دور إشراك المجتمع المحلي والدولي في إيجاد حلول مبتكرة للحج والعمرة من خلال تحديات الابتكار والمسابقات

يُعد موسم الحج والعمرة من أكبر التجمعات الدينية في العالم، حيث يتوافد نحو 2.5 مليون حاج سنويًا في موسم الحج، بينما يصل عدد المعتمرين إلى ما يقارب 15 مليون معتمر على مدار العام. يأتي هؤلاء الزوار من مختلف أنحاء العالم لأداء هذه الشعائر المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة. مع تزايد الأعداد بشكل مستمر، تزداد التحديات التي تواجه إدارة هذا الحدث الضخم، مما يستدعي البحث المستمر عن حلول مبتكرة لتلبية احتياجات الحجاج والمعتمرين وتحسين تجربتهم في مختلف الجوانب، سواء في النقل، أو الرعاية الصحية أو إدارة الحشود أو الخدمات اللوجستية. في هذا السياق، قامت وزارة الحج والعمرة بإطلاق أكثر من 10 تحديات الابتكار ومسابقات منذ عام 2022 بهدف إشراك المجتمع المحلي والدولي في إيجاد حلول لهذه التحديات المتزايدة. هذه الفعاليات شهدت مشاركة أكثر من 10 آلاف مشارك من داخل المملكة وخارجها، وأسفرت عن 30 مشروعًا مبتكرًا، تم تطبيق 15 منها بنجاح في موسم حج 1445 هـ.

 

أهمية التحديات والمسابقات في تطوير الحلول المبتكرة

التحديات الابتكار والمسابقات تعتبر من الأدوات الفعّالة التي تتيح للمجتمع المحلي والدولي فرصة المساهمة في حل المشكلات المعقدة عبر التعاون بين فرق متعددة التخصصات. هذه الفعاليات توفر منصات للمشاركين من مختلف القطاعات، بما في ذلك الحكومات، الشركات الخاصة، والمنظمات غير الربحية، للتعاون وتبادل الأفكار واستخدام أحدث التقنيات مثل الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وإنترنت الأشياء. من خلال هذه الفعاليات، يتم تحفيز العقول المبدعة للعمل على تطوير حلول مبتكرة تهدف إلى تحسين تجربة الحج والعمرة في جوانبها المختلفة.

وزارة الحج والعمرة قد أدركت أهمية هذه الفعاليات، حيث تتيح لها الفرصة للاستفادة من المعرفة والخبرات العالمية في حل التحديات التي تواجه قطاع الحج والعمرة. وبالتالي، فإن هذه التحديات الابتكارية ليست مجرد مسابقات، بل تمثل منصات استراتيجية لدفع الابتكار والإبداع في هذا القطاع الحيوي.

 

أبرز التحديات ومسابقات جمع الحلول التي أطلقتها وزارة الحج والعمرة

تحدي الحلول المستدامة

أطلقت وزارة الحج والعمرة بالتعاون مع الشركة الدولية للإبداع وريادة الأعمال مسابقة "تحدي الحلول المستدامة"، والتي شهدت مشاركة أكثر من 200 شركة ناشئة و300 فكرة مبتكرة من أكثر من 25 دولة. كان الهدف من هذه المسابقة ابتكار حلول تعالج التحديات التي يواجهها الحجاج والمعتمرون خلال مواسم الحج والعمرة، مع التركيز على تحسين الخدمات الأساسية مثل النقل، والإعاشة، والضيافة، إضافة إلى تحسين أنظمة البناء. كما استهدف التحدي تعزيز تجربة الحج والعمرة بشكل عام، مع التركيز على الحلول المستدامة التي تضمن استمرارية وفاعلية هذه الخدمات على المدى الطويل.

 

مسابقة الذكاء الاصطناعي في العمرة

من بين المبادرات البارزة أيضًا، مسابقة "الذكاء الاصطناعي في العمرة"، التي أطلقتها وزارة الحج والعمرة بالتعاون مع الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة. هذه المسابقة كانت فرصة رائعة لرواد الأعمال في دول العالم الإسلامي لتصميم حلول مبتكرة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة المعتمرين. شهدت المسابقة مشاركة 150 فريقًا، وركزت على تطوير الروبوتات الذكية وتحليل بيانات الحجاج لتنظيم حركة الحشود داخل الحرمين الشريفين.

 

صحةثون

بالشراكة بين وزارة الصحة ووزارة الحج والعمرة مسابقة "صحةثون"، التي تهدف إلى تحسين الرعاية الصحية للحجاج باستخدام تقنيات حديثة لمراقبة الحالة الصحية في الوقت الفعلي. شهدت المسابقة مشاركة 436 مشاركًا قدموا 164 فكرة مبتكرة، وشارك في الفعالية ممثلون من 10 دول و11 جنسية. إلى جانب ذلك، تم توفير 28 ساعة تدريبية شارك فيها 91 خبيرًا ومدربًا متخصصًا في مجال الرعاية الصحية والتقنيات الطبية، وذلك لتطوير حلول مبتكرة للاستجابة للطوارئ الصحية التي قد تحدث أثناء موسم الحج.

 

تحدي الحج والعمرة

أُطلق "تحدي الحج والعمرة" ضمن إطار مؤتمر ومعرض خدمات الحج والعمرة لعام 2022 و2023، وشارك فيه 1484 متقدمًا من 42 دولة. من بين هذه المشاركات، تم اختيار 31 فريقًا للمشاركة في المعسكر التدريبي، وتصفية الفرق للوصول إلى 13 فريقًا في المرحلة النهائية. ركز التحدي على استخدام تقنيات حديثة مثل الطائرات بدون طيار (الدرونز) لتوزيع المواد الضرورية مثل المياه والموارد الغذائية على الحجاج في الأماكن الأكثر ازدحامًا. كما استهدفت الفعالية تحسين تنظيم حركة الحشود باستخدام الروبوتات الذكية، مما ساهم في تحسين تجربة الحجاج. كما تم توزيع المشاركات في عدة مسارات، منها مسار الخدمات الأساسية الذي شمل حلولًا في مجالات الإعاشة والتموين وإدارة الحشود، ومسار الخدمات الإثرائية الذي تناول خدمات الترجمة والخدمات الإثرائية، بالإضافة إلى مسار التجربة الرقمية الذي ركز على استخدام الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.

 

تم تخصيص جوائز بقيمة إجمالية بلغت 150,000 ريال سعودي، إضافة إلى تقديم برامج تدريبية واستشارات متخصصة لدعم المبتكرين في تنفيذ حلولهم.

 

إشراك المجتمع الدولي

من خلال هذه المسابقات وتحديات الابتكار، تسعى وزارة الحج والعمرة إلى إشراك المجتمع الدولي في تطوير حلول مبتكرة. يتيح ذلك للمشاركين من دول أخرى تبادل الخبرات والتقنيات التي ساعدت في تحسين تنظيم المناسبات الكبيرة في بلدانهم. على سبيل المثال، يمكن تبادل أفضل الممارسات المتعلقة بإدارة الحشود، استخدام الذكاء الاصطناعي، وتطوير تقنيات النقل المستدام.

 

التنسيق بين القطاعات الحكومية والخاصة

النجاح في تنفيذ هذه الحلول المبتكرة لا يأتي إلا من خلال التنسيق المثمر بين الجهات الحكومية، مثل وزارة الحج والعمرة، التي تقدم الدعم التنظيمي والإطار القانوني الذي يوجه المشاركين نحو الحلول التي تتماشى مع الاحتياجات الفعلية للحجاج. إضافة إلى ذلك، يسهم القطاع الخاص من خلال توفير التقنيات الحديثة والابتكارات التي تساهم في تنفيذ هذه الحلول. المنظمات غير الربحية تلعب أيضًا دورًا محوريًا في تطبيق هذه الحلول على أرض الواقع من خلال تقديم الدعم المجتمعي وتسهيل التفاعل المباشر مع الحجاج.

من خلال هذا التنسيق، تضمن وزارة الحج والعمرة تحقيق نتائج ملموسة في تحسين تجربة الحج والعمرة، مما يجعل هذه الفعاليات نموذجًا يحتذى به في مجال الابتكار والتعاون بين القطاعين العام والخاص.