مجلة اتجاهات الأثر الاجتماعي - العدد 15
كيف تمكن مستثمرو العوامل البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات أخيراً من استيعاب المخاطر الاجتماعية
أخرجت جائحة كوفيد-19 أفضل وأسوأ ما في عالم الشركات، حيث أصبحت شركات صناعة السيارات تنتج أجهزة التنفس الصناعي وبدأت الشركات الاستهلاكية بصنع معقمات اليدين، بينما بدأ البعض الآخر يتلقى الشكاوى بسبب سوء التعامل مع الموظفين أثناء هذه الجائحة.
وتتطرق هذه الاعتبارات لما يسميه المستثمرون المستدامون بالمخاطر "الاجتماعية" والتي هي جزءٌ من سلسلة العوامل البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG) التي نمت شعبيتها في السنوات الأخيرة. وأدى تغير المناخ والفضائح التي طالت الشركات إلى تركيز المستثمرين على قسمي العوامل البيئية وحوكمة الشركات، في حين سلطت جائحة كوفيد-19 الضوء على العوامل الاجتماعية.
يمكن للقضايا الاجتماعية أن تتراوح من أثر التركيبة الديمغرافية على الشركة إلى علاقاتها مع المجتمع المحلي. تقول وكالة موديز (Moody’s) للتصنيف الائتماني أنَّ 8 تريليون دولار من الديون المصنّفة معرّضةٌ لمخاطرٍ اجتماعية -أي أربعة أضعاف تلك المعرّضة لمخاطرٍ بيئية.
حقق بعض المستثمرين الفائدة من خلال العوامل الاجتماعية على أمل تحسين العالم؛ حيث يستثمر هؤلاء في الشركات الصغيرة كالمؤسسات التعليمية أو في المشاريع الخاصة. بينما يستغل آخرون ذلك بنيّة تحسين العائدات المالية. كما أنه ليس هناك توافقٌ كبير حول اعتبار أيّ من المخاطر الاجتماعية هي الأهم. فيمكن لمدير الأصول الخضراء أن يعتبر قياس البصمة الكربونية للشركة هو الأهم، وثمة عددٌ محدود من المقاييس للمستثمرين الذين يفكرون بعقلية اجتماعية. عدا استثناء واحد وهو رضا الموظفين الذي ترتبط دراسته بأداء الشركة. لكن التركيز على ذلك وحده يمكن أن يؤدي إلى نتائجٍ عكسية، وذلك ببساطة عن طريق إعطاء وزن أكبر للشركات التي لديها عدد قليل نسبياً من الموظفين. ووجدت دراسة حديثة أجراها الوسيط التجاري فنسنت ديلوارد من مؤسسة “INTL FCStone” للخدمات المالية أنَّ الصناديق التي تركز على “ESG” قامت بذلك فعلاً.
بالإضافة إلى ذلك يبدو من الصعب قياس العوامل الاجتماعية الأخرى مثل ثقافة الشركة من الناحية الكمية، وبالتالي يقول جورج سيرافيم من كلية هارفارد لإدارة الأعمال أنَّ شركات تصنيف “ESG” تعتمد على المدخلات بدلاً من المخرجات لحساب درجاتهم. فمثلاً بدلاً من أن تقيس التوازن في جنس الموظفين، تتساءل عمّا إذا كانت لدى الشركات سياسة عامة متعلقة بالتّنوع في جنس الموظفين. ومن بين الأسئلة الـ 61 التي تستند إليها النتيجة الاجتماعية لتصنيف شركة واحدة، يبحث 24 سؤالاً عما إذا كانت لدى الشركات سياسة أو مدونة قواعد سلوك معيّنة.
ومن الممكن لتحليل البيانات الابتكاري أن يسد الفجوة. تبحث شركة “Thinknum Alternative Data” البحثية في تقييمات الشركات عبر الإنترنت التي كتبها الموظفون. وقبل أن يتبين أنَّ الموظفين في بنك “Wells Fargo” ينشئون حسابات عملاء مزيفة، كانوا يشتكون من الاضطرار إلى القيام بذلك. شركة “RepRisk” -وهي شركة بيانات أخرى- قامت بتحليل المقالات الإخبارية وتقارير المراكز الفكرية، وكانت تصنيفاتها للمخاطر لشركات “Johnson & Johnson” و “Purdue Pharma” و “Teva Pharmaceuticals” مرتفعة بالفعل في عام 2017، وذلك قبل أن تتصدر أزمة الأفيونات في أمريكا عناوين الأخبار الرئيسية. ومنذ ذلك الحين تم رفع دعوى قضائية ضدهم جميعاً بزعم الاستهتار بمخاطر وصف المسكنات المصنعة من الأفيون.
“Truvalue Labs” شركة بيانات ثالثة تقوم بتقييم الرأي بالتغطية الإعلامية. ووفقاً لذلك، وجد مدير الأصول السيد سيرافيم والباحثون من شركة “State Street” أنَّ التغطية الإعلامية الإيجابية لاستجابة الشركة لكوفيد-19 مرتبطة بتراجعات لاحقة كانت أقل من المعتاد في عوائد سوق الأسهم في فبراير ومارس وكذلك في الصناعة وإمكانية التحكم بالكمية.
انطلاقاً من ذلك تُعتبر دقة البيانات مفيدة، لكنَّ التحدي القادم يتمثّل في إيضاح أنَّ مثل هذه البيانات يمكن أن تكون مجدية دائماً للمستثمرين. وقد تنشأ مخاطر اجتماعية جديدة حالما تنتهي عمليات الإغلاق -مثلاً مخاطر تتعلق بكيف ستجعل الشركات مكاتبها مقاومة لفيروس كورونا. ولا يزال هناك الكثير من التحديات التي من شأنها أن تبقي الخبراء متيقظين.