمج التطور التكنولوجي مع الابتكار دوراً هاماً في تنشيط وتعزيز السياحة والذي نتج عنه
"منصة دبي الذكية" فما هي هذه المنصة، وما الخدمات التي سعت إلى تقديمها؟
منصة دبي الذكية:
منصة على الإنترنت، تقدم العديد من الخدمات والحلول الذكية التي يمكنك الاستمتاع بها كمواطن أو وافد أو سائح أو مستثمر.
الهدف من إنشائها هو توليد موقع إلكتروني موحد يحتوي على عدد كبير من الخدمات المتنوعة لتوفير الوقت والجهد، تمتاز الخدمة فيها بجودة عالية في مجالات كثيرة منها: السكن، الصحة، و الاستثمار، و الوظائف، و الأعمال، ووسائل النقل.
على سبيل المثال، سهلت "دبي الذكية" للمسافرين القادمين والمغادرين عبر مطارات دبي إنهاء إجراءات مراقبة الجوازات في غضون ثوان، باستخدام البوابة الذكية التي تتميز بخاصية الإجراء السهل من خلال التعرف على بصمة العين لإتمام المعاملة، وهي من النقاط الإيجابية جداً التي تحسب لصالح حكومة دبي في سبيل مواءمة التطور السريع من خلال تحسين وتسريع هيكلية حركة القدوم والمغادرة والتخلص من الروتين المضجر ما يدفع بعجلة السياحة إلى الأمام.
في عام 2020 تم اختيار إمارة دبي من قبل شركة Accenture -شركة عالمية مختصة بالاستشارات الإدارية والخدمات الرقمية والتقنية وخدمات التشغيل- لإطلاق مركز دبي للابتكار السياحي بهدف تقديم حلول تقنية جديدة ومبتكرة لقطاعات السياحة والسفر.
في 16 أبريل من عام 2024 تسببت الأمطار الغزيرة في الإمارات بخسائر كبيرة في البنية التحتية، كما شلت حركة السفر بسبب إغلاق المطارات.
كشفت هذه الظاهرة عن مواطن الضعف التي تحتاج إلى تضافر الجهود المعنية في سبيل الاهتمام أكثر بمشاريع الصرف الصحي فكلما كانت الخدمات متوائمة كانت الحياة أسهل.
الابتكار السياحي في الأردن:
تظهر الأردن كمركز جذب سياحي لما تمتلكه من مقومات سياحية، وجو معتدل لطيف. وحرصت الجهات المعنية في الأردن على بذل الجهود في تقديم ووضع مقترحات مبتكرة في خدمة السياحة، ولجذب المزيد من السياح.
و في تقرير نشرته (CNN Arabic) 2023، أعلنت منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة (Unwto) الأردن مركزاً ومقصداً إقليمياً للسياحة العلاجية في الشرق الأوسط.
أما بالنسبة لدمج الابتكار التكنولوجي مع السياحة في الأردن فلا يزال متواضعاً بعض الشي، بسبب طغيان السياحة التقليدية في عمليات الترويج والإعلانات.
وفي إطار سعي الأردن نحو الوصول إلى مصاف دول الجوار، قام المعنيون بتذليل العقبات للنهوض بالسياحة، فأدخلوا الابتكار التكنولوجي من خلال مشروع إنتاج فيلم عن المدينة الوردية مدينة البتراء بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتم اختيار مدينة البتراء لما تحتويه من إرث ثقافي وسياحي وتاريخي متميز، حيث تمكّن هذه التقنية الأشخاص من أي دولة في العالم بالتجول في المدينة افتراضياً.
تساعد السياحة عبر الواقع الافتراضي في السفر حول جميع أرجاء العالم من المنزل، ما يمكّن الأشخاص الذين لديهم خوف من الطيران من زيارة الأماكن السياحية بسهولة أكبر.
يتبادر سؤال في الأذهان وهو كيف يمكن أن تستفيد الحكومة من السياحة الافتراضية من الناحية الاقتصادية؟
أولاً: يشجع الواقع الافتراضي رغبة السائح في تكرار الزيارة للمدينة لكن هذه المرة على أرض الواقع، وذلك بعد استعراض الواقع الافتراضي لكل ما تمتاز به المدينة من منشآت، وآثار. وهذا يحسب لصالح الحكومة من خلال نجاحها التسويقي في التشجيع على السياحة.
ثانياً: عوائد مالية تعود على الحكومة من خلال المشاهدة الافتراضية، لكن تعد تكلفة السياحة الافتراضية أقل من السياحة على أرض الواقع بسبب غياب عنصري النقل والإقامة، حيث بلغت تكلفة المشاهدة عن طريق الواقع الافتراضي VR حسب تجارب سياحية قام بها بعض الأشخاص 200-250 دولار أميركي.
تجدر الإشارة إلى الحاجة في تسريع وتيرة اعتماد تفعيل التذاكر الإلكترونية لتسهيل حركة السياحة في الأردن، وزيادة الاهتمام في مجال تقديم الخدمات.
الابتكار السياحي في قطر:
تمتاز قطر بكونها من الدول المتقدمة سياحياً نظراً لما توفره الجهات المعنية فيها من إمكانيات عالية لمنافسة الدول الكبيرة عالمياً في جميع المجالات ليس فقط في السياحة، وساهمت الكثير من العوامل في ازدهار القطاع السياحي في دولة قطر كان أبرزها الحدث العالمي استضافة قطر لكأس العالم 2022، من خلال هذا الحدث سنستعرض الأفضل من التقنيات التي استُخدمت في سبيل تقديم رؤية عالمية لدولة قطر في مجال الابتكار والتطور السياحي.
أولاً: منصة هيا:
أتاحت المنصة للجماهير الحاصلة على بطاقتها دخول قطر دون تأشيرة، توفيراً للوقت والجهد في الروتين المتبع في أثناء الحصول على التأشيرة، كما قدمت المساعدة للجماهير من خلال كيفية الحصول على التذاكر، ووفرت لهم البحث عن أماكن للإقامة.
ثانياً: تقنية Feelix Palm:
كانت أول منصة ترفيهية في العالم على طريقة بريل، مكنت الأشخاص المكفوفين من متابعة أحداث المباريات، اعتمدت التقنية على اللمس الكهربائي لنقل رسائل تشبه طريقة بريل لكن دون تقييد لحركة المستفيد.
كما تحدثت وسائل إعلامية عن إنشاء قطر لغرف المشاهدة الحسية Sensory viewing rooms لتوفير مساحات آمنة وهادئة للأشخاص المتوحدين.
برعت قطر فيما قدمته من إنجازات ابتكارية في أثناء هذا الحدث العالمي، فلفتت الأنظار العالمية إليها، وأصبحت حديث وسائل الإعلام الغربية وهي منبهرة من التطور الحاصل فيها.
النقطة المأخوذة على هذا التنظيم والتي عانى منها أغلب السياح الذين حضروا النهائيات كانت فقط في التكلفة فكان ثمن الشيء أضعاف ثمنه الحقيقي في بلدان أخرى.
الابتكار السياحي في تونس:
تبدي تونس اهتمامها الكبير بالسياحة كونها من المصادر التي تعتمد عليها في تحسين الحياة هناك، يتجلى هذا الاهتمام من خلال ما قامت به الحكومة من إنشائها للمشاريع السياحية، والحملات الترويجية الخاصة بالسياحة فيها، وأيضاً من خلال اتباعها لأحدث الأساليب الابتكارية التي تشد السياح، فما هي المستجدات والقرارات التي أحدثتها تونس، وما الذي سعت إليه لتطوير المجال السياحي فيها؟
في نوفمبر عام 2023 افتتح وزير السياحة التونسي (محمد المعز بلحسين) مؤتمر "الشراكات الموجهة نحو الابتكار السياحي" والذي أقيم تحت إطار تطوير السياحة المستدامة بالتعاون مع عدة جهات أوروبية، كانت الغاية من هذا المؤتمر رسم حدود المشروع المشترك عن طريق تأهيل المؤسسات السياحية، وتحسين قدرتها التنافسية حيث أشار بلحسين إلى دور هذا المشروع في تعزيز تنافسية الوجهة التونسية كوجهة سياحية مستدامة.
برنامج تونس الذكية:
تظهر مساعي الحكومة في التوجه نحو التحول الرقمي من خلال إطلاق مبادرة وطنية للشركات المهتمة في المجال الرقمي لتعزيز الاستثمار فيه ما ينعكس على تنشيط الحركة السياحية الداخلية والخارجية، يهدف المشروع إلى استقطاب الكفاءات من جميع أنحاء العالم للعمل على تطوير المجال التكنولوجي في تونس، كما يتطلع إلى دمج تونس في أعمال الريادة في المجال الرقمي في القارة الأفريقية.
يعد الجنوب التونسي غنياً بالمناظر الطبيعية الجاذبة للسياح، وصُنّف ضمن قائمة أفضل عشر وجهات سياحية في العالم حيث احتل المرتبة الخامسة في تصنيف روتار الدليل الخاص بالسياحة والسفر.
لفت السيد (مهدي الحلوي) مدير السياحة الصحراوية في تونس الأنظار إلى نجاح تونس بجذب سياح جدد من خلال إنشائها لبوابة رقمية للتعريف بمدينة توزر.
تجدر الإشارة إلى استعادة السياحة أوجها في تونس مع نهاية 2023 بتسجيلها ل 8،8 مليون سائح.
لا تزال محاولات تونس في مجال الابتكار السياحي خجولة وتحتاج إلى مزيد من الاهتمام من قبل المعنيين فيها، وإلى تفعيل دور السرعة في عملية تنفيذ القرارات، فالإمكانات متاحة لكن التقدم في هذا المجال بطيء.
خاتمة:
على الرغم من تميز الوطن العربي بغناه بالمواقع الأثرية والثقافات المتنوعة، إلا أنه يفتقر إلى تكاتف الجهود لتحسين القطاع السياحي فيه، على سبيل المثال: لوحظت كثرة النفايات في المواقع السياحية في بعض الدول ما يستدعي فرض المعنيين للإجراءات الصارمة حفاظاً على المظهر الحضاري، وترغيباً للسياح في تكرار زيارتهم.
كما أن معظم الدول العربية مفتقرة لثقافة الابتكار السياحي، في حين لو أنها أدخلتها في مشاريعها واهتمت بها وسارت على خطى الدول التي تنتهجها لاجتذبت أضعاف ما تجتذبه دونها.