مجلة اتجاهات الابتكار الاجتماعي - العدد 4
مختبرات القيادة التربوية
تتطوّر احتياجات المتعلمين بسرعة تطور التقنيات التي تتنافس على جذب اهتمامهم، حيث تؤثر في طريقة تفكيرهم، وطريقة تلقيهم للمعلومات، وتفاعلهم معها، وقد تتعلق تلك التحديات بالتفاعل مع الطلاب، أو إشراك أولياء الأمور في العملية التعليمية، أو إدارة الجدول الزمني الخاص بالمعلمين داخل الحصة الدراسية، أو طرق تقديم المناهج التعليمية، التحديات كثيرة، وتحتاج إلى استجابات جديدة، ووجهات نظر جديدة، وأدوات جديدة، ومنهجيات جديدة، وفي ظل هذه التحديات التي تواجه المجتمعات العربية، ورغبة في الوصول إلى أفضل الممارسات الحالية في مجال القيادة التربوية[1]، والارتقاء بمستوى البحوث واتخاذ قرارات مبنية على دراسات متطورة، ظهرت فكرة تأسيس مختبرات القيادة التربوية للتعامل مع الاحتياجات المتغيرة، وتصميم الحلول المناسبة لتلبيتها، بعيدا عن استيراد الحلول الجاهزة ومراعاة لخصوصية وثراء تاريخ وحضارة المجتمعات العربية، فما هي مختبرات القيادة التربوية؟
مختبرات القيادة التربوية
تعرّف مختبرات القيادة التربوية بأنها: "الكيانات التي تعمل على التحديات التربوية، والتعليمية المعقدة من خلال دمج مجموعة من وجهات النظر المتباينة لأصحاب العلاقة، لإعادة تأطير المشكلات وصنع نموذج أولي للحلول باستخدام مجموعة متعددة من المنهجيات والأنشطة والأدوات"، ويعتمد العمل في مختبرات القيادة التربوية على منهجيات متنوعة مثل:
- البحوث والمقابلات.
- تلقي وجهات نظر متنوعة من ذوي العلاقة والمستفيدين.
- التجريب وتلقي الملاحظات والتعلم والتحسين المستمر.
- منهجيات تيسير فريدة من نوعها لتصميم حلول للمشكلات.
وتعمل منهجية المختبر من خلال تصميم حلول مع المستخدمين وأصحاب العلاقة وذلك من خلال تحديد التحدي بدقة، من ثم إشراك المعنيين في عملية توليد الأفكار عبر تقنية العصف الذهني، مروراً بتنقيح الأفكار وتجريبها عبر النموذج الأولي، ليتم أخيراً تقييم الحل قبل إطلاقه بشكل فعلي.
مراحل عمل مختبرات القيادة التربوية
1. تحديد التحدي:
يقصد بتحديد التحدي، تحديد المشكلة التي سيتم العمل عليها، وتحديد الفئة المستفيدة من تصميم الحل، وكافة المعنيين وأصحاب العلاقة.
2. فهم المستفيدين:
ويقصد به تحديد الاحتياجات الحقيقية للمستفيدين من وجهة نظر المستفيدين، وذلك من خلال التعاطف مع المستفيدين، عبر الانخراط في حياتهم لفهم تحدياتهم عن قرب، وإجراء المقابلات معهم، وبالتالي جمع الأفكار الملهمة واستخراج البصائر الهامة.
3. تحديد المشكلة:
ويقصد به تصنيف الأفكار الملهمة التي تم التوصل إليها من خلال التعاطف مع المستفيدين لتشكيل ما يسمى (POV) أو بيان المشكلة والذي يتضمن وصفا دقيقا للمستفيد، وما الذي يحتاجه، ولماذا يحتاج إلى ذلك.
4. توليد الأفكار:
تبدأ مرحلة توليد الأفكار من خلال تشكيل سؤال يبدأ بعبارة: "كيف يمكننا أن؟" لتوليد فكرة الحل من خلال جلسة العصف الذهني والتي يشارك فيها أكبر عدد ممكن من المعنيين مع مراعاة جملة من القواعد التي تتضمن تأجيل الحكم على الأفكار، والتشجيع على الأفكار الجريئة، والبناء على أفكار الآخرين بدلاً من انتقادها، وجمع أكبر عدد ممكن من الأفكار، وبعد الانتهاء من عملية العصف الذهني يتم جمع الأفكار وتصنيفها، واختيار أفضلها لتجريبها واختبارها من خلال النموذج الأولي.
5. بناء النموذج الأولي:
بعد اختيار فكرة الحل، تبدأ مرحلة تجسيد الفكرة بغرض اختبارها، وذلك من خلال بناء النموذج الأولي لتحويل فكرة الحل إلى نموذج تجريبي عبر قصة مصورة تصور مراحل الحل، أو نموذج ثلاثي الأبعاد يجسد الحل، أو اختيار أي طريقة أخرى من طرق بناء النموذج الأولي.
6. اختبار النموذج الأولي:
بعد الانتهاء من بناء النموذج الأولي، تبدأ عملية اختبار النموذج الأولي لتقييم فكرة الحل من خلال عرض النموذج الأولي على المستخدمين، وإتاحة المجال للآخرين لتقديم الملاحظات والتغذية الراجعة، وتدوين الملاحظات التي تحدد ما الذي أعجبهم في فكرة الحل، وما الذي لم يعجبهم، وما أهم الأفكار أو الأسئلة المثيرة للاهتمام أو مصادر الإلهام التي ظهرت أثناء النقاش.
بعد الانتهاء من الاختبار يتم العمل على تطوير النموذج الأولي واختباره مجدداً حتى يتم التوصل إلى الحل الأمثل.
وقد قامت مؤسسة Eduenterprise بالتعاون مع شركة سبر لتصميم الأعمال على إطلاق مختبرات القيادة التربوية في مدينة الدوحة – قطر في مارس 2017 بمشاركة 30 من الخبراء والمهتمين في مجال القيادة التربوية، وقد قمت بتيسير ورشات العمل برفقة الأستاذ غياث هواري الاستشاري في تصميم الحلول وإنشاء مختبرات الابتكار، كما أطلق مختبر آخر في الدوحة في يناير 2019، تم العمل فيه على جملة من التحديات التربوية الأخرى، وتوصل إلى جملة من الحلول والتوصيات. وأطلق مختبر آخر في عام 2020 في اسطنبول حول تحديات المدارس الخاصة.
ومن الجدير بالذكر أن الشركة تقدم 3 أنواع مختلفة للمختبرات حيث يمكن طرح تحد عام يختاره فريق الشركة، أو تحد بالتعاون مع فريق متخصص، او تحديد التحدي مع الجهة المنظمة والمتعلق بها (In house).