مجلة اتجاهات الابتكار الاجتماعي - العدد 15
التطلع إلى المستقبل
تنتمي تقنيات الزراعة وتقنيات المياه والتقنيات المستدامة إلى المظلة الأوسع لتكنولوجيا المناخ، وهي سوق مذهل لا يوفر فحسب العائد الاقتصادي على الاستثمار، إنما يعزز العائد الاجتماعي والبيئي على الاستثمار، والذي يخلق لك جواً من الراحة، سواء كنت مستثمراً مالياً أو مغامراً في رأسمال، وتشكل هذه القصة بداية لقصص كثيرة ومتنوعة، لتسليط الضوء على قوة الشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا المناخ في النظام البيئي، والربحية التي يتمتع بها مستثمرو تكنولوجيا المناخ من خلال تمويل مبتكري تكنولوجيا المناخ، بدايةً سنتوسع في تقنيات الزراعة:
التقنية الزراعية وقصة (Impossible Food).
(Impossible Food) هي شركة أثرت كثيراً في صناعة الأغذية، من خلال نهجها المبتكر في تناول الطعام المستدام، أسست على يد باتريك براون في عام 2011، وتعد من الشركات الرائدة في مجال تطوير بدائل اللحوم النباتية المصنعة لتتمتع بمذاق اللحوم الحقيقية، وتطهى وتبدو كما لو أنها لحوم حقيقية. كانت رسالة (Impossible Food) طموحة وواضحة، وتكمن في الحد بنحو كبير من البصمة البشرية على البيئة، من خلال توفير بديل للزراعة الحيوانية، لأنها مصدر رئيسي للاحتباس الحراري والتدهور البيئي.
في عام ٢٠٠٩ أخذ باتريك براون أستاذ الكيمياء الحيوية في جامعة ستانفورد إجازة للنظر في كيفية استخدام خبراته في مكافحة تغير المناخ، وحدد صناعة اللحوم كونها مجالاً بالغ الأهمية، يمكن أن يحدث فرقاً من خلاله، نظراً لآثارها البيئية الكبيرة، من ذلك انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، واستخدام المياه، واستغلال الأراضي، أسس براون (Impossible Food) عاقداً العزم على إيجاد بديل مستدام بهدف جعل النظام الغذائي العالمي أكثر استدامة.
بدأت رحلة (Impossible Food) بمرحلة بحث مكثفة، سعى براون وفريقه من خلالها إلى فهم ما الذي يميز طعم اللحوم ورائحتها في طهيها، كان الإنجاز عندما اكتشفوا أن الهيم، وهو جزيء يحتوي على الحديد في الدم، كان عاملاً رئيسياً في نكهة اللحوم، ثم طور براون وفريقه طريقة لإنتاج الهيم من النباتات، وخاصة من خلال تخمير الخميرة المعدلة وراثياً، كان هذا الاكتشاف حاسماً في تطوير (Impossible Burger)، المنتج الرئيسي الذي يحاكي بأسلوب وثيق طعم لحم البقر وملمسه.
ولكن (Impossible Food) كانت تحتاج إلى تمويل كبير لتوفير هذا المنتج المبتكر في الأسواق، وفي عام ٢٠١١ تمكنت الشركة من الحصول على الدفعة الأولى من التمويل بقيادة شركة (khosla Ventuers)، وهي شركة استثمارية تُعرف بدعم التقنيات المفيدة بيئياً، كان هذا الاستثمار الأولي حاسماً بالنسبة لشركة (Impossible Food) لمواصلة البحث والتطوير، وزيادة الإنتاج، ومن ثم لتقديم وجبة (Impossible Burger) للمستهلكين، وقد ساعد انخراط مستثمرين رفيعي المستوى، وبناء شراكات مع طهاة مشهورين، وشركات خدمات غذائية كبرى على توسيع نطاقها وأثرها، مما يدل على الإمكانات الهائلة للحلول المبتكرة للتحديات البيئية عندما يدعمها مستثمرون من أصحاب الفكر المتطور.
وقد أتى الاستثمار بثماره، ففي عام 2016 أطلقت شركة (Impossible Food) منتجها (Impossible Burger) الذي لاقى الاستحسان، إذ أشار الكثيرون إلى تشابهه الملحوظ مع لحم البقر في المذاق والملمس، وسرعان ما اكتسب هذا المنتج شعبية، ليس بين النباتيين فحسب، بل أيضاً بين آكلي اللحوم، الذين يبحثون عن بدائل مستدامة، كما وأدى نجاح (Impossible Burger) إلى الوصول للمزيد من جولات الاستثمار، من ذلك الاستثمار من المشاهير والشركات الكبرى، مما سلط الضوء على الدعم الواسع لرسالة الشركة، وكان تقييمها الأخير في عام 2024 يشير إلى 7 مليارات دولار أمريكي، وحدد هذا التقييم في الجولة h-1 من السلسلة بقيمة 543.6 مليون دولار.
أما فيما يتعلق بأثر (Impossible Food)، فموضوعنا المفضل ووقودنا الصديق للبيئة الذي يلهب شغفنا في مركز فلك للاستثمار في تكنولوجيا المناخ (Falak Investment Hub) فهو: الاستدامة البيئية.
الاستدامة البيئية
الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري: صمِّمت منتجات نباتية للشركة، تقلل من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري مقارنة بالزراعة الحيوانية التقليدية، إذ تعد تربية المواشي إحدى المساهمات الرئيسية في انبعاثات غاز الميثان وغاز ثاني أوكسيد الكربون من خلال توفير بديل مقبول، تهدف (Impossible Food) إلى الحد من الطلب على اللحوم الحيوانية، ومن ثم خفض الانبعاثات.
انخفاض استخدام المياه: يتطلب إنتاج اللحوم النباتية كمية مياه أقل بكثير من إنتاج لحوم البقر، كما أن البصمة المائية للمواشي كبيرة، ولا تشمل المياه التي تشربها الحيوانات فحسب، بل تشمل أيضاً المياه المستخدمة لزراعة محاصيل العلف، ومن خلال الحصول على المكونات من النباتات مباشرة تساهم شركة (Impossible Food) في زيادة كفاءة استخدام المياه.
الحفاظ على الأراضي: تعد الزراعة الحيوانية أحد الأسباب الرئيسية لإزالة الغابات وتدمير الموائل، بغية توسيع مناطق الرعي وزراعة محاصيل الأعلاف، ومن خلال الحد من الاعتماد على اللحوم الحيوانية تساعد (Impossible Food) على الحفاظ على الموائل الطبيعية والتنوع البيولوجي.
سلوك المستهلك
التحولات الغذائية: من خلال تقديم منتجات تحاكي وتضاهي طعم اللحم وقوامه دون مخاوف بيئية وأخلاقية، يسرت (Impossible Food) على المستهلكين تبني الأنظمة الغذائية النباتية، ويمكن أن يؤدي هذا التحول إلى تغييرات أكبر في سلوك المستهلك، ويشجع على خيارات نمط حياة أكثر استدامة.
زيادة الوعي: أدى نجاح الشركة إلى زيادة الوعي بالآثار البيئية لاستهلاك اللحوم، وتشجيع المستهلكين على النظر في البصمة البيئية لاختياراتهم الغذائية، ومن الممكن أن يؤدي هذا الوعي إلى زيادة الطلب على الخيارات الغذائية المستدامة.
تأثير صناعة الأغذية
الابتكار والمنافسة: حفزت (Impossible Food) على الابتكار في صناعة الأغذية، مما دفع كلاً من الشركات الناشئة والشركة القائمة إلى تطوير منتجات نباتية جديدة، وتعد هذه المنافسة مفيدة للمستهلكين من خلال توفير المزيد من الخيارات، كما يمكن أن تسرع التحول نحو النظم الغذائية المستدامة.
تحول سلسلة الإمداد: إن نمو شركات الأغذية النباتية، مثل شركة (Impossible Food) يشجع على إجراء تغيرات في سلسلة الإمداد الزراعي، من خلال تخصيص المزيد من الموارد لزراعة المحاصيل للاستهلاك البشري بدلاً من تغذية الحيوانات، ويمكن أن يؤدي هذا التحول إلى ممارسات زراعية أكثر كفاءة واستدامة.
الصحة والتغذية
كان التركيز الرئيسي لشركة (Impossible Food) ينصب على تحقيق الاستدامة، إلا إن الأنظمة الغذائية النباتية غالباً ما ترتبط بالفوائد الصحية، وذلك من خلال تقديم الشركة لمنتجات تعد مصدراً بديلاً للبروتين يمكن أن يتناسب مع الأنماط الغذائية المتنوعة، مما يجعلها جذابة لأولئك الذين يتطلعون إلى الحد من استهلاك اللحوم لأسباب صحية.
الأثر العالمي
تعد (Impossible Food) جزءاً من حركة عالمية موجهة نحو الأكل النباتي، تتضمن تأثيرات محتملة طويلة الأجل على الأمن الغذائي العالمي، والتخفيف من تغير المناخ، والصحة العامة، ومع توسع الشركة على المستوى الدولي فإنها تساهم في حوار عالمي حول الأنظمة الغذائية المستدامة.
هذا ويعد تأثير (Impossible Food) شهادة على إمكانات الحلول المبتكرة في التصدي لبعض التحديات البيئية الأكثر إلحاحاً في عصرنا، وقد أثبتت (Impossible Food) من خلال منتجاتها أنه من الممكن التلذذ بالأطعمة التي نحبها بطريقة أكثر استدامة وأخلاقية وصحية.
وبذلك تكون رحلة (Impossible Food) من فكرة إلى منتج متاح في الآلاف من المطاعم والمتاجر في مختلف أنحاء البلاد تجسد إمكانات الشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا المناخ، في خلق أثر بيئي كبير، من خلال الابتكار وريادة الأعمال، فلم يؤدِ نجاحها إلى الانخفاض الكبير في الأثر البيئي المرتبط باستهلاك اللحوم فحسب، بل ألهم أيضاً موجة من الابتكار في صناعة الأغذية نحو ممارسات أكثر استدامة.
توضح قصة (Impossible Food) الدور الحيوي الذي يلعبه الاستثمار في المراحل المبكرة في جلب تقنيات المناخ الرائدة إلى السوق، وهي شهادة على قوة التفكير البصري، والابتكار العلمي، والاستثمار الاستراتيجي في قيادة التغيير البيئي الإيجابي.
وقد بلغ حجم سوق التكنولوجيا الزراعية 23.5 مليار دولار أمريكي في عام 2022، ومن المتوقع أن يصل إلى 79.7 مليار دولار في عام 2030، ومع ظهور ثروة الأراضي الزراعية والاحتياجات الزراعية في منطقتنا، وفي المملكة العربية السعودية على وجه التحديد، فإننا في (Falak Angels) نؤمن أن المستقبل ينتمي إلى تكنولوجيا المناخ، وأن أعلى عائدات الاستثمار على المستويات الاجتماعية والاقتصادية تعود إلى ممولي تكنولوجيا المناخ، فإذا كنت ترغب في أن تكون جزءاً من هذه الحركة بوصفك مستثمراً، سجل اهتمامك بالانضمام إلى شبكة فلك عبر الرابط:
أما إذا كنت رائد أعمال في مجال تكنولوجيا المناخ تقدم بطلب اليوم عبر الرابط: