الابتكار الاجتماعي
كيف نصمم حلولاً تصنع الفرق؟

مجلة اتجاهات الابتكار الاجتماعي - العدد 5

كيف نصمم حلولاً تصنع الفرق؟

   كندة المعمار

التعاطف:

"عندما تشاهدونني أسيرة معصوبة العينين، ممسكةً بيد شخصٍ ليرشدني إلى الطريق، إياكم أن تظنوا بأنني ألعب، أنا لا ألعب، بل كل ما في الأمر أن هذا كان جزءًا من تدريبي على أن أصبح ممرضة"، كان هذا ما قالته "كلير راكسترو" الممرضة التي تركت عملها لاحقًا في التمريض لتصبح باحثة في مجال تصميم تجربة المستخدم، فمن أجل أن تدرك الممرضة كيف يشعر مريض يعاني من ضعف البصر عند دخوله إلى المشفى، كان يجب أن تتعاطف معه، لتعرف في نهاية المطاف كيف يمكنها تقديم الخدمة له على أكمل وجه؟

وقبل المضي قدمًا في محطة التعاطف، ينبغي أن نتوقف لبعض الوقت لنلقي نظرة على المعنى اللغوي للتعاطف، فهناك كلمتان في اللغة الإنكليزية تُستخدمان للتعبير عن معنيين مختلفين ينبغي التمييز بينهما، لأنهما يشكلان بعض الالتباس في المعنى، فلدينا أولاً (Sympathy)، والتي تختلف في المعنى عن (Empathy).

فتستخدم كلمة التعاطف (Sympathy) بشكل شائع لتعني "مشاعر الشفقة والحزن بسبب محنة أو مشكلة أو موقف سيء يمر به شخص ما، ويرتبط هذا النوع من التعاطف بالرعاية والرغبة في رؤية هذا الشخص يشعر بتحسن، ولكن هذا النوع من المشاعر لا يمكّننا من إنشاء روابط ذات معنى مع الآخرين، ولا مساعدتهم. بينما يعرَّف مفهوم (Empathy) على أنه: "الإمكانية أو القدرة على تخيل أنفسنا في حالةِ أو موقف شخص آخر، واختبار ما يشعر به ذلك الشخص من مشاعر، وما يجول في فكره من أفكار ومعتقدات بشكل غير مباشر". فكما نرى لا يقتصر التعاطف فقط على تخيل ما يشعر به الشخص، ولكنه يتعدى ذلك إلى الحصول على بعض المعلومات عن سياق حياته، وثقافته، ومعتقداته، وما الذي يتطلع إلى تحقيقه؟ وما الذي يأمل التخلص منه؟ وعلى عكس النوع الأول، يتيح لنا التعاطف إقامة روابط ذات معنى مع الآخرين، ويمكننا من مساعدتهم.

التعاطف بمجمله هو رحلة عقلية واعية إلى مشاعر الآخرين، وثقافاتهم، ومعتقداتهم، وسياقات حياتهم، فينطلق مصممو الحلول إلى تلك الرحلة التي كثيرًا ما تفاجئهم نتائجها، وتأخذهم إلى سياق عمل لم يكن ليخطر في بالهم العمل عليه لولا تلك الرحلة التعاطفية. فكثيرًا ما يكشف التعاطف للمصممين أن التحدي الحقيقي ليس هو ما كانوا يتوقعون، وأن المشكلة التي حددوها كانت مجرد عَرَض، فيما كان المرض مختلفًا.

يزود التعاطف الجيد مصممي الحلول بوجهات نظر جديدة حول حياة المستخدمين، بما في ذلك التحديات التي يواجهونها، والأشياء التي تؤرقهم، واللحظات التي تسعدهم، وهذا في مجمله يزودهم بالأفكار التي يحتاجونها لحل المشكلات الصعبة. فبعد مرور 10 سنوات على عملها في التمريض، غيرت "كلير راكسترو" مهنتها من التمريض إلى تصميم تجربة المستخدم، وقالت في تعليقٍ حول ذلك: "وجدتُ أن الكثير مما تعلمتُه خلال عملي في التمريض لا يزال ذا قيمة، فبغض النظر عن الخدمة فيزيائية كانت أم رقمية، يجب أن ندرك أن أولئك الذين يستخدمون منتجاتنا، وخدماتنا لا يعملون في بيئة مثالية. وأننا نحتاج إلى إيجاد طرق للتعرف على المواقف المختلفة التي يواجهونها والتعاطف معها، والتَّصميم من خلال وضع تلك المواقف في الاعتبار".

ويربط التعاطف المصممين مع الأشخاص الذين سيستخدمون المنتجات، ويساعدهم على أن يضعوا أنفسهم مكان المستخدمين، فيسيروا وكأنهم يرتدون أحذيتهم، ويشعروا بشعورهم مما يمكّنهم في نهاية المطاف من تصميم منتجات تلبي الاحتياجات البشرية الحقيقية في نهاية المطاف، حيث تقول "كلير": (عندما بدأت التدريب كطالبة في قسم التمريض، أدركت أنني من أجل بناء علاقة ناجحة مع المرضى وأسرهم، كنت بحاجة إلى أن أكون قادرة على التعاطف معهم لأفهم كيف يمكنني أن أجعل تجربة تقديم الرعاية الصحية تجربة جيدة بالنسبة لهم؟)، فعندما يتم إدخال أي شخص إلى المشفى، فإن هناك عوامل محددة تشكل تجربته، فعلى سبيل المثال، هل هو الدخول الأول له إلى المشفى؟ هل كان لديه تجارب جيدة أو سيئة مع خدمات الرعاية الصِّحية؟ إذ يزودنا هذا التَّفكير المتعاطف برؤية الصورة الأكبر والنظر إلى الشخص وظروفه.

إنّ بنيتنا الجسدية والعاطفية والفكرية، مؤهلة فطريًا لأن يكون لدينا شعوراً قوياً بالتعاطف، كما أن قوة التعاطف تساعدنا كمصممين على أن تكون لدينا القدرة على ابتكار منتجات تلامس حياة الناس بطريقة رائعة، فيبني التعاطف جسرًا صلبًا للوصول إلى فهم المشاعر من أجل توفير حلول مجدية للمستخدمين وأصحاب العلاقة، وتبدأ مع فهم عميق لاحتياجاتهم، فالتعاطف يساعدنا في نهاية المطاف على الانفتاح على فرص جديدة، والحصول على مصدر إلهامٍ لابتكار أفكار جديدة.

لماذا نتعاطف؟

يعتبر السبب الرئيسي لفشل الحلول هو أنها صممت وفق وجهة نظر الشخص الذي صممها، وليس وفق وجهة نظر الشخص الذي سيستخدمها، وبدون التعاطف لا يمكننا أن نفهم تمامًا المشكلات التي قد يواجهها المستخدمون فيما يتعلق بمنتج أو خدمة نقدمها له. إذ يمكّننا التعاطف من فهم المستخدم وتجربته ككل، مما يسهل علينا تصميم حلول مرتكزة حول احتياجاته، والتي غالبًا ما تكون غير ملبّاة وغير مصرح عنها، بالإضافة إلى معرفة ما يقوم به في الوقت الحالي من أجل التكيف مع التحدي مما يساعدنا على:

1. فهم احتياج المستخدم: الاستماع لأقوال المستخدمين ومراقبة ما يقومون به من أجل استنتاج فهم حقيقي لاحتياجاتهم غير المصرح بها، حيث يمكّننا من فهم قيمهم، ومعتقداتهم، ومشاعرهم، وآلامهم، ورغباتهم، وتطلعاتهم. 

2. فهم السياق: إنّ الانخراط في حياة الناس سواء كان في بيوتهم أو في محيطهم الطبيعي أو في مكان عملهم يتيح لنا فهمًا أفضل عنهم وعن المكان الذي ينتمون إليه، وعن التحديات والفرص التي تقابلهم كل يوم، لفهم تفاصيل التحدي ومواقفهم منه وآلية تكيفهم معه، مما يساعدنا في تحديد الاحتياج العميق للمستخدم، ويمنحنا بعض الأفكار الملهمة عن المواصفات المطلوبة في الحلّ، فأفضل الحلول هي تلك التي تأتي من جمع الأفكار المتعلقة بالسلوك البشري، ولكنّ التعرف على تلك الأفكار ليس بالأمر السهل، إذ نحتاج أن نتعلم أن نرى الأشياء بعيون جديدة، والتعاطف هو ما يمنحنا تلك العيون.

كيف نتعاطف؟

يتمثل جوهر التفكير التصميمي في التركيز على التعاطف، وذلك من أجل رفع الوعي بالآخرين، وفهم ما يشعرون به أو إدراكه أو معايشته. ويعتبر التطبيق العملي للتعاطف هو الخروج إلى الشارع، والانخراط في تجارب المستخدم، والتعامل مع المعلومات التي يتم التوصل إليها بعقلية المبتدئ الذي ليست لديه أية معلومات عن التحدي، وذلك لإتاحة المجال للكشف عن الاحتياجات والأفكار العميقة، الأمر الذي يتيح لنا في نهاية المطاف أن نضع أيدينا على نقاط الألم والمتاعب ونستشعر الطموحات والآمال والتطلعات، ليؤدي ذلك كله في نهاية المطاف إلى فهم احتياجات المستخدمين بشكل أعمق في سياق التحدي التّصميمي الّذي نعمل عليه.

وفي رحلتنا التعاطفية إلى حياة الآخرين غالبًا ما سنسمع عبارات من قبيل: "الأمر ليس كما تعتقد"، "هل ستعرف ما أعيشه أكثر مني؟" التي تذكرنا بأننا كمصممين لا يمكننا وضع أي افتراضات حول الأشخاص الذين نصمم لهم دون أن نكون مستعدين للتعرف على جميع العوامل التي تؤثر على كيفية تفاعلهم مع المنتج أو الخدمة التي نقوم بتصميمها لهم.

ويأتي التعاطف في بدايات العمل على تصميم الحلول، إذ يذهب فريق التَّصميم إلى الميدان بحثًا عن المعرفة ليكون قريبًا من المستخدمين في أماكن معيشتهم ويشاهد عن كثب ما يفعلون، ويستمع باهتمام لما يقولون ويبذل قصارى جهده من أجل فهم مشاعرهم وأفكارهم، التي تنقله من صفحة فارغة إلى نظرة ثاقبة.

يتم تنفيذ التعاطف مع المستخدمين من خلال التقنيات الثلاث التالية:

ويعتمد التعاطف على فهم الحالة الشعورية والسلوكية والفكرية الخاصة بالمستخدم، أو كما يقال "السير بحذاء المستخدم"، ويتطلب ذلك الانتقال من عدسة الرؤية الخاصة بفريق التَّصميم، إلى عدسة الرؤية الخاصة بالمستخدم، فعند إجراء المقابلات يجيب الناس عادةً وفقًا لما يفكرون به، وربما لو راقبنا ما يقومون به، لوجدنا أن سلوكياتهم مختلفة، وذلك لأنها ترتبط بمشاعرهم وقيمهم وقناعاتهم وثقافتهم، فالناس يقولون ما يفكرون به، ولكنهم يفعلون ما يحبونه، وتأتي أهمية التعاطف من كونه يتضمن مجموعة التقنيات الثلاث المراقبة والمقابلة والانخراط التي تتكامل جميعها في مساعدتنا على مراقبة الأفعال، وسماع الأقوال، وتحسس المشاعر، وفهم الأفكار والقناعات الكامنة وراء السلوكيات، والأفعال. فنحن من خلال تلك التقنيات الثلاث نسمع الأقوال ونرى الأفعال ونوازن إلى أي مدى تتطابق، ونخرج من تلك التناقضات بينها بأفكار وبصائر ملهمة لنا في عملية التصميم.

أولاً: المراقبة Observation

يقصد بالمراقبة ملاحظة سلوكيات المستخدمين في سياق حياتهم، وفي السياقات ذات الصلة بالتحدي، وتعتبر أهم الملاحظات هي تلك التي تأتي من ملاحظة الفروقات بين ما يقوله المستخدم وبين ما يفعله، وتعتبر المراقبة مصدرًا هامًا جدًا من مصادر فهم المستخدم، ومن خلالها يمكننا التوصل إلى الكثير من الأفكار الملهمة التي ستساعدنا على توليد الحلول.

تعتبر مراقبة المستخدمين لقياس مدى تفاعلهم مع منتج ما وتحديات استخدامه طريقةً رائعةً لفهم قابلية استخدام المنتج وتجربة المستخدم الإجمالية، ويعدّ إجراء المراقبة أمرًا سهلاً نسبيًا لأنه لا يحتاج إلى قدر كبير من التدريب ويمكن أن يكون سريعًا نسبيًا، وذلك اعتمادًا على حجم عينة المستخدمين الذين ننوي مراقبتهم. وتساعد المراقبة على دراسة المستخدم "على أرض الواقع" وتميل إلى أن تكون أقل تنظيمًا وهيكلية.

كيف نراقب؟

وعندما يتعلق الأمر بالملاحظة النوعية يمكن أن تساعد المراقبة على اختبار العديد من الأمور:

  • ما الذي يفعله المستخدمون بالفعل؟ وما الذي يبدو على عكس ما كنا نتوقع منهم أن يفعلوا؟
  • الإجراءات الروتينية التي يمارسها المستخدمون مع منتج، أو خدمة، وكيف يتم دمجها في حياتهم؟
  • التفاصيل الإجرائية اللافتة للنظر، والتأكد من اختبار الأنشطة التي تساعدنا على اكتشاف خطوات العمل كاملة، والنظر إلى كيفية استخدام المنتج في سياق الحياة اليومية أو العمل اليومي، والتحديات التي يواجهونها وكيف يتعاملون مع تلك التحديات للتكيف؟
  • مراقبة المحبطات والمحفزات بالنسبة للمستخدم، وتحديد ما يهتم به المستخدم بشكل فعلي.
  • العادات الروتينية والأنماط الخاصة بالمستخدم من أجل مراعاتها لاحقاً في عملية التصميم.
  • التأكيد على تسجيل الأمور الواضحة، والأمور اللافتة للانتباه.
  • مراقبة الأفعال والأقوال والبيئة المحيطة من أجل ملاحظات ذات مغزى.
  • تسجيل السلوكيات المتكررة مع أكثر من مستخدم.

ومن الضروري جدًا التأكيد على عدم إضاعة الوقت في تحليل ما يجري أثناء مراقبة المستخدم، والمفتاح هو مجرد مشاهدة التفاصيل وتدوينها، فالتحليل يأتي لاحقًا، حيث يقول الفيلسوف، والكاتب الهندي جيدو كريشنا مورتي: "المراقبة بدون تقييم هي أعلى شكل من أشكال الذكاء".

ثانياً: المقابلة (Interview)

تعتبر المقابلات طريقة فعالة لفهم آمال ورغبات وتطلعات الذين نصمم لأجلهم من خلال التحدث إليهم بشكل مباشر، فالمقابلات هي حقاً جوهر مرحلة الإلهام، فالتفكير التصميمي هو منهجية تصميمٍ ترتكز حول الإنسان، وتتعلَّق بالوصول إلى الناس الذين نصمم لأجلهم والاستماع إليهم.

وقد تكون المقابلات شاقة بعض الشيء، ولكنها تساعد فريق التَّصميم على الوصول إلى جميع أنواع البصائر والفهم الذي لا يمكن الوصول إليه من خلال الجلوس خلف المكتب، فلذلك ينصح القيام بها لأنها تساعد على معرفة الكثير عن منظومة تفكير المستخدم وسلوكه ونمط حياته من خلال الحديث معه حيث يعيش أو يعمل. وهناك ثلاثة أنواع من المقابلات، وهي المقابلات الفردية للمستخدمين، والمقابلات الجماعيّة، ومقابلة الخبراء.

أولاً: مقابلات المستخدمين (User Interview)

تعتبر المقابلات أحد دعائم التفكير التصميمي، فهي تساعد في التحدث بشكل مباشر مع المجتمعات التي يتطلع المصممون إلى خدمتها، وليس هناك طريقة لفهم رغبات الشخص ومخاوفه وآرائه في موضوع معين أفضل من مقابلته. وينصح بإجراء المقابلات في منازل أو مكاتب الفئة التي نصمم لها الحلول من أجل أن يشعروا بالراحة.

ومن أجل مقابلة مفيدة وفعالة ينصح بأن يحضر المقابلة أكثر من 3 أعضاء من فريق البحث، وذلك كي لا يشعر المشارك بالارتباك وكي لا يصبح المكان مزدحماً، وينبغي أن يكون لكل عضو في الفريق دوراً واضحاً، فعلى سبيل المثال: شخص يجري المقابلة وآخر يصور، وثالث يدون الملاحظات. كما ينبغي إعداد مجموعة من الأسئلة التي يرغب المشارك بطرحها، وينصح ببناء الألفة مع المستفيد وذلك من خلال طرح أسئلة عامة عن الطقس أو عن الطعام والعادات قبل طرح الأسئلة المحددة والمعمقة التي تتصل بالتحدي بشكل مباشر. وينبغي التأكد من كتابة ما يقوله الشخص بالضبط وليس ما نظن بأنه يَعنيه، خاصةً فيما يتعلق بوجهات النظر حول التحدي، وإذا كان اللقاء مع شخص يتكلم لغة أخرى فينبغي الاعتماد على مترجم يدرك تماماً أن المطلوب هو تسجيل اقتباسات مباشرة، وليس خلاصة ما يقوله الشخص.

فيعتبر الإصغاء إلى الإجابات بمثابة نقطة بيانات واحدة فقط، فلذلك يفضل مراقبة لغة جسد الشخص ومحيطه، وكل المعلومات التي يمكن معرفتها وفهمها من السياق العام. كما يفضل التقاط بعض الصور للتوثيق، شريطة الحصول على إذن أولاً.

كيف نقابل المستخدمين؟ (سيناريو المقابلة)

من الأمور الهامة التي ينبغي تذكرها دائمًا عند الإعداد للمقابلة هي أننا بحاجة للحفاظ على الصورة الكبيرة في الاعتبار، فنحن لا نريد فقط أسئلة عظيمة، بل نريد مقابلة عظيمة، ويتضمن سيناريو المقابلة ما يلي:

1. الاستهلال: ويهدف إلى بناء الألفة، حيث يقدم عضو الفريق نفسه، ويشكر المستخدم على قبول المقابلة، ويقدم له وصفًا موجزاً للمشروع، ويخبره عن مدة المقابلة، مع التأكيد على أنه ليس هناك إجابات صحيحة وإجابات خاطئة، وأن يستأذنه إذا كان يرغب في تسجيل المقابلة.

نماذج عن أسئلة الاستهلال:

يتم من خلالها طرح الأسئلة المتعلقة بالتفاصيل الشخصية، والتفاعلات؛ من هو المستخدم وما خصائصه الديموغرافية (المهنة، والعمر، والموقع، الخ)؟ وما المثير للاهتمام حول طريقة تفاعلهم مع بيئتهم؟ على سبيل المثال:

  • ما الطعام الذي تناولته أنت وعائلتك البارحة؟
  • صف آخر وجبة طعام عائلية، من كان فيها؟ أين كانت؟ كيف كانت؟
  • هل لدى عائلتك أي طقوس محددة لتناول الطعام؟

 2. الفهم العميق: ويهدف إلى التعاطف وفهم مشاعر المستخدم (الآلام)، وفهم المعتقدات والأفكار، وذلك من خلال توجيه أسئلة للمستخدم للاستفسار عن تجربة جيدة تتعلَّق بالتحدي، ولماذا يعتبرها جيدة أو تجربة سيئة، ولماذا يعتبرها كذلك؟ على سبيل المثال: حدثنا عن آخر تجربة حجز طيران قمت بها، وهل كانت سيئة أم جيدة؟ ولماذا تعتبرها جيدة أو سيئة؟ مع مراعاة التركيز على الأسباب التي تجعله يشعر بأنها جيدة أو سيئة وتكرار سؤال "لماذا" أكثر من مرة لمعرفة السبب العميق، والحرص على فهم الدوافع والإحباطات، وكيفية التفاعل مع التحدي، وطرُق التكيف مع الوضع الحالي.

نماذج عن أسئلة الفهم العميق:

يتم من خلالها طرح الأسئلة الاستكشافية التي تساعد على فهم الدوافع والإحباطات: ما الذي يثير حافزيتهم؟ وما الاحتياجات غير الملباة التي تشعرهم بالإحباط.

  • أخبرني عن تلك التجربة أكثر.
  • لماذا تعتقد ذلك؟
  • لماذا قلت/ فعلت ذلك؟
  • كيف كان هذا الشعور بالنسبة لك؟

3. استكشاف الأفكار الجديدة: ويهدف إلى فهم تطلعات المستخدمين، والحصول على الأفكار الملهمة. فعندما يهم عضو الفريق بإغلاق دفتر ملاحظاته ويستعد لشكر المستخدم ووداعه، ينبغي أن يتذكر أن هناك دائمًا القصَّة الأخيرة، تلك التي يشعر المستخدم بالشغف الشديد لتوصيلها له، وأن يكون على استعداد لإعطائه هذه المساحة، والتقاط الحكمة الأخيرة منه، وأن يتذكر أن مفتاح إجراء المقابلات الفعالة هو الاستماع، فعلى سبيل المثال: يمكن لعضو الفريق أن يسأل: "قبل أن ننهي حديثنا، هل هناك شيء لم نتحدث عنه، وكنت تود أن تخبرني به؟"، فغالباً ما تأتي المعلومات الأكثر إثارة للاهتمام في نهاية المقابلة عندما تكون الحواجز قد كسرت مع المستخدم. وينبغي أن يحرص عضو الفريق على أن يترك للمستخدم مساحة للحديث بحرية واقتراح بعض الأفكار من قبيل "لو كنت صاحب قرار، أو لو صار الأمر إليك ماذا كنت ستفعل؟ لو كنت تملك عصًا سحرية ما الذي كنت ستقوم به؟

نماذج عن أسئلة استكشاف الأفكار الجديدة:

  • قبل أن ننهي حديثنا، هل هناك شيء ما لم نتحدث عنه، وكنت تودّ أن تخبرني به؟
  • هل هناك كلمة أخيرة تحب أن تقولها؟
  • لو كانت لديك عصًا سحرية، أو كنت صاحب قرار وآلت الأمور إليك، فماذا كنت ستفعل؟

4. الختام وتدوين الأفكار: ويهدف إلى تثبيت المعلومات من خلال تخصيص بضع دقائق بعد كل مقابلة أو زيارة ميدانية مباشرة لاستخلاص المعلومات مع أعضاء الفريق والبدء في تحديد المعلومات التي تعلموها.

ثانياً: مقابلة الخبراء (Expert Interview)

يمكن للخبراء أن يطلعونا على الكثير من المعلومات، وأن يقدموا لك بصائر هامة عن التاريخ والسياق ذي الصلة بالموضوع. وعلى الرغم من أن جوهر مرحلة الإلهام هو التحدث مع الناس الذين نصمم لهم، إلا أنه يمكننا الحصول على منظور قيم من خلال التحدث مع الخبراء، فالخبراء كثيراً ما تكون لديهم وجهات نظر عن مجال المشروع على مستوى النظم، فيخبروننا عن الابتكارات الحديثة - النجاحات والإخفاقات - ويقدمون وجهات نظر عميقة لاسيما في مجال التقنية والمؤسساتية.

كيف نقابل الخبراء؟

يتم التخطيط لمقابلة الخبراء من خلال الخطوات التالية:

  • تحديد نوع الخبير الذي نحتاجه، فمثلاً في مجال الصحة؟ قد يكون طبيبًا أو إداريًا في مشفى، أو موظفًا في منظمة طبية.
  • تقديم لمحة للخبير عن أنواع الأسئلة التي سيتم طرحها عليهم، ليتم تحديد المدة الزمنية للمقابلة.
  • طرح أسئلة ذكية ومدروسة.
  • على الرغم من أن فريق التَّصميم ينبغي أن يعد فكرة عما يريد معرفته، إلا أنه ينبغي أن تكون الخطة مرنة بما فيه الكفاية لتسمح بمتابعة الاستفسارات غير المتوقعة.

ثالثاً: الانخراط (Immersion)

يعتبر الانخراط في تجربة المستخدم طريقة فعالة لفهم ثقافة الناس وسلوكياتهم وطريقة تفكيرهم، ويقصد بالانخراط الانغماس التام والكلي في تجربة المستخدم وبشكل مباشر، ففي هذه الحالة لا يكتفي مصمم الحلول بإدخال أصابع قدميه أو حتى كامل قدميه في النهاية الضحلة لحوض السباحة لاختبار حرارة ماء الحوض، ولا يسأل السباحين عن شعور السباحة، وإنما يقفز في حوض السباحة لأنه يريد أن يعرف تفاصيل الحالة الشعورية للسباحين، ويشعر بما يشعرون به، ويفهم كل تفاعلات تجربتهم.

كيف ننخرط؟

ومن أجل عملية انخراط ناجحة وفعالة، ينبغي العمل وفق الخطوات التالية:

  • تخصيص ما يكفي من الوقت والمال من أجل انخراط أعضاء الفريق في الميدان وقضاء الوقت مع المستخدمين.  
  • تدوين الملاحظات بدقَّة قدر المستطاع، وتسجيل ما يراه أعضاء الفريق وما يسمعونه وما يشعرون به بالضبط، إذ ليس من السهل تفسير ما نراه أمامنا قبل أن نفهمه فهماً كاملاً، فلذا ينبغي تسجيل التفاصيل الملموسة والاقتباسات جنباً إلى جنب مع الانطباعات.
  • من الضروري مرافقة المستخدمين لمدة يوم واحد على الأقل وسؤالهم عن حياتهم، وكيف يتخذون قراراتهم؟ ومشاهدتهم والاختلاط بهم، والعمل معهم.
  • من الأمور المساعدة جدًا على فهم المستخدمين الاهتمام بمحيطهم حيث يمكن تعلم الكثير منه.

بانتهاء مرحلة التعاطف وبعد قيام الفريق بأنشطة المراقبة والمقابلة والانخراط، يجمع فريق التَّصميم الكثير من المعلومات عن الفئة المستخدمة، والوضع الراهن الذي تعيش فيه الآن بسبب التحدي، والآلام التي تعاني منها، والآمال التي تتطلع إليها. ويبدأ الفريق بشكل جماعي بجمع كافة البيانات المتعلقة بجميع المستخدمين، والتي تلخص آمالهم وتطلعاتهم، وتحدد آلامهم ومعاناتهم، وذلك من أجل أن يتعامل معها في المرحلة القادمة ويحلّلها، ويحولها إلى بصائر تلهمه تصميم حلول فعالة.

وتتطلب المرحلة القادمة الانتقال من العمل التعاطفي واستخلاص نتائجه، حيث يحتاج الفريق إلى معالجة كل الأشياء التي سمعها ورآها من أجل فهم الصورة الكبيرة، فحتى الآن عمل الفريق على تثبيت الحقائق والمعلومات، ولكن في المرحلة القادمة سيذهب الفريق أبعد من ذلك، حيث سيعمل على تجسيد الانطباعات والتَّصوُّرات والاستنتاجات التي تكمن وراء تلك الحقائق التي عرفها، من أجل أن ينتقل بعدها لتصميم الحلّ.

ومن المنطقي أن يشعر أعضاء الفريق بالتشتت والإرهاق من كثرة المعلومات، إلا أن هناك منهجيات يمكن استخدامها في الخطوات التالية لفهم ما وراء تلك المعلومات، وهنا يأتي دور مرحلة التَّصوُّر والتي يبتعد فيها الفريق فيزيائيًا عن المستخدمين ليقترب منهم فكريًا وثقافيًا وقيميًا من خلال العمل على تنظيم الأفكار التي تم التوصل إليها من خلال التعاطف معهم، والمضي بها قدمًا نحو توليد أفكار الحلول.

شارك هذا المقال

تواصل معنا

نرحب بكافة استفساراتكم وتساؤلاتكم...