الابتكار الاجتماعي
البيانات المرنة في الاستثمار الاجتماعي

مجلة اتجاهات الأثر الاجتماعي - العدد 14

البيانات المرنة في الاستثمار الاجتماعي

   عبير العبيد

لسنوات عديدة، أدت الطبيعة المعقدة والمكلفة لقياس الأثر إلى منع العديد من المؤسسات الاجتماعية من القيام بقياس الأثر، ومع ظهور سلسلة من المشاريع التي اعتمدت قياس الأثر باستخدام البيانات المرنة (منهجية Acumen) أصبح من الممكن قياس الأثر بتكلفة أقل وجودة أكبر، فما هي البيانات المرنة؟

في أوائل عام ٢٠١٤، طوّر القادة في Acumen نموذجًا يسمونه " البيانات المرنة" وهي طريقة لقياس الأثر عبر بيانات خالية من الهدر من حيث الجمع والاستخدام، وهي تقنية منخفضة التكلفة للتواصل مباشرة مع العملاء النهائيين، وتوليد بيانات عالية الجودة بسرعة وكفاءة، بشكلٍ يساعد قادة وداعمي المؤسسات الاجتماعية والمنظمات غير الربحية للإجابة عن التساؤلات التالية:

  • كيف يمكن جمع البيانات ثم الاستفادة منها لتحقيق أثر اجتماعي حقيقي؟
  • كيف يمكن الحصول على البيانات المطلوبة لقياس الأثر بتكلفة زهيدة - دون القيام بمشروع بحث طويل ومعقد ومن المحتمل أن يكون مرهقًا؟

سنتعرف في هذه المقالة كيف يمكن للمستثمرين تطبيق منهجية البيانات المرنة كمنطلق لقياس الأثر في الاستثمار الاجتماعي، بشكل يعالج التحديات التي تواجه المؤسسات الاجتماعية والمستثمرين في جمع بيانات ذات معنى لقياس الأثر ويضع صوت العميل في مركز قياس الأثر بطرق سريعة الاستجابة، وتساعد الشركات الاجتماعية على خدمة عملائها بشكل أفضل وإحداث أثر أكبر.

ماهي منهجية البيانات المرنة؟

تتضمن منهجية البيانات المرنة وفقاً لـ Acumen  عنصرين رئيسين:

  • الاتجاه نحو العملاء النهائيين لخلق قيمة اجتماعية للشركة وشركائها.
  • استخدام الأساليب والتقنيات لجمع البيانات التي تؤكد على الكفاءة والاستجابة السريعة مع تحقيق درجة كافية من الجودة.

كيف نطبق منهجية البيانات المرنة؟

تقوم هذه المنهجية على أربع مراحل:

  1. البدء: نحدد ما نريد اكتشافه من خلال أعمالنا (مشاريعنا/ برامجنا/ ...).
  2. اختيار التكنولوجيا المناسبة: نحدد التقنية أو طريقة الاتصال التي سنستخدمها للوصول إلى العملاء بسرعة وكفاءة.
  3. إعداد الأسئلة وكيفية جمعها.
  4. اتخاذ إجراءٍ بناءً على البيانات: نستخدم البيانات لاتخاذ قرار بشأن الإجراءات الملموسة الخطوات التالية.

سنقوم بشرح هذه المراحل كلاً على حدة.

المرحلة الأولى: مرحلة البدء

تتضمن هذه المرحلة خطوتين أساسيتين:

يمكن اعتبار الوعد الذي تقدمه للعميل الخاص بك على أنّه عرض للقيمة الاجتماعية التي تقدمها من خلال إبراز الفوائد التي تنوي تقديمها؟ ولمن؟ وكيف يبدو النجاح؟ كما في المثال أعلاه، لخصنا وعدك للعميل بجملة واحدة بشكل يجعل العميل يختار المنتج أو الخدمة التي نقدمها بدلاً من منتجات وخدمات المنافسين، ويمكن تقسيم الوعد إلى أجزاء بشكل يساعد في تحديد المجالات والافتراضات الرئيسية التي تريد اختبارها.

المرحلة الثانية: اختر التكنولوجيا الخاصة بك

نستعرض آلية اختيار التكنولوجيا الخاصة لجمع البيانات المرنة من خلال المثال التالي الذي نسعى من خلاله للتعرف على مستوى معدلات الأمية في منطقة ما:

إيجابيات وسلبيات التقنيات التكنولوجية

يرتبط تحديد أي تقنية تكنولوجية لاستخدامها في جمع البيانات بمعرفة أيها الأكثر ملائمة لموارد وظروف جمع البيانات، لذا نلخص فيما يلي أبرز إيجابيات وسلبيات التقنيات المتاحة لجمع البيانات:

الرسائل النصية SMS

الإيجابيات:

  • القدرة على تحفيز العميل بمكافأة الرصيد.
  • يمكن للعميل الإجابة على الأسئلة التي يريد الإجابة عنها.
  • أسئلة مفتوحة ذات نوعية جيدة.
  • إجابات صادقة عن الأسئلة الحساسة.
  • القدرة على مقارنة الردود تبعاً لوحة السكان العامة. 

السلبيات:

  • الحاجة لمعدلات انتشار عالية للهاتف المحمول.
  • الحاجة إلى معرفة جيدة بالقراءة والكتابة.
الاستجابة الصوتية التفاعلية (Interactive Voice Response IVR)

الإيجابيات:

  • مفيد في المناطق التي تنتشر فيها الأمية.
  • إجابات صادقة عن الأسئلة الحساسة.

السلبيات:

  • الاختيار من متعدد فقط.
  • عدم القدرة على تحليل ردود الفعل النوعية بسهولة.
  • تحكم أقل في مدة إجراء المسح.
المكالمات الهاتفية Phone Calls

الإيجابيات:

  • يعمل بشكل رائع في سياقات تكون فيها معرفة القراءة والكتابة المنخفضة.
  • مناسب للأسئلة الأكثر تعقيداً التي تتطلب شرحاً/ استقصاء ("أخبرني المزيد عن ذلك").
  • ثقة أعلى في جودة البيانات.

السلبيات:

  • الحاجة إلى قوائم تتضمن أرقام الهواتف.
  • ٣-٥ مرات أكثر تكلفة من الرد الصوتي التفاعلي والرسائل النصية القصيرة.
شخصياً In-Person

الإيجابيات:

  • الحفاظ على سرية البيانات أكثر من الهاتف المحمول المعرّض للاختراق.
  • يسمح بالملاحظة (ملاحظة ردود الأفعال، مشاهدة كيفية استخدام المنتج، ...).
  • بيانات موثوقة وعالية الجودة.

السلبيات:

  • مضيعة للوقت ومكلفة (التكلفة تعتمد على جودة أداء جامعي البيانات).
  • أكثر عُرضة للانحياز.

المرحلة الثالثة: إعداد الأسئلة وكيفية جمعها

بعد تحديد التقنية التكنولوجية الأفضل لجمع البيانات ننتقل للمرحلة الثالثة والتي تتطلب تحديد المعلومات التي نريد الحصول عليها؛ من خلال تصنيفها في محاور تسهّل إعداد الأسئلة، ومطابقتها مع المؤشرات، ووعد لعميل المحدد، بحيث يتضمن كل محور ٢-٥ أسئلة. وفيما يلي محاور تم اختبارها في موضوعات عديدة وأثبتت فعاليتها في قياس الأثر:

القواعد الـ 10 الأكثر أهمية في عملية جمع البيانات
  1. توضيح الهدف من جمع البيانات وبيان الموافقة من المستبين: قبل البدء بطرح الأسئلة، يجب تقديم ملخص للمستبين حول الغرض من جمع البيانات والحصول منه على الموافقة بالمشاركة.
  2. التأكد من هوية المستبين: عند استخدام تقنية الهاتف، ضع في اعتبارك أن الهواتف المحمولة المشتركة شائعة، فإذا كنت بحاجة إلى معلومات خاصة بالمستبين، فتحقق لمعرفة ما إذا كنت تتحدث إلى الشخص المناسب.
  3. التركيز على الهدف: تأكد من أن أسئلتك ذات صلة بالهدف من الدراسة وقابلة للتنفيذ، وتزودك بالمعلومات التي تتوقع جمعها.
  4. اختبار الأسئلة قبل البدء بجمع البيانات: اختبر الأسئلة بنفسك بمساعدة أحد زملائك أو أفراد عائلتك، ثم اختبر الأسئلة مع عينة صغيرة من السكان المحليين لمعرفة مدى وضوح الأسئلة وملائمتها لسياق المنطقة المستهدفة.
  5. اعتماد عدد قليل من الأسئلة: حاول ألا يتجاوز عدد الأسئلة المراد جمعها الـ 10 أسئلة.
  6. التنويع في الأسئلة: حقق توازناً بين الأسئلة ذات النهايات المفتوحة والأسئلة ذات الاختيار من متعدد.
  7. اعتماد مقياس مناسب: إذا كنت تستخدم مقياساً في أسئلتك، تأكد من أنه مناسب للمستبين ويفهمه (على سبيل المثال، كن مبدعاً: استخدم الوجوه المبتسمة، وإبهاماً لأعلى / إبهاماً لأسفل، و1-5 أفضل من 0-9).
  8. لا تفترض: على سبيل المثال، لا تضع افتراضات حول عادات الإنفاق لدى المستبين، لأنّه قد لا يكون المشتري الأساسي.
  9. الدلالة الإحصائية: يختلف حجم العينة المطلوبة لتحقيق دلالة إحصائية تبعاً إلى مدى تعقيد الأثر وحجم المجتمع المستهدف - اطلب مشورة الخبراء إذا لزم الأمر. والقاعدة العامة لمعظم الاستطلاعات البسيطة هي حجم عينة من 200 إلى 350.
  10. التحدث لغير العملاء: لا تنسَ التحدث إلى غير العملاء، هل سمعوا عن المنتج / الخدمة أو فكروا في شرائها؟ إذا لم يكن كذلك، فما الذي يمنعهم؟

المرحلة الرابعة: استعد لاتخاذ الإجراءات بناء على بياناتك

وفي النهاية نظم الإجراءات التي يمكن أن تتخذها في مستويات تبعاً للبيانات التي حصلت عليها في خريطة تظهر لك الصورة كما يلي:

وهكذا بعد هذا الاستعراض المبسّط والمختصر لكيفية استخدام البيانات المرنة في قياس الأثر الاجتماعي وتوظيف ذلك في الاستثمار الاجتماعي نوصي بإدارة الأثر بشكل فعال، فيجب أن يكون هذا النوع من القياس معياريًا وليس مفاجئًا.

تخيل وقتًا تكون فيه مقاييس الأثر الموثوقة والقابلة للمقارنة شائعة مثل تلك الخاصة بالإيرادات أو معدلات العائد الداخلية، وستكون هذه هي اللحظة التي يتم فيها دعم الاستثمار الاجتماعي بنوع المعلومات التي يحتاجها للوصول إلى إمكاناته الكاملة لإحداث تغيير إيجابي.

شارك هذا المقال

تواصل معنا

نرحب بكافة استفساراتكم وتساؤلاتكم...