الابتكار الاجتماعي
جهود توحيد ممارسات قياس الأثر الاجتماعي

مجلة اتجاهات الأثر الاجتماعي - العدد 17

جهود توحيد ممارسات قياس الأثر الاجتماعي

   عبير العبيد

يدرك المستثمرون اجتماعياً بصورة متزايدة ضعف الأداء الاستثماري أمام التحديات التي يواجهها العالم، والتي أصبحت ملحة لدرجة الخطورة، وضرورة السعي لتوحيد ممارسات قياس الأثر الاجتماعي والبيئي بما ينعكس إيجابياً على أداء استثماراتهم ويعود بالمنفعة على المجتمع والبيئة. 

ونستعرض في هذا المقال نموذجين من المبادرات التي أطلقتها جهات دولية منتشرة في بلدان عدة حول العالم، بهدف توحيد ممارسات قياس الأثر الاجتماعي، وهما: إطار المبادرة العالمية للتقارير (GRI)، وبرنامج مشروع إدارة الأثر (IMP).

ويتضمن هذا العرض تعريفاً بالمبادرتين، وتاريخهما، والمعنيين بهما، والمؤسسات التي تستخدمهما، ومحدداتهما، وإطارهما العلمي.

أولاً: المبادرة العالمية للتقارير Global Reporting Initiative (GRI)

التعريف بالمبادرة

إطار أطلقته المبادرة العالمية للتقارير، وهي منظمة دولية غير ربحية، تعمل على توحيد معايير كتابة التقارير التي تقيس الأثر، بوجه يساعد الشركات، والحكومات، والمنظمات على فهم أثرها في القضايا الاجتماعية، والبيئية، والمشكلات المتعلقة بالحوكمة.

تاريخ المبادرة

أسس إطار المبادرة العالمية للتقارير (GRI) عام 1997م، في أمستردام – هولندا، وحققت انتشاراً واسعاً، حيث اعتمدت في 77 بلداً موزعين في آسيا، وأفريقيا، وأستراليا، وأوقيانوسيا، وأمريكا الوسطى، والبحر الكاريبي، وأوروبا، وشمال أمريكا، وأمريكا الجنوبية.

المعنيون بالمبادرة
  • العاملون في القطاع غير الربحي.
  • المانحون والداعمون.
  • المؤسسات الحكومية.
المؤسسات التي تستخدم إطار المبادرة

انضمت مؤسسات عدة لإطار المبادرة العالمية للتقارير (GRI)، وأصبحت أعضاء فيها، وقد بلغ عدد المؤسسات المنضمة حتى عام 2022 -والتي اعتمدت الإطار ونشرت تقاريرها وفقاً له- أكثر من 10,000 شركة، وذلك بحسب التقرير الصادر عن منظمة Global Reporting في يناير، 2022.

محددات المبادرة

يتكون إطار المبادرة العالمية للتقارير من ثلاث مكونات أساسية:

  • مبادئ إعداد التقارير.
  • استخدام معايير المبادرة العالمية للتقارير (GRI) لدى إعداد التقارير.
  • الادعاءات حول استخدام معايير المبادرة العالمية للتقارير (GRI).

فمن خلال المكونات الثلاثة السابقة، يمكن للمستثمرين اجتماعياً إعداد تقارير قياس الأثر الخاصة بهم وفقاً لمعايير موحدة ومعتمدة عالمياً.

الإطار العلمي للمبادرة

نستعرض فيما يلي آلية تطبيق كل مكون من مكونات إطار المبادرة:

  • مبادئ إعداد التقارير
  • استخدام معايير المبادرة لإعداد التقارير
  • الادعاءات حول استخدام معايير المبادرة
  1. مبادئ إعداد التقرير في المؤسسة، ولها قسمان:
    1. مبادئ تحديد محتوى التقرير:
      • شمول أصحاب المصلحة: يجب أن تحدد المؤسسة أصحاب المصلحة، وتوضح كيفية استجابتها لتوقعاتهم واحتياجاتهم.
      • سياق الاستدامة: يجب أن يعرض التقرير أداء المؤسسة في السياق الأوسع للاستدامة.
      • الأهمية النسبية: يجب أن يعكس التقرير الآثار الاقتصادية والبيئية والاجتماعية المهمة للمؤسسة، والتي تؤثر في تقييمات وقرارات أصحاب القرار.
      • الاكتمال: يجب أن يغطي التقرير الموضوعات الجوهرية وحدودها، كالتعبير عن الآثار الاقتصادية والبيئية والاجتماعية الهامة، ليتمكن أصحاب المصلحة من تقييم أداء المؤسسة في المدة المشمولة بالتقرير.
    2. مبادئ تحديد جودة التقرير
      • الدقة: يجب أن تكون المعلومات الواردة في التقرير دقيقة ومفصلة، ليتمكن أصحاب المصلحة من تقييم أداء المؤسسة.
      • التوازن: يجب أن تعكس المعلومات المقدمة في التقرير الجوانب الإيجابية والسلبية لأداء المؤسسة، لتمكين التقييم المنطقي والمعقول للأداء العام.
      • الوضوح: يجب على المؤسسة أن تقدم المعلومات بطريقة مفهومة، يصل إليها أصحاب المصلحة بسهولة.
      • إمكانية المقارنة: يجب أن تحدد المؤسسة المعلومات، وتجمعها، وتقدمها بشكل مرتب، ليتمكن أصحاب المصلحة من تحليل التغيرات التي تطرأ على أداء المؤسسة مع مرور الوقت، ومقارنتها بالمؤسسات الأخرى.
      • الموثوقية: يجب أن تجمع المؤسسة المعلومات والإجراءات المستخدمة في إعداد التقرير، وتسجلها، وتحللها، وتقدم التقارير عنها بطريقة تجعلها قابلة للفحص، كما يجب أن تحدد نوعية المعلومات وأهميتها النسبية.
      • التوقيت المناسب: يجب على المؤسسة أن تعد التقرير حسب جدول زمني منتظم، لكي يتمكن أصحاب المصلحة من اتخاذ القرارات في الوقت المناسب.
  2. استخدام معايير المبادرة العالمية للتقارير (GRI) لإعداد التقارير:
    • يوجد نهجان أساسيان لاستخدام المعايير: (أ) استخدام معايير المبادرة كأساس لإعداد التقرير. (ب) استخدام معايير محددة، أو أجزاء من محتوياتها، لتقديم تقرير عن معلومات معينة.
  3. الادعاءات حول استخدام معايير المبادرة العالمية للتقارير (GRI)
    • للادعاء بأن التقرير قد أعد وفقاً لإطار المبادرة العالمية للتقارير (GRI)، ينبغي أن تفي المؤسسة المقدمة للتقرير بجميع معايير المبادرة.

ثانياً: برنامج مشروع إدارة الأثر Impact Management Project (IMP)

التعريف بالبرنامج

هو برنامج أطلقته شركة Impact Management Project، ويضم منظمات مختلفة، لبناء إجماع عالمي حول كيفية تقييم الأثر الاجتماعي والبيئي وقياسه، بالإضافة لمعايير موحدة في كتابة تقارير قياس الأثر.

تاريخ المبادرة

بدأ برنامج مشروع إدارة الأثر (IMP) عام 2016 كمنتدى محدد زمنياً، لبناء إجماع عالمي حول كيفية قياس الأثر الاجتماعي والبيئي وتقييمه الناتج عن المشروعات، وكتابة التقارير حوله. وما لبث أن تطور ليصبح مختبراً يجمع الممارسين في الاستثمار الاجتماعي معاً بهدف تبادل خبراتهم في قياس الأثر وإدارته.

المعنيون بالمبادرة
  • رواد الأعمال الاجتماعية.
  • مديرو الصناديق الاستثمارية.
  • القائمون على المؤسسات غير الربحية.
المؤسسات التي تستخدم البرنامج

يمكن لأي مؤسسة تؤثر بصورة مباشرة في المجتمع أو البيئة أن تنضم لهذا البرنامج في إدارة أثرها، سواء أكانت شركة كبيرة متعددة الجنسيات، أم شركة صغيرة، أم منظمة غير ربحية، ومن أبرز المؤسسات التي تعتمد برنامج مشروع إدارة الأثر (IMP) الرابطة الأوروبية للأعمال الخيرية.

محددات البرنامج
  • تجنب إلحاق الضرر بأصحاب المصلحة.
  • تحقيق الفائدة لأصحاب المصلحة بصورة فعالة.
  • المساهمة في إيجاد حلول للمشكلات الاجتماعية أو البيئية الملحة.
الإطار العلمي للمبادرة

يتبنى برنامج مشروع إدارة الأثر (IMP) الأبعاد الخمسة لقياس الأثر وإدارته، بحيث تساعد المستثمرين الاجتماعيين في عملية صنع القرار، سواء أكانوا جدداً أم ذوي خبرة في دمج اعتبارات الأثر، وذلك من خلال الإجابة عن الأسئلة الموافقة للأبعاد الآتية:

  1. البعد الأول: ما هي؟
    • ما الآثار التي تحدث خلال الاستثمار اجتماعياً؟
    • ما مدى أهمية تلك الآثار بالنسبة للأشخاص الذين يختبرونها أو البيئة التي تحدث فيها؟
  2. البعد الثاني: من؟
    • من المستهدفون الذين يختبرون الأثر الاجتماعي؟
    • ما مدى حاجة المستهدفين لذلك الأثر؟
  3. البعد الثالث: ما العدد؟
    • ما عدد الآثار التي تنتج عن الاستثمار الاجتماعي؟
    • ما مدى أهمية تلك الآثار بالنسبة للأشخاص الذين يختبرونها أو البيئة التي تحدث فيها؟
  4. البعد الرابع: ما المساهمة؟
    • ما مدى مساهمة المؤسسة في تحقق هذه الآثار، مع مراعاة ما كان سيحدث على أي حال؟
  5. البعد الخامس: ما المخاطر؟
    • ما المخاطر التي سيتعرض لها المجتمع أو البيئة إثر الاستثمار إذا لم يتحقق الأثر المنشود؟

وكما لاحظنا أنه في كلا النموذجين يجب تضافر الجهود والتكامل بين مؤسسات العمل الاجتماعي على اختلاف أنواعها: حكومية كانت أم غير ربحية أم ربحية، أم... وهذا يوفر البيانات اللازمة لقياس الأثر والإبلاغ عنه، ومن ثم تحقيق المنفعة الاجتماعية وعدم إلحاق الضرر بالبيئة.

شارك هذا المقال

تواصل معنا

نرحب بكافة استفساراتكم وتساؤلاتكم...