الابتكار الاجتماعي
الأثر الاقتصادي والاجتماعي للقطاع الثقـافي والإبـداعي

مجلة اتجاهات الأثر الاجتماعي - العدد 19

الأثر الاقتصادي والاجتماعي للقطاع الثقـافي والإبـداعي

   محمد السعيد

توطئة

لن أتعبكَ -صديقي القارئ- بمقدمةٍ طويلة، تُصيبك بالملل والفتور، أو تصرفك عن قراءة الـمقال، سأدخل معك في الموضوع مباشرةً، وكما يقول المثل: الكتاب واضح من عنوانه، فهذا المقال أيضاً واضح من عنوانه، فالقطاعان الثقافي والإبداعي يشملان مجموعةً واسعة من الخدمات، والمنتجات، والتقاليد، كالتراث الشعبي، والكتب، والمكتبات، والمخطوطات، وجميع أعمال النشر، والسينما، والفنون البصرية، والمسرحية، والاستعراضية، والتشكيلية، والحرف اليدوية والفنية، والنحت، والرسم والعمارة، والطعام والشراب، والموسيقا والأزياء.

وتتألف هذه القطاعات من جميع الأعمال التي تعتمد أنشطتها على القيم الثقافية، أو غيرها من أشكال التعبير الإبداعي الفردي أو الجماعي الفني، وتعد مهمة لضمان التنمية المستمرة للمجتمعات، وهي في قلب الاقتصاد الإبداعي، إذ تعتمد على المعرفة المكثفة وعلى الإبداع والموهبة الفردية، وتولّد ثروة اقتصادية كبيرة، وتظهر نمواً أعلى من المتوسط وتخلق فرص العمل، وخاصةً لفئة الشباب، والأهم من ذلك أنها تولي اهتماماً كبيراً بإضفاء إحساس مشترك بالهوية والثقافة والقيم بين أفراد المجتمع، وتعمل على تعزيز التماسك الاجتماعي[1].

في القرنين التاسع عشر والعشرين أغفل الفكر الاقتصادي التقليدي –مدة ازدهاره- دور الثقافة في تحقيق التنمية الاقتصادية لصالح عوامل مثل التقدم التكنولوجي وتوافر البنية التحتية، وعدَّ الاقتصاد والثقافة جانبين غير متوافقين من الحياة الاجتماعية وفقاً لأفكـار الحياة الماركسية، لكن بعد نجاح التجربة الصينية بالاعتماد على الثقافة في توفير مناخ ملائم للنمو وتنفيذ برامج الإصلاح، باتت الثقافة جزءاً مهماً من خريطة التنمية الاقتصادية في البلدان الصناعية الكبرى، على نحوٍ ساهم في خلق المزيد من فرص التوظيف وزيادة معدلات النمو الاقتصادي فيها[2].

الاقتصــاد الثقــــــافــي والاقتصاد الإبداعــــــي

الاقتصاد الثقافي (Cultural Economics): هو أحد الفروع الحديثة لعلم الاقتصاد التي ظهرت في التسعينيات من القرن الماضي، كونها أحد مكونات الاستدامة الاقتصادية Economic Sustainability، القائمة على إبداعات البشر في المجالات البيئية، والاجتماعية، والثقافية. يركّز الاقتصاد الثقافي على تطبيق أسس التحليل الاقتصادي على المنتجات الثقافية التي يُنظر إليها بصفتها صناعات قائمة على الابتكار والتنمية الثقافية، تعمل على تطوير رغبات أفراد المجتمع وتفضيلاتهم، وفقاً لمبادئ الاقتصاد السلوكي[3].

كما يهتم الاقتصاد الثقافي بالجوانب الاقتصادية للأعمال الثقافية والفنية إبداعاً، وإنتاجاً، واستهلاكاً، وتوزيعاً، وبطرائق استثمار التراث المادي وغير المادي وآلياته، ويشهد الاقتصاد اليوم تحولات غير مسبوقة بسبب الشروط التكنولوجية، والاجتماعية، والتواصلية المتجددة التي بدأت تفرض أدواتها ومضامينها.

وتجمع اقتصاديات الثقافة بين الشروط المؤسسية والمادية ونمط التدبير، وديناميات التنشيط للقطاعات المرتبطة بالثقافة، فمن خلالها يروج للمنتجات الثقافية، وتحرَّك سوق لها تسمح بخلق التوازن بين العرض والطلب، وبين الإبداع ومقتضيات التدبير، والإنتاج والتوزيع في هذا المجال[4].

وتمثّل اقتصاديات الثقافة رهاناً استراتيجياً يهم البناء الثقافي للمجتمع في وحدته وتنوعه، وفي حاضره ومستقبله، لذلك يعد دعم الدولة عاملاً حيوياً وتحفيزياً لصون النسيج الثقافي الوطني وتطويره، وشرطاً يساعد الحركة الثقافية على الإبداع، وعلى المنافسة الثقافية في سياق العولمة وتنامي المنتجات غير المادية[5].

يُعرّف الاقتصاد الإبداعي: على أنه مجموعة من الصناعات الفنية، والثقافية، والتصميمية، والابتكارية، وما تولّده هذه الصناعات من أثر اقتصادي ضمن منطقة جغرافية محددة[6]، وإلى جانب كونه واحداً من أسرع القطاعات نمواً في الاقتصاد العالمي، يتميَّز بالقدرة على توليد الدخل، وخلق فرص العمل، وتعظيم عائدات التصدير.

في يناير 2021 صدر "تقرير الاستثمار المؤثر في الاقتصاد الإبداعي Impact Investing In The Global Creative Economy" بالتعاون بين ثلاث مؤسسات: Nesta، وFundación Compromiso وUpstart Co-Lab، ويهدف التقرير إلى جذب الانتباه إلى إمكانية الاستثمار المؤثر في الاقتصاد الإبداعي العالمي، ويبيِّن التقرير أن الاستثمار المؤثر الذي يستهدف الاقتصاد الإبداعي على الرغم من كونه أمراً جديداً، إلا أن هناك أمثلة متزايدة للمستثمرين وأصحاب المشروعات المهتمين بالاقتصاد الإبداعي، وقد بدأ مديرو الصناديق في كل من البلدان المتقدمة (منها الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وسويسرا) والبلدان النامية (على سبيل المثال: في جميع أنحاء شرق أفريقيا) بإطلاق أدوات استثمارية تربط الاستثمار المستدام المؤثر[7] بالاقتصاد الإبداعي.

الأثر الاقتصادي للقطاع الثقافي

تشير دراسة صادرة عن اتحاد جمعيات المؤلفين والملحنين (The International Confederation of Societies of Authors and Composers) أن القطاعات الثقافية والإبداعية تحقق إيرادات سنوية تبلغ 2.25 تريليون دولار، وتوفِّر 29.5 مليون وظيفة حول العالم[8] (أكثر من قطاع الاتصالات أو السيارات في العديد من الاقتصادات)، وفي دول مجموعة العشرين[9] تظهر التقديرات أن القطاعات الثقافية والإبداعية تمثل ما بين 1% و2% من الوظائف، و1% و3% من القيمة المضافة، ورغم ذلك فإن هذه التقديرات عليها بعض التحفظات، لأنها لا تشمل الوظائف في قطاعات مثل الهندسة المعمارية، أو التصميم، أو التعليم الثقافي، كما أنها لا تشمل الوظائف الإبداعية في القطاعات غير الإبداعية، (مثل المصممين العاملين في صناعة السيارات)، أو العمل التطوعي الشائع في القطاعات الثقافية والإبداعية[10].

وتؤكد التجارب الدولية على أن الاستثمار الأمثل في مجالات الثقافة، والصرف المالي على قطاعاتها له انعكاسات اقتصادية إيجابية على المجالات البشرية التي تنظم فيها، على أن «الثقافة رافعة للتنمية الاقتصادية» ليس مجرد شعار، بقدر ما هو اختيار للتنشيط الاقتصادي، وخلق فرص عمل، بل إن هناك بلداناً يتبوأ فيها القطاع الثقافي مكانة كبرى، لكونه يدر أرباحاً تتجاوز أحياناً مداخيل بعض الصناعات، فضلاً عن الأدوار الفعلية التي تقوم بها على مستويات التماسك الاجتماعي، والاندماج الاجتماعي، وصيانة التنوع الثقافي وتطويره.[11]

وفيما يتعلّق بفرص العمل التي تولدها هذه القطاعات، من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن أغلب مناصب الشغل التي يوفرها الاقتصاد الإبداعي موجهة على وجه الخصوص إلى فئة الشباب، بقيمة مضافة عالية وبتطوّر سريع جداً في أشكالها، فبعض المهن لم تكن موجودة قبل سنتين أو قبل عام 2020 على أبعد تقدير، هذا إضافة إلى ما يقدمه هذا القطاع من قيمة مضافة للمهن والأعمال الأخرى[12].

الأثر الاجتماعي للقطاعين الثقافي والإبداعي

إن فوائد وجود قطاع ثقافي قوي لا تقتصر على التأثيرات الاقتصادية فقط، فالثقافة تجعل المجتمعات أكثر صحةً وسعادة، وتعمل على تعزيز الاندماج الاجتماعي ورأس المال الاجتماعي المحلي، ويمكن أن تكون المشاركة الثقافية مهمة في تحسين شعور الناس بقيمة الذات، والتحفيز للاستثمار في فضولهم الفكري واستعدادهم للتعلُّم، على سبيل المثال: تعمل المدارس الصينية بنحو متزايد على تعزيز المشروعات التعليمية حول التراث الثقافي غير المادي، كوسيلة لتعزيز الفضول الفكري والمهارات الحسية الحركية، وقد يكون هذا مهماً بخاصة للطلاب من الخلفيات المحرومة[13].  

 كما يمكن للقطاعات الثقافية والإبداعية أن تساعد على دفع آفاق نماذج الأعمال الخضراء الجديدة وأساليبها، من ذلك الاقتصاد الاجتماعي[14]، ويشمل ذلك إعادة الاستخدام الإبداعي للأشياء والسلع، أو دعم التوسع في الاقتصاد الدائري[15]، بالإضافة إلى المساهمة في التخطيط والبنية التحتية والتنقل الصديق للبيئة.

رغم ذلك كثيراً ما لا يعترف بقدرات الثقافة على تنظيم المشروعات والابتكار جيداً، ولا تدمج بالشكل المطلوب في سياسات التنمية الوطنية والمحلية، رغم أن دعم الأعمال الثقافية والإبداعية الجديدة ليس فقط وسيلة لتعزيز نمو القطاع، ولكن أيضاً لدعم الإثراء المتبادل مع القطاعات الأخرى، ويتطلب ذلك تحسين الوصول إلى الائتمان ورأس المال الاستثماري.

تعد القطاعات الثقافية والإبداعية مصدراً مهماً للوظائف والدخل، كما أنها تولد آثاراً غير مباشرة مهمة في الاقتصاد الأوسع، حيث تعمل كمحرِّك للابتكار، ومصدراً للمهارات الإبداعية مع روابط خلفية وأمامية قوية في الاقتصاد، بالإضافة إلى كونها مغناطيساً يساعد على دفع النمو في قطاعات أخرى مثل السياحة[16].

توصيات للمؤسسات والقادة وأصحاب القرار

يُقدّم تقرير "الأثر الاقتصادي والاجتماعي للقطاعات الثقافية والإبداعية" الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (Organization for Economic Co-operation and Development) مجموعة من التوصيات للمؤسسات والقادة وأصحاب القرار للاستفادة من الإمكانات الكاملة للقطاعات الثقافية والإبداعية:

o      النظر إلى الثقافة كونها استثماراً اقتصادياً واجتماعياً، وليس مجرد تكلفة.

o      تعزيز الثقافة بمجموعة من السياسات لخلق فرص متكافئة للمهنيين والشركات المبدعة من حيث الوصول إلى التوظيف والابتكار وتدابير دعم الأعمال.

o      تعميم الثقافة كونها جزءاً لا يتجزأ من جداول أعمال السياسات الأوسع، مثل التماسك الاجتماعي، والابتكار، والصحة والرفاهية، والبيئة والتنمية المحلية المستدامة.

o      تحسين الإحصاءات القابلة للمقارنة دولياً وقاعدة الأدلة بشأن حجم القطاعات الثقافية والإبداعية ونطاقها وتأثيراتها، سواء كانت محرّكاً للنمو الاقتصادي، أو للرفاهية والتماسك الاجتماعي والاستدامة.

o      بناء قدرات الحكومات الوطنية والمحلية على دمج الثقافة في استراتيجيات التنمية الاقتصادية والاجتماعية الأوسع، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة.

خاتمة

تعمل القطاعات الثقافية والإبداعية، فضلاً عن المشاركة الثقافية والتعليم، على دفع الابتكار عبر الاقتصادات الوطنية والمحلية من خلال عدد من القنوات، حيث تنتج عدداً كبيراً من المنتجات والخدمات الجديدة، كما أنها تـمثِّـل مورداً مهماً للأفكار والنهج الجديدة للأنشطة الأخرى، وعلى الرغم من أن هناك تقديراً متزايداً للأهمية الاقتصادية والاجتماعية للقطاعات الثقافية والإبداعية، فإن غياب الإحصاءات القابلة للمقارنة دولياً يعني أنها لا تزال مقدّرة بأقل من قيمتها الحقيقية، في حين إن تعزيز هذه القطاعات استراتيجياً من أجل تحقيق انتعاش مستدام وشامل، سيكون له فوائد طويلة الأجل، من ذلك على سبيل المثال لا الحصر: تحسين جودة الحياة، وتحفيز الابتكار الذي يساهم في صناعة اقتصاد أكثر مرونة، لمواجهة التحديات المستقبلية والتكيُّف معها[17].


[1] Europe Commission: Culture and Creativity, Cultural and creative sectors, Retrieved March 06, 2024 from: https://culture.ec.europa.eu/cultural-and-creative-sectors/cultural-and-creative-sectors 

 

[2] هارفارد بزنس ريفيو: الاقتصاد الثقافي، تم الوصول بتاريخ 04/03/2024 على الرابط:

https://bit.ly/4a47XvI

 

[3] هارفارد بزنس، المرجع السابق.

 

[4] المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي: اقتصاديات الثقافة، تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إحالة ذاتية رقم 25/2016، بتصرف يسير، تم الوصول بتاريخ 04/03/2014 على الرابط:

https://bit.ly/4akJwKD

 

[5] المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مرجع سابق، بتصرف يسير.

 

[6] Upstart Co=Lab: What is the Creative Economy? https://upstartco-lab.org/what-is-the-creative-economy/

 

[7] الاستثمار المؤثر: هو استثمار يهدف إلى توليد تأثير اجتماعي وبيئي إيجابي وقابل للقياس إلى جانب عائد مالي، نهج استثماري ينطبق على جميع فئات الأصول، ويقاوم الفصل التقليدي لعوامل المخاطر البيئية والاجتماعية والحوكمة عن قرارات الاستثمار التي تركز على العائدات المالية وحدها.

 

[8] EY (2015), Cultural Times: The First Global Map of Cultural and Creative Industries, CISAC – The International Confederation of Societies of Authors and Composers, New York, NY.

 

[9] مجموعة العشرين: منبر لعشرين عضواً يمثلون أكبر الاقتصادات في العالم، أسست عام 1999، عقب الأزمات الاقتصادية نهاية التسعينيات، مع 20 عضواً يمثلون نحو 60٪ من سكان العالم، وما يقدر بـ 85٪ من إجمالي اقتصاده، الدول الأعضاء هي الاتحاد الأوروبي و19 دولة: الأرجنتين، أستراليا، البرازيل، كندا، الصين، فرنسا، ألمانيا، الهند، إندونيسيا، إيطاليا، اليابان، المكسيك، روسيا، المملكة العربية السعودية، جنوب أفريقيا، كوريا الجنوبية، تركيا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى إسبانيا كضيف دائم.

 

[10] OCED: Economic and social impact of cultural and creative sectors, 2021.

 

[11] المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مرجع سابق، بتصرف يسير.

 

[12] المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مرجع سابق.

 

[13] Ibid, OCED.

 

[14] الاقتصاد الاجتماعي، الاقتصاد التضامني، الاقتصاد الشعبي كلها مصطلحات تشير إلى الاقتصاد الذي محوره الناس، إذ الهدف الأساسي للنشاط الاقتصادي، أي إنتاج السلع والخدمات، هو تلبية احتياجات الناس، وليس تحقيق الحد الأقصى من الأرباح. وهذا الاقتصاد يختلف عن النماذج الاقتصادية العادية، إذ يستثمر التقدم والتطور (في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا وغيرها) في تحقيق التنمية الاجتماعية، ويُسخِّر الأدوات الاقتصادية لخدمة غايات اجتماعية، أهمها الرفاه والنمو للجميع، بدلاً من التركيز على تحقيق مكاسب تخدم الربح الفردي كما في النماذج التقليدية للأعمال. للمزيد انظر: منظمة الإسكوا: الاقتصاد الاجتماعي التضامني أداة لتحقيق العدالة الاجتماعية، موجز سياسات، العدد 4، يناير 20214.

 

[15] الاقتصاد الدائري هو اقتصاد تبقى فيه المواد والمنتجات قيد الاستخدام ويساعد في تخفيف الضغوط على النُظُم الطبيعية مما يتيح تجدّدها. يُسرّع الاقتصاد الدائري تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وأهداف اتفاق باريس، ويفتح آفاقاً واعدة للعمل المناخي، ولا سيما خفض انبعاثات غازات الدفيئة، واستخدام المياه والأراضي والمحيطات على نحو مستدام، وتنويع الاقتصاد مع زيادة فرص العمل، وتحسين أنماط الحياة من خلال إتاحة منتجات عالية الجودة، وتحقيق درجة متقدمة من الوصول إلى المنتجات والخدمات، وتحسين نتائج الصحة، للمزيد انظر: منظمة الإسكوا: الإسراع بالانتقال إلى الاقتصاد الدائري في المنطقة العربية، يوليو 2023.

 

[16] Ibid, OCED.

 

[17]  Creativity culture and Capital: Impact Investing in The Global Creative Economy, January 2021.

شارك هذا المقال

تواصل معنا

نرحب بكافة استفساراتكم وتساؤلاتكم...