الابتكار الاجتماعي
قياس الأثر التنبؤي ما بين الواقع والتطبيق

مجلة اتجاهات الأثر الاجتماعي - العدد 17

قياس الأثر التنبؤي ما بين الواقع والتطبيق

   د. فاطمة شلّاف

يعد قياس الأثر التنبؤي أحد المفاهيم الحديثة التي أثبتت فاعليتها في الكثير من المجالات، بما في ذلك الصناعة والخدمات والاقتصاد، فمن خلال تحليل البيانات وتطبيق تقنيات التنبؤ، يمكن للشركات والمؤسسات الحصول على رؤى دقيقة حول الأحداث المستقبلية واتخاذ القرارات المناسبة بناءً على ذلك. ويعد قياس الأثر التنبؤي أداة مهمة لتحسين الكفاءة والإنتاجية والربحية للشركات، بالإضافة إلى تقليل التكاليف وتحسين جودة المنتجات والخدمات.

ومن المثالية أن يتم تطبيق قياس الأثر التنبؤي في مجالات مختلفة، حيث يمكن تحسين الأداء وتعزيز العوائد المادية للشركات إلى جانب تحقيق أثر اجتماعي وبيئي إيجابي، ويتطلب ذلك استخدام تقنيات تحليل البيانات المناسبة والتي تتيح للمؤسسات الحصول على تنبؤات دقيقة حول الأحداث المستقبلية وتحليلها لتحديد الأفضليات واتخاذ القرارات الصائبة.

ويمثل قياس الأثر التنبؤي اليوم مجال بحث مهم ومثير للاهتمام، حيث يسعى الكثير من الباحثين والمؤسسات إلى فهم أفضل لهذه الأداة واستخدامها استخداماً فعالاً لتحقيق أفضل النتائج، بالإضافة إلى ذلك يعد القياس التنبؤي للأثر أداة مهمة لتحسين العمليات الصناعية وتحسين الأداء المالي، على سبيل المثال يمكن استخدام القياس التنبؤي لتوقع أيام التوقف غير المخطط لها والحد من تكاليف التشغيل والصيانة، ويمكن استخدام القياس التنبؤي أيضاً في قطاع الخدمات المالية لتوقع النتائج المالية والتخطيط الإستراتيجي للمؤسسات المالية، عموماً يمكن القول: إن القياس التنبؤي للأثر هو أداة قوية يمكن استخدامها بالاعتماد على المعرفة المتاحة والابتكار في تقنيات القياس، يمكن للشركات والمؤسسات تحقيق تحسينات كبيرة في الأداء والعمليات، ومن ثم تحسين المردودية وتحقيق أرباح أعلى.

أهم الجهات المهتمة بقياس الأثر التنبؤي:

  • مؤسسة التمويل الدولية: من بين المؤسسات المهتمة بقياس الأثر التنبؤي مؤسسة التمويل الدولية التي تقدم التمويل والدعم الفني للمشروعات التي تحقق أثراً اجتماعياً واقتصادياً إيجابياً، وتشمل مشروعاتها تحسين البنية التحتية للنقل والطاقة والمياه، وتحسين التعليم والرعاية الصحية، وتعزيز الصحة البيئية، وتعزيز التنمية الاقتصادية في البلدان النامية.
  • مؤسسة البنك الدولي: تعد مؤسسة البنك الدولي من الجهات التي تبنت قياس الأثر التنبؤي، حيث تعمل على تمويل مشروعات التنمية المستدامة ودعمها في جميع أنحاء العالم، وتشمل مشروعاتها تحسين الصرف الصحي والمياه وتوفير الطاقة والنقل والتعليم والصحة وتطوير القطاع الخاص.
  • مؤسسة روكفلر: أنشأت مؤسسة روكفلر في عام 2007 مركزاً للابتكار في القياس والتقييم الاجتماعي بهدف تطوير الأدوات والتقنيات المستخدمة في قياس الأثر التنبؤي، ويهدف المركز إلى تطوير أدوات تقييم جديدة تتيح للمؤسسات والمنظمات والحكومات قياس الأثر الاجتماعي والاقتصادي والبيئي للمشروعات الجديدة.
  • مؤسسة مايكروسوفت: تعمل مؤسسة مايكروسوفت أيضاً على قياس الأثر التنبؤي في مجالات متعددة، بما في ذلك التعليم والتنمية والتكنولوجيا، ففي عام 2017 أطلقت مايكروسوفت مبادرة "AI for Good"، التي تهدف إلى استخدام التكنولوجيا الذكية لحل المشكلات الاجتماعية والبيئية العالمية، وتعمل المبادرة على توفير التمويل والدعم الفني لمشروعات التكنولوجيا الذكية التي تحقق أثراً اجتماعياً إيجابياً.

وتعمل المنظمات التابعة للأمم المتحدة على تنفيذ مشروعات التنمية المستدامة في جميع أنحاء العالم، وتشمل مشروعاتها تحسين البنية التحتية والصحة، والتعليم، والإعاشة، والمياه.

لذا يمكن القول: إن قياس الأثر التنبؤي أصبح أداة حيوية في تحليل النتائج المتوقعة للمشروعات الجديدة، وتحديد مدى أثرها الاجتماعي والاقتصادي والبيئي، وتحديد فوائدها وتكاليفها، واتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من الأثر السلبي وزيادة الأثر الإيجابي، وتساعد هذه الأداة في توضيح الفوائد والمخاطر المحتملة للمشروعات المقترحة، مما يساعد على اتخاذ قرارات أفضل.

ومن المثالية أن يتم تبني قياس الأثر التنبؤي بالتزامن مع الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية والبيئية، والعمل على تحقيق التنمية المستدامة وتحسين حياة المجتمعات، حصراً عندما يتم استخدام هذه الأداة بأسلوب صحيح وفي سياق المسؤولية الاجتماعية، يمكن أن يحقق قياس الأثر التنبؤي أهدافه بصورة فعالة ويحقق الفوائد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المرجوة.

وفي منطقتنا العربية لا بد من تنظيم حملات توعية بأهمية قياس الأثر التنبؤي وتبنيه في تحليل المشروعات الجديدة، تستهدف المؤسسات والحكومات والمجتمعات المحلية لتعزيز الاستخدام السليم لهذه الأداة والعمل على تطويرها وتحسينها باستمرار بما يتناسب مع سياق الاستثمار وطبيعة المشروعات المنفذة، بحيث تشكل جزءاً من خطة العمل لأي مشروع أو برنامج يهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وتحسين حياة المجتمعات، وهذا بدوره يقود إلى ضرورة أن تبني المؤسسات قدرات العاملين فيها وتحسن مهاراتهم اللازمة لتطبيق قياس الأثر التنبؤي.

شارك هذا المقال

تواصل معنا

نرحب بكافة استفساراتكم وتساؤلاتكم...