مجلة اتجاهات الابتكار الاجتماعي - العدد 14
نحو مستقبل واعد للسياحة
المقدمة:
تحرص معظم دول العالم المتحضر على تنمية مواردها باستمرار، وذلك من خلال دعم مختلف القطاعات فيها، بما يضمن لها الحصول على دخل مستدام، يضمن الرفاهية والمستقبل المشرق لشعوبها، ومن هذا المنطلق فإن المملكة العربية السعودية وضعت العديد من الخطط، لتطوير مختلف القطاعات الحيوية في المملكة، ومن أبرز تلك القطاعات التي تهتم بها القطاع السياحي، إذ يعد القطاع السياحي إحدى أهم ركائز تحقيق رؤية المملكة 2030، للإسهام في تنويع قاعدة الاقتصاد الوطني، وخفض الاعتماد على النفط.
تحظى المملكة العربية السعودية بمكانة فريدة في العالم الإسلامي والدولي، وموقع جغرافي مميز، وتراث عريق وطبيعة متنوعة، مما جعلها وجهة جاذبة للسياح والجهات الاستثمارية على السواء، خصوصاً في ظل المشروعات الطموحة والضخمة، التي باتت تشهدها مختلف مناطق المملكة.
وخلال السنوات الأخيرة شكلت العديد من الجهات الرسمية وغير الرسمية في المملكة منظومة سياحية متكاملة، تهدف إلى دعم قطاع السياحة، وتزويده بالوسائل الحديثة والمبتكرة كافة، وتضم منظومة السياحة كلاً من وزارة السياحة، وصندوق التنمية السياحي، والهيئة السعودية للسياحة، والهيئة السعودية للبحر الأحمر، وبرنامج الربط الجوي، ومجلس التنمية السياحي، والذي أُسس كل منها وفقاً لأفضل المعايير العالمية، لتتكامل أدوارها لتحقيق طموحات ومستهدفات هذا القطاع الهام، ومساندته في النمو والازدهار.
في هذا المقال نسلط الضوء على أحد مكونات منظومة السياحة في المملكة، وهو صندوق التنمية السياحي، لإبراز دوره المهم في دعم المشروعات السياحية في المملكة.
صندوق التنمية السياحي:
تنطلق جهود تطوير قطاع السياحة في المملكة من الهدف الطموح للاستراتيجية الوطنية للسياحة، المتمثل في تعزيز صورة المملكة كونها وجهة سياحية رائدة عالمياً، ويرتكز تحقيق تطلعات قطاع السياحة على هذه الاستراتيجية، التي تحظى بدعم حكومي لا محدود، ومن هنا فقد أسس صندوق التنمية السياحي بموجب مرسوم ملكي في يونيو 2020، لتمكين إحدى الصناعات الأكثر نمواً في المملكة، برأس مال قدره 4 مليارات دولار أمريكي، والذي يهدف إلى تسهيل التجارة المحلية، ووصول المستثمرين الدوليين إلى الاستثمارات السياحية عالية الإمكانات عبر الوجهات الرئيسية في المملكة.
وانطلاقاً من موقعه في قلب المنظومة السياحية الوطنية، يدفع صندوق التنمية السياحي بعجلة نمو القطاع السياحي، من خلال جذب استثمارات القطاع الخاص، وعقد الشراكات التي تضمن حصول المستثمرين على كل الدعم الذي يحتاجون إليه.
رؤية صندوق التنمية السياحي:
المساهمة في تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للسياحة، من خلال تشجيع القطاع الخاص على الاستفادة من الفرص الاستثمارية في كل المجالات السياحية، مع اتباع نهج تمويلي مستدام يحافظ على رأس مال الصندوق.
رسالة صندوق التنمية السياحي:
1. دعم مختلف مجالات السياحة:
- تمويل المشروعات التي تخدم المناطق الأقل نمواً في مختلف مجالات السياحة (الأصول والخدمات).
2. تطوير الاقتصاد:
- تعزيز مكانة المملكة لتكون وجهة مفضلة للسياح.
- ضمان مساهمة جميع الاستثمارات في تعزيز التنمية الاقتصادية (مثل: الناتج المحلي الإجمالي، والوظائف وما إلى ذلك) بما يتماشى مع الاستراتيجية الوطنية للسياحة.
3. دعم مستثمري القطاع الخاص:
- توفير خيارات تمويل ملائمة.
- تقديم الاستشارات والخدمات الداعمة.
- تقليل المخاطر وتعزيز مزايا الاستثمار السياحي.
4. استدامة رأس مال الصندوق:
- التركيز على استدامة رأس مال الصندوق على المدى الطويل.
- إعادة ضخ العوائد في القطاع لتعزيز الأثر الاقتصادي.
حلول صندوق التنمية السياحي:
إن صندوق التنمية السياحي هدف منذ تأسيسه إلى معالجة جميع التحديات، التي تواجه المستثمرين في قطاع السياحة، وذلك من خلال:
برامج صندوق التنمية السياحي:
يعد برنامج عون السياحة البرنامج الرئيسي لدى صندوق التنمية السياحي، والذي يهدف إلى دعم المنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في القطاع السياحي، عبر الحلول المناسبة لتحقيق أهدافها وتطلعاتها في القطاع السياحي، ويتفرع البرنامج إلى برنامجين رئيسيين هما:
1. عون السياحة للتجارب:
يدعم البرنامج المنشآت متناهية الصغر والصغيرة الجديدة أو القابلة للنمو، ذات الإمكانيات السياحية القادرة على تقديم تجارب سياحية متنوعة عالية الجودة للسياح في الوجهات السياحية المستهدفة، ويوفر للمنشآت تمويلاً يصل إلى مليون ريال سعودي.
2. عون السياحة للضيافة:
يهدف البرنامج إلى دعم المنشآت متناهية الصغر والصغيرة في الإنشاء والتطوير والتجديد للأصول الخاصة، والتي تلبي احتياجات الأعمال الجديدة والقائمة في قطاع المأكولات والمشروبات والترفيه والضيافة ضمن الوجهات السياحية المستهدفة، ويوفر للمنشآت تمويلاً يصل إلى ١٠ ملايين ريال سعودي.
منتجات صندوق التنمية السياحي:
طُورت منتجات صندوق التنمية السياحي لتناسب احتياجات الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الكبيرة تحت ثلاث فئات رئيسية:
1. دعم الشركات الكبيرة:
يسعى صندوق التنمية السياحي إلى دعم المستثمرين وتمكينهم في المشروعات الكبيرة، للاستفادة من شراكات الصندوق الفاعلة مع الجهات المقرضة، في القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى دعم منظومة السياحة الوطنية بالكامل، بما في ذلك وزارة السياحة والهيئة السعودية للسياحة.
2. دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة:
يسعى صندوق التنمية السياحي إلى دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي ترغب بالاستفادة من الفرص الواعدة في قطاع السياحة، لتحقيق طموحاتها وتعزيز العائد على استثماراتها، حيث يوفر الصندوق مجموعة واسعة من الحلول المناسبة لتلبية احتياجاتها، ويقدم لها أفضل الخدمات الاستشارية في مختلف مراحل تخطيط استثماراتها وتمويلها، ويزودها بكل الدعم اللازم في مختلف مجالات السياحة، لا سيما لدعم المشروعات التي تخدم المناطق السياحية النامية في المملكة.
خدمات صندوق التنمية السياحي:
أولاً: خدمات نمو السياحة:
يوفر صندوق التنمية السياحي حزمة من الخدمات، التي تستهدف رواد الأعمال والمبتكرين في مجال السياحة، بالإضافة إلى الشركات الناشئة والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، ومن أبرز هذه الخدمات:
1. معسكرات نمو السياحة:
وهو برنامج ريادي يُمكِّن الرواد والرائدات في الأعمال والمبتكرين في القطاع السياحي من خلال العمل على تعزيز الفكر الاستثماري، وتطوير المهارات الريادية، وتزويدهم بالأدوات اللازمة، لتحويل الأفكار إلى نماذج أولية جاهزة للدخول إلى السوق، ويهدف إلى:
- تفعيل روح ريادة الأعمال في قطاع السياحة.
- زيادة مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي.
- إنشاء أفكار السياحة الريادية ودعمها، لتحويلها إلى شركات ناشئة ذات إمكانيات عالية للنجاح في السوق المحلي ومن ثم العالمي.
- توفير فرص تمكين وتطوير واستثمار لرواد الأعمال والمبتكرين في قطاع السياحة.
2. مسرعة نمو السياحة:
مسرعة بمعايير عالمية موجهة للشركات الناشئة الواعدة في القطاع السياحي بالتعاون مع Plug and Play، وتهدف إلى تطوير نموها وتسريعه من خلال برنامج تدريبي مكثف، يقدم لمدة ثلاث شهور، ويشمل ربط أصحاب المشروعات مع الخبراء والشراكات الناشئة المتميزة في القطاع السياحي، وأصحاب المشروعات، وفرص الاستثمار المحتملة، ويهدف إلى:
- تحفيز الابتكار في القطاع السياحي من خلال مواءمة أفضل الشركات السياحية الناشئة مع رؤية السعودية 2030.
- تجهيز الشركات الناشئة بالموارد المطلوبة، كالإرشاد والتدريب الخاص ضمن القطاع السياحي، من خلال برنامج خاص يخدم المستثمرين في القطاع، مما يساهم في تعزيز استعداد أصحاب المشروعات، لمواجهة أبرز التحديات، والاستغلال الأمثل للفرص والموارد المتاحة في القطاع السياحي للمملكة.
- زيادة فرص الحصول على التمويل والشراكات من خلال تسهيل التواصل مع المستثمرين وقادة القطاع السياحي، مما سيساهم من فرصة الحصول على التمويل المناسب للشركات، التي اختيرت ضمن البرنامج.
3. مساحات نمو السياحة:
يسعى صندوق التنمية السياحي إلى الدعم والتمكين للمنشآت الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال في القطاع السياحي، من خلال مركز نمو التابع لصندوق التنمية السياحي، الذي يوفر مساحات عمل مشتركة، ويهدف إلى:
- تسهيل إنشاء الأعمال.
- تعزيز الروابط بين المبتكرين، وإتاحة الفرصة لهم للتعرف على رواد الأعمال في القطاع، والاستفادة من خبراتهم السابقة.
4. مرشد نمو السياحة:
يوفر صندوق التنمية السياحي جلسات إرشادية، تتمثل في لقاءات مرتبة بين المرشد والمستفيد، لتقديم التوجيه والدعم اللازم في المجالات التي يحتاج إليها رواد الأعمال، وتشمل الجلسات الإرشادية غالباً على مشاركة المرشد خبرته ومعرفته مع المستفيد، لمساعدته على النمو واكتساب مهارات جديدة، وتحقيق أهدافه بنحو أفضل، وتهدف إلى:
- دعم رواد الأعمال والشركات الناشئة في جميع أنحاء المملكة وتعزيز نجاحهم.
- تزويد رواد الأعمال بالأدوات اللازمة لمعالجة الإخفاقات، والحفاظ على الاستقرار والنمو.
5. مسرعة نمو السياحة للمطاعم والمقاهي:
يقدم مركز نمو السياحة فرصة فريدة للانضمام إلى مسرعة نمو السياحة للمطاعم والمقاهي، وهي فرصة مميزة تهدف إلى تعزيز نمو الشركات الناشئة، وبناء علاقات قوية مع العاملين في القطاع، لاكتشاف فرص الاستثمار المتاحة، وهو موجه للشركات الناشئة والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، التي تقدم حلولاً مبتكرة للتحديات التي تواجه مجال خدمة المطاعم والمقاهي، ويهدف إلى:
- الابتكار في قطاع خدمة المطاعم والمقاهي في المملكة العربية السعودية.
- زيادة تنافسية قطاع السياحة.
- استقطاب الاستثمارات الأجنبية.
- تشجيع ريادة الأعمال في القطاع السياحي.
ثانياً: خدمة بوابة الاستثمار السياحي:
يوفر صندوق التنمية السياحي خدمة "بوابة الاستثمار السياحي"، والتي تقدم فرصاً استثمارية وحلولاً تمويلية لـكل من المنشآت الصغيرة، والمتوسطة، والكبيرة، ورواد الأعمال، وتهدف إلى:
وذلك ضمن عدد من المجالات السياحية، أبرزها:
الخاتمة:
يشهد قطاع السياحة في المملكة تحولات كبرى، من شأنها الارتقاء به نحو آفاق جديدة، وقد تابع العالم باهتمام كبير هذه التحولات التاريخية منذ أن فتحت المملكة أبوابها أمام السياح من مختلف أنحاء العالم في عام 2019، بتراثها الثقافي الغني، ومواقعها الأثرية ومعالمها التاريخية العريقة وطبيعتها الجميلة، فإن المملكة العربية السعودية مؤهلة لأن تكون وجهة سياحية رائدة، ومقصداً للسياح من جميع أنحاء العالم، لذلك كان من الضروري تسليط الضوء على كل فرد أو مؤسسة أو مشروع يسهم في دعم هذا القطاع، لأنه من أهم القطاعات الاستثمارية الواعدة في المملكة، وبذلك يكون صندوق التنمية السياحي أحد المكونات الهامة التي تلعب دوراً إيجابياً في دعم هذا القطاع في المملكة والارتقاء به نحو الأفضل.