الابتكار الاجتماعي
العقلية المرتكزة على البيانات

مجلة اتجاهات الأثر الاجتماعي - العدد 16

العقلية المرتكزة على البيانات

   عبير العبيد

يدرك رجال الأعمال والمستثمرون في القطاع الاجتماعي أهمية أن يكون لديهم عقلية مرتكزة على البيانات، تساعدهم في التخطيط ووضع الاستراتيجية الأمثل لتحقيق أهداف مؤسساتهم. ورغم ذلك يعتمد العديد منهم على المشاعر والحدس في اتخاذ القرارات، بسبب اعتقادهم بأن خبرتهم كافية لتكون الحكم في اتخاذ تلك القرارات، فيتجنبون التعامل مع البيانات، ولا يرغبون بتضمينها في اعتباراتهم، وخاصة أولئك الذين يعملون في القطاع الخيري، ظناً منهم أن عملهم لا يتطلب قياساً، وإنما دورهم فقط يقتصر على تلبية الاحتياجات، والاستجابة للحالات الطارئة بالصورة التي تتطلبها تلك الاستجابة.

وهذه العقلية تؤثر سلباً على المدى الطويل في جودة عمل القطاع الاجتماعي ومؤسساته، لكونها لا ترتكز على أساس بحثي علمي مبني على بيانات تؤكد صحة القرارات التي تتخذها هذه المؤسسات.

وللحديث أكثر عن مفهوم العقلية المرتكزة على البيانات، نخصص هذا المقال للتعرف على ماهيتها، وخصائصها، وأهمية وجود عقلية مرتكزة على البيانات في المؤسسة، بالإضافة لمعرفة خطوات تطوير العقلية لتكون عقلية مرتكزة على البيانات، بحيث نجيب عن التساؤل التالي:

كيف يمكن بناء العقلية المرتكزة على البيانات لدى قادة مؤسسات القطاع الاجتماعي؟

وقد تعددت تعريفات العقلية المرتكزة على البيانات، وأشملها كان تعريف الشركة البريطانية بزنس أهيدBusiness Ahead  بكونها[1]:

"عقلية فردية أو عقلية فريق عمل ضمن شركة، تتخذ هذه العقلية قراراتها اعتماداً على البيانات بدلاً من الشعور والحدس"

وتحدثت  هارفرد بزنس ريفيو Harvard Business Review في إحدى بصائرها[2]عن خصائص العقلية المرتكزة على البيانات المتمثلة بـما يلي:

  • تعتبر البيانات جزءاً أساسياً من أي قرار استراتيجي تتخذه المؤسسة.
  • تحدد نوع البيانات التي تحتاجها المؤسسة لاتخاذ قراراتها في حال وجود أي مخاطرة.
  • تؤطر أدوار الفريق في أطر تزيد من فعاليته.
  • تسخر قوة البيانات في تحقيق أهداف المؤسسة وتطورها.

وتظهر أهمية امتلاك المؤسسة لعقلية مرتكزة على البيانات، في جوانب عديدة تختلف تبعاً لطبيعة المؤسسة، وآلية عملها، وأهم تلك الجوانب[3]:

  • اتخاذ القرارات بثقة
  • تعزيز الابتكار في المؤسسة
  • زيادة كفاءة وفعالية عمليات المؤسسة
  1. اتخاذ القرارات بثقة:
    تستند المؤسسة عند اتخاذ قراراتها إلى البيانات، لتكون واثقة من تحقيق ما تسعى إليه، كتحقيق ربحية أكثر في الاستثمار، وبناء سمعة جيدة أمام الإدارة والداعمين والجمهور.
  2. تعزيز الابتكار في المؤسسة:
    إن امتلاك المؤسسة لعقلية مرتكزة على البيانات يعزز التعاون والتفكير والفشل، بين أقسام المؤسسة، بأسلوب يساعد تلك الأقسام على فهم التحديات والفرص التي تواجه بعضها بعضاً، ويقودها للابتكار.
  3. زيادة كفاءة وفاعلية عمليات المؤسسة:
    إذا لم تقس المؤسسة أداءها الحالي، وتتعرف على موقعها بين مثيلاتها من المؤسسات، وأين ستكون في المستقبل، سيكون من الصعب جداً عليها تحقيق أهدافها. بالمقابل يسمح امتلاك المؤسسة لعقلية مرتكزة على البيانات بتحليل وتحسين عمليات المؤسسة بصورة ممنهجة، مما يقلل من هدر الموارد، ويزيد من كفاءة وفاعلية عملياتها.

وبعد ذكر أهمية امتلاك المؤسسة لعقلية مرتكزة على البيانات من جوانب عديدة، نجيب عن التساؤل المطروح في بداية المقال، في أربع خطوات عملية حول تطوير عقلية مرتكزة على البيانات، والتي تلخص نظريات عديدة حول هذا المفهوم وعلاقته بصنع القرارات:

  1. امتلاك عادة دعم القرار بالبيانات
  2. تخصيص زاوية في المؤسسة لصنع القرارات
  3. الموضوعية في قراءة البيانات عند اتخاذ القرارات
  4. تأطير إمكانيات وحدود التعامل مع البيانات

 

1. امتلاك عادة دعم القرار بالبيانات:
يتطلب امتلاك هذه العادة العمل كما يلي:

  • قبل اتخاذ أي قرار، ابدأ بجمع كل البيانات التي تتعلق بالموضوع الذي تريد اتخاذ القرار بخصوصه، واحرص على أن تكون البيانات مفيدة، وغير مكلفة، ولا تحتاج للكثير من الجهد والوقت للوصول لها.
  • تأكد من موثوقية القنوات التي تجمع منها بياناتك وتنوعها، ومدى صلاحية تلك البيانات خلال فترة اتخاذك للقرار.
  • تأكد من صحة الافتراضات التي تدعم قراراتك.

2. خصص زاوية في المؤسسة للتفكير مع الفريق، بحيث تشارك الأفكار حول كيفية توظيف البيانات المتوفرة في عملية صنع القرار.

3. احرص على أن تكون موضوعياً في قراءة البيانات المرتبطة بالقرار المراد اتخاذه، مما يجنبك الوقوع في فخ رؤية ما تريده أن يتحقق وتجاهل ما لا تريده، مما قد يعرض المؤسسة للمخاطرة والتراجع في أدائها.

4. تأطير إمكانيات وحدود التعامل مع البيانات، بما يساعد في الحفاظ على توقعات قابلة للتنفيذ، وفقاً للإمكانات المتاحة. ولهذا السبب تكون القدرة على التعامل مع المشكلات والحلول جزءاً من امتلاك عقلية مرتكزة على البيانات.

ومن خلال هذا الاستعراض المختصر لمفهوم العقلية المرتكزة على البيانات نفتح الباب أمام قضايا عديدة في هذا المجال، تحتاج للنقاش والمزيد من تسليط الضوء عليها، لمساعدة مؤسسات القطاع الاجتماعي في بناء عقلية مرتكزة حول البيانات، واستخدامها في تطوير وتحسين الأداء.

شارك هذا المقال

تواصل معنا

نرحب بكافة استفساراتكم وتساؤلاتكم...