الابتكار الاجتماعي
التطوير والابتكار السياحي في العالم 2021-2022

مجلة اتجاهات الابتكار الاجتماعي - العدد 14

التطوير والابتكار السياحي في العالم 2021-2022

   آية بنشي

في عالم يتسارع فيه التطور التكنولوجي وتتغير فيه الظروف بسرعة هائلة، تحتضن صناعة السياحة روح الابتكار والتجديد، حيث يتنافس فيها الأذكياء والمبدعون على إبهار العالم بتجارب سياحية جديدة ومبتكرة بصفتها عالم مليء بالتحديات العصرية.
يستعرض هذا المقال موجزاً عن تقرير التطوير والابتكار السياحي في العالم2021-2022 World Tourism Innovation and Development Report، المتضمن لأحدث ابتكارات صناعة السياحة على المستوى العالمي من خلال البوح بأسرارها، ولاستكشاف قاعدة كيف يمكن للشغف والإبداع أن يحدثا طفرة في هذا القطاع  من خلال الغوص والتعمق في الأفكار والتجارب للدمج بين الإبداع والتجديد في عالم السياحة.

التقرير جهد مشترك بين التحالف العالمي للسياحة الصينية للعلوم الاجتماعية ومركز أبحاث السياحة التابع للأكاديمية، يقدم تحليلاً منهجياً لممارسات الابتكار في صناعة السياحة، ويتناول التقرير إطاراً تحليلياً للابتكار السياحي على المستوى العالمي، كما يستعرض أحدث ميزاته، ويسلط الضوء على العناصر الأساسية للابتكار في هذا القطاع، كما يتنبأ بالاتجاهات المستقبلية للابتكار السياحي، ويبرز أهمية الابتكار في تطوير صناعة السياحة الحديثة.

بالإشارة إلى التحديات الكبيرة، مثل جائحة كوفيد-19، يؤكد التقرير على ضرورة التكيف والابتكار في قطاع السياحة، من خلال استخدام التكنولوجيا والثقافة وروح المغامرة، كما يتناول التقرير أيضاً ستة مجالات رئيسية للابتكار في صناعة السياحة، ويقدم نماذج مبتكرة يمكن الاحتذاء بها.

يهدف التقرير إلى دعم عملية اتخاذ القرارات، وتعزيز تنمية صناعة السياحة على المستوى العالمي، من خلال تبني أساليب جديدة وفعالة للابتكار.

في هذا التقرير اتُّبعت منهجية معينة لضمان جودة المحتوى وصحة المعلومات، شملت الخطوات التالية:

  1. البحث وجمع المعلومات: البدء بالبحث عن مصادر موثوقة ومواقع معتمدة، للحصول على المعلومات اللازمة حول تحديات صناعة السياحة وأهمية التكيف مع التغيرات، وجمع هذه المعلومات وتحليلها بعناية.
  2. التحليل والتقييم: تحليل المعلومات المجمعة بعناية، لفهم الأسباب والتأثيرات والعلاقات بين مختلف الجوانب المتعلقة بصناعة السياحة، وتقييم المصادر وضمان صحة وجودة المعلومات.
  3. التنظيم والترتيب: بناءً على التحليل والتقييم، نظمت المعلومات منطقياً، ورتِّبت بطريقة تسهل فهمها واستيعابها من القراء.
  4. كتابة التقرير: استناداً إلى المعلومات المجمعة والتحليل، كتب التقرير بمنطقية ووضوح، مع التركيز على تقديم الأفكار والتوصيات بنحو مباشر وفعال.
  5. تضمين صور توضيحية: أدرجت بعض الصور والمخططات والرسومات اللازمة لتوضيح ملائم للأفكار المطروحة.
  6. مراجعة وتدقيق: تمت مراجعة المقالات بدقة، لضمان عدم وجود أخطاء لغوية أو معلوماتية، وضمان تقديم المحتوى بشكل دقيق وموثوق.

باستخدام هذه المنهجية، أُعِدَّ التقرير بشكل شامل وشديد الدقة، مع التركيز على تقديم محتوى ذي جودة عالية، يساهم في رفع الوعي حول تحديات صناعة السياحة وضرورة التكيف معها، وتوضيح أهمية الابتكار في هذا القطاع.

يشتمل التقرير على ثمانية فصول هي:

الفصل الأول:

يتحدث عن تأثير التغيرات التاريخية الكبيرة، والابتكار في صناعة السياحة. كما يشير إلى أن جائحة كوفيد-19 عقَّدت الوضع الاقتصادي والاجتماعي العالمي، مما أدى إلى تغييرات في العلاقات الدولية، وبين الإنسان والآلة، وفي الصناعات عموماً.
 يُذكر أن هناك تحولاً كبيراً في صناعة السياحة نتيجة للتغييرات المذكورة، فشهد المشهد السياحي تغيرات في محرك النمو، وفي المنطق الصناعي، يجري تحديد هذه التغييرات من خلال استكشاف التكنولوجيا وتطويرها، وإعادة تشكيل العلاقات بين الإنسان والآلة، وإعادة تحديد العلاقات بين الحكومة والسوق والشركات.
أي يجب على صناعة السياحة أن تتأقلم مع هذه التغيرات، من خلال الابتكار والتحول المنهجي، وأن تعمل على إعادة هيكلة صناعتها في أربعة جوانب مختلفة، لضمان استمرارية التطور والنمو في ظل التحولات التاريخية الكبيرة.

الفصل الثاني:

يتناول أهمية الابتكار العلمي والتكنولوجي في تطوير قطاع السياحة، ويشير إلى دور التقدم التكنولوجي في تحسين ظروف النقل، وزيادة أصناف المنتجات السياحية، مما جعل السياحة الترفيهية والترويحية ممكنة، على سبيل المثال: يُذكر أن شركة ديزني لاند استثمرت في التكنولوجيا، لتطوير مرافق ترفيهية تلبي احتياجات مختلفة للزوار، مما جعلها أكثر شهرة.
وبالإضافة إلى ذلك، الابتكار العلمي والتكنولوجي يزيد من نطاق الطلب على السياحة، من خلال زيادة دخل الأفراد، وزيادة دافعية السفر لغرض التعلم.

ومن الجدير بالذكر أن التكنولوجيا تلعب دوراً حيوياً في تحسين تجربة السفر وإدارة السياحة، فهي تسهل على المسافرين العثور على المعلومات الضرورية بأسلوب سريع وفعال، وتوفر لهم خدمات متقدمة، مثل حجز الفنادق وتحديد المواقع السياحية، كما أنها تساهم في تحسين إدارة الموارد السياحية، وتعزز الأمان والطوارئ في الوجهات السياحية.

كما يمكن أن نرى تطبيقات الواقع المعزز في مجال السياحة، التي توفر تجارب تفاعلية وممتعة للسياح، مثل توجيههم إلى المعالم السياحية، وتقديم معلومات إضافية حولها بأسلوب مبتكر.


               

 كما يتيح استخدام تطبيقات الهاتف المحمول للسائحين الوصول إلى خدمات السفر بشكل أسرع وأسهل، مثل حجز الفنادق وتذاكر الطيران، وأيضاً نستطيع استخدام تقنيات البيانات الضخمة في تحليل سلوك الزوار، وتوجيه العروض والخدمات على نحو أكثر دقة، لتلبية احتياجاتهم وتفضيلاتهم.

على سبيل المثال: - تطبيق Blockchain – يسهل عمليات الدفع والحجز بأسلوب آمن وفعال، مما يجعل عملية التخطيط للرحلات أسهل وأكثر شفافية.
بهذه الطريقة يمكن أن يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً حاسماً في تحسين صناعة السياحة، وجعلها أكثر ابتكاراً وفاعلية، ومن خلال استخدام التكنولوجيا بذكاء، يمكن للشركات في قطاع السياحة تحقيق نجاح كبير وتقديم تجارب سفر مثيرة ولا تُنسى للزوار.
من جهة أخرى يُظهر التحول نحو تكنولوجيا منخفضة انبعاث الكربون وصديقة للبيئة في صناعة السياحة فرصاً كبيرة، لتطوير تجارب سفر مستدامة وذات جودة عالية، فمن خلال الابتكار التكنولوجي يمكن تعزيز التنمية المستدامة في قطاع السياحة، وضمان حفظ الثقافات المحلية والبيئات الطبيعية، و إذا ما اتُخذت الإجراءات المناسبة لتعزيز هذه التقنيات، فإن مستقبل صناعة السياحة سيلهم بلا شك التطور والابتكار في جميع جوانبه.

تهدف منصة إنشاء التطبيقات المتكاملة إلى تعزيز التكنولوجيا في صناعة السياحة وتنقلها، من خلال توفير منصات لتطبيقات سفر عالمية، مثل  Ctrip و Airbnb و Expedia حيث تساعد هذه التطبيقات الأشخاص على حجز الفنادق وتذاكر الطيران عبر الإنترنت، مما يسهل عليهم التخطيط لرحلاتهم بنحو أسهل وأسرع.
بالإضافة إلى ذلك، يجري التعاون مع منصات خدمات السفر الذكية، والتجار غير المتصلين بالإنترنت لبناء نظام خدمة بيئية متكاملة، ما سيساعد على تحسين الخدمات السياحية، وملء الفجوات التي قد تكون موجودة في منصات السياحة التقليدية.
أما بالنسبة لتخفيض الكربون، فإن اعتماد التكنولوجيا المستدامة والخضراء في صناعة السياحة يعد حلاً هاماً، لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وتعد سانت موريتز مثالاً جيداً لكيفية استخدام التكنولوجيا المستدامة في تطوير المدينة، لتكون مدينة سياحية منخفضة الكربون.

الفصل الثالث:

يتحدث عن الابتكار التنظيمي في صناعة السياحة، وكيف تدفعه قوى متعددة، مثل التقدم التكنولوجي، وأشار إلى أن التكنولوجيا قد جلبت كفاءة وراحة وتجارب جديدة للصناعة السياحية، وأن التقنيات المتطورة ستعمل على إعادة تشكيل نماذج الأعمال والآليات التشغيلية في الصناعة، ونوه أيضاً إلى تأثير تقنيات، مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية وBlockchain ، في تعزيز الكفاءة التشغيلية وجودة الخدمات السياحية.
بالإضافة إلى ذلك ناقش تحول الجاذبية عبر المناطق، وكيف أن الاستثمار السياحي يتجه نحو النمو السريع في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مع تأثير العلاقات بين الصين والدول المشاركة في فرص الاستثمار في الصناعة السياحية، كما تطرق إلى التغيرات الديموغرافية، وكيف أن شيخوخة السكان تؤثر في صناعة السياحة.
بشكل موجز، تناول هذا الفصل التكامل بين الصناعات، وكيف أصبح التكامل بين السياحة والصناعات الأخرى اتجاهاً جديداً للتنمية السياحية، ونوَّه إلى أهمية الابتكار التنظيمي في إعادة ترتيب عوامل الإنتاج، لتلبية احتياجات السياح بنحو أفضل، وإثراء النشاط الاقتصادي في هذه الصناعة.

الفصل الرابع:

يشرح أهمية ابتكار المنتجات السياحية، ذات الحداثة والجودة في ظل تغيرات هيكلية في الطلب السياحي.

فقد أشار إلى أن ارتفاع الطلب والتغيرات في تفضيلات السائحين واهتماماتهم تدفع بنحو كبير نحو الابتكار في المنتجات السياحية، كما يشير المقال إلى أن جائحة كوفيد-19 قد أثرت كثيراً في سلوكيات السائحين، وأدت إلى تسريع عملية ابتكار المنتجات السياحية لتلبية التغيرات في الطلب، ونوّه لأهمية فهم التغيرات في الطلب السياحي، وابتكار منتجات سياحية جديدة، لإعادة إحياء صناعة السياحة بعد الجائحة.

ومن ثم على صناعة السياحة أن تراعي هذه الاتجاهات الرئيسية في ابتكار منتجات سياحية جديدة ومتطورة، حيث يجب أن تكون هذه المنتجات مصممة خصيصاً لتلبية احتياجات السائحين ورغباتهم المختلفة، وأن تكون مستدامة وموجهة نحو تقديم تجارب سفر فريدة ولا تُنسى، و من خلال التركيز على التخصيص، والرقمنة، والخبرة، والاستدامة، يمكن لصناعة السياحة أن تزدهر وتلبي تطلعات السائحين في عصر التكنولوجيا والابتكار.

بالإضافة إلى ذلك تمكنت العديد من الشركات والوجهات السياحية من توسيع نطاق منتجاتها، لتلبية احتياجات السوق المتغيرة، على سبيل المثال: قدمت شركة Airbnb تجربة جديدة تسمى "الإقامة على المدى الطويل"، التي تهدف إلى استقطاب المسافرين، الذين يبحثون عن إقامات طويلة الأمد في أماكن مختلفة، كما أضافت شركة  Booking.com خيارات جديدة للإقامة في منازل خاصة وشقق فندقية مفروشة.
كما طورت بعض الشركات خدمات جديدة، لزيادة جودة المنتجات السياحية وتنوعها، مثل تقديم رحلات سياحية افتراضية عبر الإنترنت، وخدمات سياحية مستدامة، وإن هذه التطورات تعزز من تجربة السفر للمستهلكين، وتسهم في استعادة ثقتهم في صناعة السفر عموماً.

بشكل عام، أظهر هذا الفصل أن جائحة كوفيد-19 قد دفعت صناعة السفر نحو التغيير والابتكار، مما عزز فرص التطور والانطلاق نحو مستقبل أفضل لصناعة السفر.

الفصل الخامس:

يتضمن في بدايته الاتجاه الجديد الذي سلكته الاتصالات جراء جائحة كورونا، التي كانت تعد نقلة نوعية -في العوالم عامة، وعالم السياحة على وجه الخصوص- من حالة الاتصال التقليدي إلى حالة تحديات جديدة للقطاع خلقتها الجائحة، مما جعل السياحة تقف على منعرج الطرق، أهمها رقمنة التسويق السياحي، الذي يتفرع إلى إجراء تسويق لنقاط الاتصال في أثناء رحلة الشراء للمستهلك، ومواكبة اتجاهات الإعلان والتكنولوجيا، وإدارة تتبع بيانات الربح والأداء للحملات التسويقية عبر القنوات والمنصات، وأيضاً تعديل استراتيجيات التسويق الحالية لخدمة المستهلكين الناشطين عبر الإنترنت، والوصول إلى عملاء جدد واكتسابهم، وتقديم إعلانات مخصصة في الوقت الفعلي.

ونظراً للتحديات المذكورة آنفاً لم تعد مهارات التسويق التقليدية فعالة كما قبل جائحة كوفيد-19، فعلى السياحة التكيف مع الاتجاهات الجديدة، والخوض في التحديات التي فرضتها الجائحة، لذا كان على السياحة أن تتبنى هذا الواقع الرقمي المتقدم، لإعادة تشكيل توزيع قنوات التسويق السياحي، من خلال التركيز على منصات الإنترنت عبر الهاتف المحمول، ووسائل التواصل الاجتماعي عبر الإعلانات الرقمية، وأيضاً عن طريق وسائل الإعلام المطبوعة، مما يساهم في توسيع تأثير العلامات التجارية السياحية في القنوات الرقمية، وتأمين التعرض العالي للتسويق السياحي بين مستخدمي الإنترنت.

ولقد سهل هذا التقدم تطبيق البيانات الضخمة، وجعل من السهل فهم احتياجات العملاء بدقة، وإجراء تسويق شخصي بدقة أكبر من خلال تلك البيانات، مما وضع المسوقين في حالة سلسة لتحديد العملاء المستهدفين، وتزويدهم ببيانات دقيقة وفعالة، لكن ينبغي ألا نغض النظر عن الطرف الآخر من علاقة التسويق هذه، وهو السائحون الذين تغير نمط سلوكهم، وأصبح لديهم المعلومات الكافية لوضع خطط لرحلاتهم، وبذلك تصبح قراراتهم أكثر تخصيصاً وأكثر مرونة وقابلية للتكيف.

ومن أهم عوامل تأثير التقدم التكنولوجي هو توسع حدود التسويق السياحي، من خلال المقاطع المرئية القصيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تحوي معلومات غنية حول المنتج أو الخدمة، وتعد نموذجاً تسويقياً جديداً، وأيضاً اعتمد المسوقون على رواية القصص أسلوباً لجذب العملاء، مما أدى إلى ارتباط عاطفي بين المسوق والعميل.

وتتجلى تكنولوجيا البيانات كاتجاه مستقبلي للابتكار في التسويق، من خلال دفع الرقمنة وتطور أدوات التسويق وأساليبه، لإكمال مسار الابتكار السياحي بخطى فعالة.

الفصل السادس:

كان موضوعه عن الابتكار المؤسسي، واستكشاف السياسات السياحية المتبعة، وقواعد ومعايير السياحة، فتحدث عن أهمية الابتكار السياحي بوصفه عنصراً حاسماً لنمو صناعة السياحة، مركزاً على الابتكار في العديد من الأبعاد، مثل المنتجات، والعمليات، والتكنولوجيا، والإدارة، سواء على مستوى الأعمال أو الحكومات. كما أشار إلى أن الابتكار المؤسسي يشكل قواعد جديدة تؤثر في السياحة وتدعم النمو الصناعي، كما تظهر جائحة كوفيد-19 دافعاً لتسريع الابتكار في مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه السياحة، مما يؤدي إلى نشوء تغييرات كبيرة، والحاجة إلى التكامل التكنولوجي في الصناعة.

تناول أيضاً مبادرات العديد من البلدان، لتسهيل السفر عبر الحدود خلال جائحة كورونا، حيث إنها درست إمكانية الاعتراف المتبادل بشهادات التطعيم وإصدار "جوازات سفر اللقاح" للسكان الذين طُعِّموا، كما أطلقت برامج"Travel Bubble" ، التي تسمح للأشخاص المؤهلين بالسفر دون الحجر الصحي عند الدخول، مما أسهم في إعادة إطلاق السفر عبر الحدود، وكانت بعض الدول قد صنفت مخاطر الوجهات وفقاً لنظام "إشارة المرور"، لتحديد الإجراءات المناسبة للمسافرين، كما كان هناك أيضاً جهود لتحفيز السياحة الداخلية، من خلال خطط تحفيز ودعم للسكان المحليين في تشجيعهم على السفر المحلي، تهدف هذه الجهود إلى تنشيط صناعة السياحة، وتعزيز الاقتصاد المحلي خلال هذه الفترة الصعبة.

الفصل السابع:

كان عنوانه ابتكار الخدمة العامة، التي تهدف إلى زيادة الكفاءة والإنصاف، وإن تعريف الخدمة العامة يختلف من بلد إلى آخر فعلى سبيل المثال: الصين تعرف الخدمات السياحية العامة: أنها المنتجات والخدمات السياحية الأساسية، التي تقدمها الحكومة والمنظمات، لتلبية حاجات السائحين من خدمات النقل، والمعلومات عن الأماكن، والبنية التحتية، والسلامة والأمن، وإن هذه الخدمات تتطور مع تطور الظروف الاقتصادية والتكنولوجية، وفي سياق مرحلة ما بعد الوباء سيكون هنالك خدمات عامة جديدة، تتميز بالتوازن بين الكفاءة والإنصاف، وذلك مرتبط بنحو ما مع تغير معايير الطلب للخدمات عند الناس، فكما ذكرنا سابقاً: إن الجائحة أثرت في تغير النمط المعيشي للناس، مما دفع المجلس العالمي للسفر والسياحة بتحديد الصحة، والنظافة، والرقمنة، والابتكار، والاستدامة كلمات رئيسية بعد الوباء، وهذا ما جعل الخدمة العامة الجديدة تصبح مفهوماً عالمياً، ويسترشد منها التطوير، وتحمل في مضمونها سمات خاصة للنشاط السياحي، وتنص على الخدمة وليس التوجيه.

في كتاب من تأليف جانيت وروبرت دينهارت أشارا فيه إلى تشكيل النظام النظري للخدمة مع اعتبار الديمقراطية والمواطنة جوهرها، وأكدت النظرية أن على الحكومة تولي وظيفة الخدمة وليس التوجيه، وخدمة المواطن وليس العميل، وهذا ما جعل تبني مفهوم الخدمة العامة الجديدة أمراً منطقياً للتحرك نحو اتجاه الرقمنة والتنوع والاستدامة والعدالة.

إن الرقمنة دفعت الابتكار في مجال الخدمات العامة بعد جائحة كوفيد-19 من خلال اعتماد تقنيات جديدة، ويركز الابتكار المتجذر بعمق في السياق الرقمي على ثلاث سمات: الحداثة، وقابلية التوسع، والتطبيق العملي، بالإضافة إلى القيمة العامة، كما يركز على العوامل المتمثلة في الاستراتيجيات والقدرات والعمليات، مما يزيد من تحسين التوازن بين العدالة والكفاءة، وفي الحديث عن حدود ابتكار الخدمة العامة نبدأ بالأمن والسلامة السياحية، مثل: جوازات السفر الخاصة باللقاحات، وخلق بيئة سفر آمنة للسياح، من خلال بروتوكولات السلامة العالمية، ووفر المجلس العالمي للسفر والسياحة WTTC شهادة السفر الآمن لكل المنشآت ووكالات السفر والسياحة، ومن ثم التنويه على الإشراف والإدارة للسفر، الذي يهدف إلى إنشاء هوية رقمية شخصية موثوقة للمسافر، ويدعم هذا المفهوم تقييم المخاطر للمعلومات قبل وصول المسافر، ومنه ننتقل إلى تنمية الموارد العامة التي يمكن أن تساعد باستخدام تقنية إنترنت الأشياء على توثيق سلوكيات السائحين وتحديدها، من أجل تطوير نوعية الموارد وإمداداتها.

 ومن الاتجاهات المستقبلية للخدمات العامة السياحية توفير تجارب سفر فعالة وآمنة، باستخدام التقنيات الحديثة، مثلLBS, Blockchain   وتقديم خدمات متنوعة عبر الوسائل التكنولوجية، وأيضاً تعزيز كفاءة تقديم الخدمات من خلال مشاركة أصحاب المصلحة المتعددين، كما تهدف إلى تجربة سياحية أفضل، والتركيز أكثر على العالمية والعدالة.

الفصل الثامن:

يحكي عن أفضل الممارسات العالمية في مجال الابتكار السياحي، تعد الروبوتات السياحية، وابتكار رأس المال البشري (استكشاف ماريوت) من أفضل الابتكارات، باعتبار وجود حاجة كبيرة للعمالة، وعدم كفاية عدد موظفي الخدمة الليلية، وتفاوت جودة الموظفين، ونظراً للطلب المتزايد على الخدمات غير التلامسية خلال أزمة جائحة كورونا، وصعوبات عديدة كبيرة وصغيرة.

فبعد تأسيس شركة ماريوت عام 1927 قدمت حلولاً عدة من أهمها: تعزيز قدرة خدمات الخطوط الأمامية، الذي أدى إلى زيادة نقاط الاتصال بين الفنادق والمقيمين، وتقديم خدمات سلسة للعملاء طوال العملية حيث عملت على تجنب النموذج التقليدي، ووضع نظام توريد يستجيب لاحتياجات العملاء، وبالإضافة لتقديمها حلاً لإدارة التسويق المستهدفة، فذلك يساعد على التفاعل بين الروبوت ونزلاء الفندق في الحصول على بيانات الاستهلاك، ورابع الحلول يكمن في نقل خدمات الضيوف إلى مجالات جديدة ففي عام 2019 أطلقت ماريوت برنامج Bonvoy traveler الذي يدمج الموارد السياحية لجميع البلدان والمناطق، التي تقع فيها فنادق ماريوت.

بالإضافة إلى التأمل والاستلهام من ماريوت، من خلال استكشاف نموذج الخدمات -الإنسان والآلة- يمكن للروبوتات أولاً: توفير قدر كبير من الموارد البشرية، وتخفيف النقص في العمالة الذي يواجه الفنادق، لكنها لا تستطيع أن تحل محل الخدمات البشرية بالمطلق، وثانياً: بناء نموذج التكامل بين مكاتب الاستقبال وخلف الكواليس في أثناء توفير الخدمات القياسية لنزلاء الفندق، يمكن للروبوتات إنتاج البيانات وتحليلها، مما يمكن موظفي الفندق من فهم طلبات الضيوف، وثالثاً: تسهيل نموذج تسويق ذي الحلقة المغلقة، فمن خلال المنصة الرسمية يمكن للفنادق إعادة تشكيل نمطها التسويقي، ثم رابعاً: خلق نماذج خدمات مبتكرة عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

الجهود المبذولة في تطوير السياحة:

جهود المملكة المتحدة:

في مجال تطوير اقتصاد منخفض الكربون، عزمت المملكة المتحدة على الالتزام الجاد بمواجهة تحديات تغير المناخ وتقليل الانبعاثات الضارة بالبيئة، من خلال وضع استراتيجيات وأهداف واضحة لتقليل الانبعاثات وتعزيز الاستدامة، تسعى المملكة المتحدة إلى تحقيق تطور اقتصادي يعتمد على مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة.
تشمل جهود المملكة المتحدة في هذا الصدد تحديد أهداف محددة لخفض الانبعاثات بنسب محددة على المدى القصير والطويل، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات قانونية لضمان التزام الشركات والمؤسسات بتلك الأهداف، كما تشجع المملكة المتحدة الابتكار في مجال الطاقة النظيفة، وتطوير تقنيات جديدة للحد من الانبعاثات.

بالإضافة إلى ذلك تولي المملكة المتحدة اهتماماً كبيراً في تطوير وسائل النقل منخفضة الكربون، من خلال تعزيز استخدام وسائل النقل العام، وتشجيع استخدام وسائل النقل الصديقة للبيئة، مثل الدراجات والسيارات الكهربائية، كما تسعى المملكة المتحدة إلى تطوير بنية تحتية مستدامة، لتسهيل استخدام وسائل النقل المنخفضة الكربون.
عموماً يعكس التزام المملكة المتحدة بالتنمية المنخفضة الكربون رؤية طموحة، لبناء مستقبل أكثر استدامة بيئياً واقتصادياً، والحفاظ على البيئة، والحد من تأثيرات تغير المناخ.

"تيك توك" القوة المحركة في عالم السياحة:

إلى جانب ذلك وفي هذا العصر الرقمي، يبرز تيك توك كقوة محركة في التسويق السياحي، وذلك بفضل قاعدة مستخدميه الضخمة والمتنامية بسرعة، خاصةً بين الشباب، هذه المنصة تجذب مختلف الفئات العمرية من خلال محتواها المتنوع والجذاب، مما يجعلها ميداناً خصباً للإبداع والابتكار التسويقي.

تحدي الهاشتاغ إحدى الأدوات البارزة على تيك توك، يعد استراتيجية فاعلة لإشراك المستخدمين وزيادة الوعي بالمقاصد السياحية. مبادرة تشنغدو، على سبيل المثال، سلطت الضوء على كيف يمكن لحملة تسويقية مُحكمة أن تحول وجهة مدينة عادية إلى وجهة مرغوبة عالمياً، عبر تسخير قوة تيك توك. القصص المؤثرة والقصيرة تنقل تجربة غنية قادرة على التأثير وجذب الأنظار، مما يعزز مكانة تيك توك كأداة أساسية في صناعة السياحة، وتعزيز الوعي بالثقافات المتنوعة، من خلال الشاشات الصغيرة.
تيك توك المنصة الصاخبة بالحيوية، تُعد اليوم ساحة رئيسية للتسويق السياحي، مستفيدة من سرعة نمو قاعدة مستخدميها وشعبيتها المتزايدة لدى الشباب ومختلف الفئات العمرية.

في هذا الفضاء الرقمي وحيث يمارس الإبداع أبهى أشكاله، تسطع الوجهات السياحية بصورة مغرية، تلتقط أبصار وقلوب المستكشفين. من خلال تحديات الهاشتاغ، وتخلق المنصة دوامة من التفاعل والإثارة، مما يساهم في نشر الوعي وزيادة الاهتمام بالمناطق السياحية والعروض الثقافية. كما كانت مبادرة " "Chengduواحدة من ألمع الحملات التسويقية حيث تمكنت هذه المدينة من التصدر عالمياً عبر تيك توك باختيار الباندا رمزاً لها، وعرضها المحتوى الفريد والمميز الذي يحاكي شغف وطموحات الجيل الناشئ.

كما أن القدرة على المشاركة المباشرة والفورية تجعل تيك توك منصة استثنائية في نقل تجارب السفر الحيّة والملهمة، ما يضيف بُعداً جديداً لصناعة السياحة في العصر الرقمي.

إعادة الحياة إلى السياحة بعد كوفيد -19:

كان لجائحة كوفيد-19 تأثيراً كبيراً على صناعة السياحة، حيث شهد القطاع السياحي انخفاضاً كبيراً في عدد السياح الدوليين والإيرادات.

ومن أجل تحقيق انتعاش في هذا القطاع يبرز دور الحكومات كلاعب رئيسي في اتخاذ إجراءات سريعة، لمواجهة انتشار الفيروس، وضمان سلامة السوق الاستهلاكية.
في هذا السياق، تتخذ دبي -كونها مدينة سياحية رائدة- إجراءات صارمة، لإعادة بناء صورتها كوجهة سياحية آمنة. تشمل هذه الإجراءات حملات التطهير والتعقيم والتوعية لضمان سلامة الزوار، بالإضافة إلى ذلك تعتمد دبي على الإدارة الرقمية، وابتكار الخدمات العامة في مجالات النقل والرعاية الصحية والأمن، لضمان تجربة سياحية آمنة ومريحة للزوار.
بهذه الجهود تسعى دبي إلى تعزيز السياحة الدولية، وضمان سلامة المسافرين وأمانهم، مما يساهم في تحقيق انتعاش اقتصادي للقطاع السياحي في المدينة.

نتائج التقرير:

مما سبق نرى أن أبرز نتائج التقرير كانت:

  1. تأثير جائحة كوفيد-19: أدت جائحة كوفيد-19 إلى تغييرات كبيرة في صناعة السياحة، مما يتطلب إعادة تشكيل العلاقات بين الدول وتطبيق التكنولوجيا الجديدة.
  2. تجديد صناعة السياحة: من خلال إعادة تشكيل المشهد السياحي، ومحرك النمو، والمنطق الصناعي، ونموذج النمو لصناعة السياحة، لتكون مستدامة في المستقبل.
  3. دور الدول الناشئة: تلعب الدول الناشئة دوراً مهماً في صناعة السياحة، ويجب إعادة تحديد علاقة السياحة بالمناخ والطبيعة.
  4. التكنولوجيا والابتكار: يتطلب التكيف مع التغيرات التاريخية استخدام التكنولوجيا والابتكار، لإصلاح صناعة السياحة بأسلوب شامل ومرن لجعلها مستدامة.

عموماً يبرز التقرير أهمية فهم التحديات التاريخية والتغيرات في صناعة السياحة، وضرورة التكيف والتبني للابتكار لضمان استدامتها في المستقبل.

توصيات التقرير:

  1. تعزيز التعاون الدولي: ينبغي للدول والشركات والمؤسسات في صناعة السياحة تعزيز التعاون الدولي، لمواجهة التحديات المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة.
  2. تبني الابتكار والتكنولوجيا: على شركات السياحة تبني سياسة الابتكار، واستخدام التكنولوجيا، لتحسين تجربة السائحين وتعزيز الاستدامة البيئية.
  3. التركيز على السياحة المستدامة: ينبغي لجميع أطراف صناعة السياحة التركيز على تعزيز السياحة المستدامة، من خلال حماية البيئة والثقافة المحلية، وتعزيز التوازن بين الاقتصاد والبيئة.
  4. تطوير استراتيجيات جديدة: يجب على الشركات والمؤسسات المختصة في صناعة السياحة تطوير استراتيجيات جديدة، تتناسب مع التغيرات الحالية، وتلبي احتياجات السوق المتغيرة.
  5. تحفيز الابتكار وريادة الأعمال: التشجيع على الابتكار وريادة الأعمال في صناعة السياحة، من خلال دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتوفير بيئة مناسبة للابتكار.

هذه التوصيات تعكس أهمية التكيف مع التحديات والتغيرات في صناعة السياحة، وضرورة اتخاذ إجراءات فعالة لضمان استدامتها وتطويرها في المستقبل.

في ختام مقالنا نجد أننا نقف على أعتاب مرحلة مهمة للغاية فالابتكار لم يعد رفاهية، بل ضرورة حيوية، لتحقيق نقلة نوعية وطموحة في القطاع السياحي. فالإمكانات الضخمة لمنطقة ما والمتجسدة في تراثها وثقافتها، تشكل معيناً لا ينضب لخلق تجارب سياحية مبتكرة ومتميزة.

بلا شك الابتكار في مجال السياحة يمثل فرصة ثمينة، لاستشراف مستقبل أكثر ازدهاراً للمنطقة، مستقبل يحمل في طياته التطور والنماء للأجيال القادمة.

رابط التقرير للاطلاع

شارك هذا المقال

تواصل معنا

نرحب بكافة استفساراتكم وتساؤلاتكم...