مجلة اتجاهات الابتكار الاجتماعي - العدد 17
قياس الأثر وإدارته للمشروعات التنموية في القطاع البلدي والإسكاني
تلعب المشروعات التنموية في القطاع البلدي والإسكاني دوراً محورياً في تشكيل النسيج المادي والاجتماعي للمجتمعات، مثل: مبادرات الإسكان بأسعار معقولة، وبرامج التجديد الحضري، وتحسينات البنية التحتية، والنظام الخدمي، وكان لها آثار إيجابية بعيدة المدى على السكان والمجتمع والبيئة، ولضمان تحقيق هذه المشروعات لنتائجها المقصودة وتعظيم أثرها الإيجابي، من الضروري تنفيذ استراتيجيات قياس الأثر وإدارته بفاعلية.
سنحاول من خلال هذا المقال تسليط الضوء على مفهوم قياس الأثر وإدارته، وأهميته في القطاع البلدي والإسكاني، ومستوياته، وتحدياته، وأفضل ممارساته.
فهم قياس الأثر وإدارته
يتضمن قياس الأثر وإدارته تقييماً منهجياً لأثر المشروعات التنموية في أبعاد مختلفة، من ذلك النتائج الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والمؤسسية، من خلال تحديد هذه الآثار وتأهيلها، يمكن لصناع القرار اكتساب رؤى قيمة حول فاعلية تدخلاتهم وتحديد مجالات التحسين، كما يتيح لأصحاب المصلحة تتبع التقدم نحو أهداف المشروع، وتخصيص الموارد بكفاءة، وإظهار المساءلة أمام الجمهور.
وعليه فإن:
قياس الأثر وإدارته في القطاع البلدي والإسكاني هو نهج يستخدم لتقييم الأثر الاجتماعي، والبيئي، والاقتصادي للمشروعات التنموية في هذا القطاع، يهدف إلى ضمان أن المشروعات تحقق أهدافها المرجوة بكفاءة، وتساهم بإيجابية في تحسين حياة الأفراد والمجتمعات.
أهمية قياس الأثر وإدارته في القطاع البلدي والإسكاني
في ظل التطورات السريعة التي تشهدها المدن والتوسع العمراني، يعد قياس الأثر وإدارته أمراً حيوياً، لضمان أن السياسات والمشروعات تلبي احتياجات المجتمعات بنحو فعال ومستدام، توفر هذه العمليات القدرة على:
1. تحديد الآثار الإيجابية والسلبية: يساعد قياس الأثر وإدارته على تقييم الآثار البيئية والاجتماعية، سواء كانت إيجابية أو سلبية، وتمكين صناع القرار من تعديل السياسات أو المشروعات، لتجنب الآثار الضارة.
2. تعزيز الشفافية والمساءلة: من خلال توفير بيانات دقيقة حول الأثر، يساهم قياس الأثر وإدارته في تحسين الشفافية والمساءلة من قبل الجهات الحكومية والشركات الخاصة.
3. ضمان الاستدامة: يساعد قياس الأثر وإدارته على التأكد من أن المشروعات تُصمم وتُنفذ بطريقة تسهم في تحقيق التنمية المستدامة.
مستويات قياس الأثر وإدارته في القطاع البلدي والإسكاني
مع تزايد الحاجة إلى قياس الأثر وإدارته للمشروعات التنموية المستدامة المنفذة في القطاع البلدي والإسكان، أصبح من الضروري تحديد مستويات هذا القياس ومؤشراته، لضمان الوصول لنتائج دقيقة، يمكن البناء عليها لصنع القرار، وهذه المستويات هي:
1. المستوى الاجتماعي:
يجري قياس الأثر وإدارته في المستوى الاجتماعي للمشروع التنموي باستخدام مؤشرات تعبر عن ظاهرة اجتماعية طرأ عليها تغيير ما، وكان ملحوظاً بالنسبة للمستفيدين بالدرجة الأولى، من الأمثلة للمؤشرات الاجتماعية على سبيل المثال لا الحصر: ازدياد التماسك الاجتماعي.
2. المستوى الاقتصادي:
يجري قياس الأثر وإدارته في المستوى الاقتصادي للمشروع التنموي باستخدام مؤشرات اقتصادية، منها على سبيل المثال: النمو الاقتصادي، وتملك المواطنين للمنازل.
3. المستوى البيئي:
يجري قياس الأثر وإدارته في المستوى البيئي للمشروع التنموي باستخدام مؤشرات بيئية، منها على سبيل المثال: ازدياد المساحات الخضراء حول التجمعات السكنية.
4. المستوى المؤسسي:
يجري قياس الأثر وإدارته في المستوى المؤسسي باستخدام مؤشرات تحسين أداء المؤسسة، منها على سبيل المثال: برنامج المشاركة المجتمعية.
التحديات في قياس الأثر وإدارته في القطاع البلدي والإسكاني
قد يكون قياس الأثر وإدارته للمشروعات التنموية في القطاع البلدي والإسكاني أمراً صعباً، بسبب عدد من العوامل، منها:
- تعقيد المشروعات: تنطوي العديد من المشروعات التنموية في القطاع البلدي والإسكاني على تشارك قطاعات عديدة لتنفيذ هذا المشروع، كمشروع بناء تجمعات سكنية صديقة للبيئة، حيث يكون أصحاب المصلحة في قطاعات متعددة: البيئة، والبلديات والإسكان، الاقتصاد، ولصحة، وهذا سيؤدي لتدخلات معقدة بين القطاعات، ونتائج قصيرة الأجل وطويلة الأجل، مما يجعل من الصعب عزل آثارها المحددة وقياسها.
- قيود البيانات: قد يشكل الوصول إلى بيانات موثوقة وشاملة تحدياً كبيراً، وخاصة في البلدان النامية أو المناطق ذات البنية المحدودة للبيانات.
- الإسناد والمساهمة: قد يكون من الصعب إسناد نتائج محددة لمشروع معين، حيث قد تساهم عوامل أو جهات أخرى أيضاً في تحقيق الأثر، الذي لمسه أصحاب المصلحة المعنيون بالمشروع.
- المدى الزمني: قد لا تظهر آثار بعض المشروعات لعدة سنوات، مما يجعل من الصعب تقييم فاعليتها في الأمد القريب.
أفضل الممارسات لقياس الأثر وإدارته بفاعلية
لا بد للمؤسسات التي ترغب بقياس الأثر وإدارته بفاعلية لمشروعاتها التنموية في القطاع البلدي والإسكاني التأكد من اتباع أفضل الممارسات، ولعل أهمها:
- تحديد الأهداف والنتائج المتوقعة للمشروع بوضوح، لتوفير إطار تعتمد عليه عملية قياس الأثر وإدارته.
- اعتماد نظام المتابعة والتقييم لمشروعاتها التنموية، وفقاً لمؤشرات كمية ونوعية محددة، ووضع خطة لجمع البيانات وتحليلها، باستخدام تقنيات تساعد على تتبع الأثر، الذي أحرزته تلك المشروعات.
- إشراك أصحاب المصلحة وبخاصة المستفيدين من المشروع، في تصميم المشروعات وتنفيذها، تبعاً لاحتياجاتهم وتطلعاتهم.
- الدروس المستفادة لتحسين آلية العملية وتطوير المشروعات المستقبلية المماثلة.
- اعتماد قياس الأثر وإدارته وسيلةً للشفافية والمساءلة، من خلال مشاركة تقارير قياس الأثر وإدارته مع الجمهور، وأصحاب المصلحة المعنيين بالمشروعات التنموية، التي تنفذها المؤسسة في القطاع البلدي والإسكاني.
وأخيراً وبعد هذا الاستعراض الموجز لمفهوم قياس الأثر وإدارته وأهميته في القطاع البلدي والإسكاني، ومستوياته، وتحدياته، وأفضل ممارساته يمكننا القول بأن:
تفعيل عملية قياس الأثر وإدارته في القطاع البلدي والإسكاني يتطلب قراراً ينطلق من الالتزام بأهداف التنمية المستدامة، والمسؤولية تجاهها، بما يضمن تضافر الجهود على مستوى المؤسسات والحكومات لتحقيقها، والنهوض بالإنسان والمجتمع على السواء.

