الابتكار الاجتماعي
لا تزال المرأة تواجه العقبات في مكان العمل

مجلة اتجاهات الابتكار الاجتماعي - العدد 7

لا تزال المرأة تواجه العقبات في مكان العمل

قطعت النساء أشواطاً كبيرة في سوق العمل على مدى الخمسين سنة الماضية، إلا أنّ هناك الكثير من النساء تشعرن أن تقدمهن يتعرض للعراقيل، وبالتزامن مع يوم المرأة العالمي في الثامن من مارس؛ هناك كتابان جديدان لكاتباتٍ نسويات يتناولان هذه القضايا.

في كتاب “The Fix” لاحظت ميشيل كينج (مديرة الإشراك في شركة نتفلكس عملاقة بث الفيديو) أنه يتم إخبار النساء باستمرار أنهنّ بحاجة إلى تغيير أنفسهن -كأن يكنَّ أكثر حزماً وأن يعملن لساعاتٍ أطول وما إلى ذلك. وبالأحرى كانت تقول: "إنه يجب أن تتغير ممارسات العمل لتلبي احتياجات نصف السكان الراشدين". أمّا الصحفية سالي هوارد فتقترح في كتابها “The Home Stretch” أنّ أحد الأسباب الرئيسية لتراجع وإعاقة النساء هو أنه حتى أولئك الذين يعملون بدوامٍ كامل لا يزالون يتوقعون القيام بالجزء الأكبر من الأعمال المنزلية، ولتستشهد بالعنوان الفرعي الطويل والمناسِب في الوقت ذاته للكتاب قدَّمت مجادلة قوية "عن سبب حصول وقت الكشف عن هوية من يغسل الأطباق".

وقد يجد المديرون الذكور هذه الكتب غير مريحة للقراءة، حيث يتخللها الحديث عن النظام الأبوي وامتياز النوع الاجتماعي. وفي بعض الأحيان؛ يذهب المؤلفون بعيداً جداً بمخيلتهم. وتربط السيدة هوارد النظام الأبوي بالرأسمالية في كثير من الأحيان لدرجة أنّ المرء يتساءل عما إذا كانت قد سبق وشاهدت صورة للمكتب السياسي المكوَّن من ذكور فقط في الاتحاد السوفيتي، أو فكرت في الضرر الذي لحق بالنساء والفتيات بسبب سياسة حدِّ النسل التي وضعها الحزب الشيوعي الصيني.

لكن ليس على الرجال أن يتخلوا عن النظام الرأسمالي حتى يُقدِّروا معاناة المرأة العاملة، بل هم فقط بحاجة إلى التعاطف، فهل يتم الحكم على النساء في مكان العمل بنفس معايير زملائهن الرجال؟ وهل يطلق عليهن صفات (حادة أو عاطفية مثلاً) لم تكن لتنطبق على الرجال الذين لديهم نفس الخصائص؟

على الرغم من التقدم الذي تم إحرازه مؤخَّراً، لا تزال المرأة تواجه حاجزاً غير مرئي (انظر المقال التالي: https://www.economist.com/business/2020/03/07/go-north-young-woman)، وتوضح قصتان في كتاب السيدة كينج هذه النقطة. أما سارة فكانت مديرة تنفيذية في شركة متعددة الجنسيات عملت حتى أوقات متأخرة وخضعت لتدريبٍ إداري وتلقت الملاحظات وتصرفت بحماس. وبعد سنواتٍ عديدة من الرفض، بدا أنها كانت مستحِقَّة للترقية إلى الدرجة التالية، والتي كانت 100% من الذكور، ولكن في الاجتماع الرئيسي قال مسؤول تنفيذي: "لا أعرف؛ إنها لا تصلح فحسب، فلديها تلك النظارات وهي ترتدي هذا المشبك في شعرها، إنها ليست مناسبة تماماً (للإدارة العلمية)".

في الحكاية الأخرى، دخلت السيدة كينج في أول يومٍ لها في وظيفة جديدة إلى مطبخٍ مليء بالرجال. قال رئيسها: "مرحباً يا ميشيل، هناك أطباق في المغسلة وأنت امرأة، لذا، كما تعلمين! اغسليها." فضحك زملاؤه، ولكن عندما احتجت ميشيل قالوا لها أن تتعلم كيف تتقبل المزاح.

فالتنمر المتخفي تحت ستار الدعابة لا يزال تنمراً، ومن المتوقع أن تتحمله النساء، ويجب عليهن أيضاً تحمل معايير اللباس المختلفة، فمثلاً غالباً ما يعبث بوريس جونسون "رئيس الوزراء البريطاني" بشعره قبل ظهوره في المناسبات العامة للحفاظ على صورته "المهرج المحبوب"، أما دومينيك كامينغز "مستشاره، فيرتدي ملابس بالية وغير لائقة، الأمر الذي يناسب شخصيته باعتباره "العبقري غريب الأطوار"، فمن الصعب أن نتخيل وصول أي امرأة إلى موقع في السلطة السياسية وهي تتبنَّى أسلوباً مشابهاً.

في بعض الأحيان يكون سبب عدم تقدم الإناث في مهنٍ معيَّنة هو أنّ النساء والرجال يختارون بطبيعة الحال اتباع مسارات وظيفية مختلفة، ومع ذلك، قد تكون هذه النتائج ببساطة نتيجة للحواجز الرسمية أو غير الرسمية التي تحول دون نجاح المرأة، وفي نهاية القرن التاسع عشر؛ عندما كان 4-5% فقط من الأطباء الأمريكيين من النساء، عزا بعض الرجال هذا بلا شك إلى نقص الكفاءة، والعديد من كليات الطب -ربما ممن تشارك هذا التصور- لم تقبل المرشحات من النساء؛ وبدأت جامعة هارفارد في قبول النساء فقط بعد الحرب العالمية الثانية، كما لم يُسمح للنساء في بريطانيا بأن يكنَّ محاميات حتى تم قبولهنَّ في جمعية المحامين في عام 1922م.

في كلتا المهنتين تم عمل منافسة متكافئة في النهاية، فما النتائج؟ في عام 2017م؛ تم قبول عدد أكبر من النساء في كليات الطب الأمريكية أكثر من الرجال لأول مرة، وبحلول عام 2018م كان نصف المحامين البريطانيين من الإناث.

ثمة مجادلة أخرى شائعة هي أنه من المنطقي للأشخاص المتزوجين أن يختصوا، حيث يأخذ الرجل وظيفة بأجر أعلى وتقوم المرأة بقدرٍ أكبر من الأعمال المنزلية، وإنه أمرٌ مريب بصورة متساوية، فقد وجدت إحدى الدراسات، على سبيل المثال، أنّ الأزواج الذين يكسبون أقل من زوجاتهم يقومون بأعمالٍ منزليةٍ أقل من أولئك الذين يكسبون أكثر.

وقد تكون العديد من المجادلات القائلة بأنّ افتقار المرأة إلى التقدم يرجع إلى الكفاءة أو الاختيار تبدو وكأنها خيالٌ مناسبٌ للمشككين الذين يقومون بعملٍ جيد إلى حدٍ ما خارج نطاق المساومة، فالنساء اللائي ينتهي بهنَّ الأمر في القيام بمعظم الأعمال المنزلية بالإضافة إلى العمل لساعات طويلة، يقمن بصفقةٍ قاسية، فليسوا هنَّ من يحتجن إلى التغيير، بل مواقف المشككين بقدراتها.

شارك هذا المقال

تواصل معنا

نرحب بكافة استفساراتكم وتساؤلاتكم...