الابتكار الاجتماعي
التعاقب القيادي

مجلة اتجاهات الابتكار الاجتماعي - العدد 8

التعاقب القيادي

   غياث خليل هواري

احتل إعداد القيادات للمستقبل مكانةً كبرى في جميع المنظمات بكل أشكالها، بما فيها شكل القيادات المجتمعية، حتى بات إعداد قيادات الصف الثاني للتطوير المؤسسي والمجتمعي قضيةً ملحة، وخاصة في التحولات الديموغرافية والاجتماعية والتي نوجز منها :

  1. القادة الجدد من مواليد الأعوام ما بين 1980-1995 تكاد تصل نسبتهم في الدول العربية لما فوق 50%، وقد تتجاوز تلك النسية في عام 2025.
  2. لم تخضع هذه القيادات الشابة لما يكفي من الإعداد القيادي.
  3. مرت المنطقة بهزاتٍ شديدةٍ جداً أعادت النظر في النماذج الحالية.
  4. وفق استطلاع للمنتدى الاقتصادي العالمي لما قبل كورونا، 86% من المؤسسات التي شملها الاستطلاع يعتقدون بوجود أزمة قيادة.
  5. يشير مقياس إدلمان لقياس الثقة لعام 2015 إلى انعدام الثقة بقيادات المؤسسات في ثلثي الدول التي يشملها الاستطلاع.

في هذا المقال نقدم جولة مصغرة عن إعداد قيادات الصف الثاني داخل المؤسسات، أو مايسمى في الأدبيات leadership succession التعاقب القيادي من خلال الإجابة على بعض الأسئلة، ولعل أهمها:

السؤال الأول: ما هو مفهوم التعاقب القيادي؟

ببساطة، التعاقب القيادي هو سلسلة من الإجراءات العملية لتأهيل القادة للأدوار الجديدة التي تلبّي احتياجات المؤسسات في الحاضر، والمستقبل، وتهدف ممارسات إعداد قيادات الصف الثاني:

  • معالجة التقدم في أعمار القيادات وقوة العمل.
  • مواجهة التسرب بين القيادات.
  • مواجهة المنافسة المتزايدة في الأسواق.
  • مواجهة التغيرات المتسارعة والمتنامية.

تخطيط التعاقب: هو الجهود المبذولة لضمان الأداء الفعال والمستمر للمنظمات والدوائر ومجموعات العمل؛ من خلال توفير القيادات المحورية على مدار الوقت، ويقصد بهذه القيادات المحورية الأشخاص المطلوبين للوفاء بمتطلبات الدوائر والمنظمات، والذين لهم تأثيرٌ بالغٌ في عملياتها الاستراتيجية والتشغيلية.

إدارة التعاقب القيادي: هي خطوة أبعد من تخطيط التعاقب، وأكثر شمولاً، حيث تعني الجهود المخططة والمنهجية التي تبادر بها المنظمة لتشجيع تقدم العاملين من ذوي المواهب، وبما يضمن استمرار توافر القيادات القادرة على شغل الوظائف المحورية للمنظمة، سواء كانت هذه الوظائف إدارية أو فنية أو تخصصية.

Inn08-01A.png

السؤال الثاني: ماهي السمات الأساسية لعملية إدارة التعاقب القيادي؟

تعتبر أهم سمات عملية إدارة التعاقب القيادي هي:

  • جهد هيكلي مخطط: يهدف إلى توفير القيادات واستمرارها في شغل الوظائف المحورية للمنظمة، وتنمية رأس المال البشري اللازم لمستقبل المنظمة؛ من خلال خطوات منهجية مستمرة.
  • عملية متطورة وممتدة: بمعنى أنها لا تهدف فقط إلى كتابة اسم معين في مربع أو صندوق معين يحمل اسماً لوظيفة قيادية معينة، بل تهدف إلى إعداد وتوفير عدة قيادات تملك القدرة والفعالية لشغل عدة مواقع قيادية وفي عدة دوائر.
  • لا تنعزل عن استراتيجيات وبرامج العمل الأُخرى في المنظمة: برامج التعاقب القيادي ترتبط باستراتيجياتِ وخططِ ومتطلباتِ المنظمة ونمط الكفاءات والمهارات التي يتطلبها التنفيذ السليم لهذه الاستراتيجيات.

Inn08-01B.png

السؤال الثالث: ما أهمية التعاقب القيادي: تكمن اهمية التعاقب القيادي لدوره الفعال في:

  • تحديد احتياجات ومتطلبات التوجهات الاستراتيجية الجديدة.
  • توفير الفرص أمام المتميزين بما يساعد على استبقائهم.
  • توسيع قاعدة العاملين المؤهلين للتدرج القيادي.
  • مساندة ودعم الجهود اللازمة لتنفيذ استراتيجيات وخطط المنظمة.
  • التشجيع على التقدم الوظيفي والقيادي، وتحسين ورفع الروح المعنوية للعاملين
  • تنمية قدرات العاملين وتمكينهم من التوافق مع متطلبات العمل المتغيرة.
  • معالجة الآثار المترتبة على التسرب الوظيفي، وتخفيض حجم العمالة المستقيلة.

السؤال الرابع: ما الفرق بين التعاقب القيادي والإحلال الوظيفي؟

تخطيط التعاقب القيادي المـؤسسي تخطيط الإحلال الوظيفي وجه المقارنة

 36 شهر.

6 شهور.

الإطار الزمني

مرشحون لديهم إمكانيات للتطوير.

أفضل مرشح متاح في هذا الوقت.

الموارد

تحديد جيد للمرشحين ذوي الإمكانيات العالية مقدَّماً.

اختيار ووضع المرشح المفضل المتاح.

مستوى التخطيط

تطوير مجموعة من المواهب بشكل عام.

خط عمودي من التعاقب داخل الإدارة أو بحث خارجي.

محور الاختيار

تخطيط تطويري مكثف مع خطط وأهداف محدَّدة توضع لكل شخص مقدَّماً.

تدريب فوري على العمل للشخص الجديد.

خطط التطوير

نتيجة لمدخلات ومناقشات عدد من قيادات المؤسسة.

من قبل المدير التنفيذي أو لجنة مقابلة صغيرة.

اتخاذ القرار

تقييمات متعددة على مر الزمن من قبل مديرين مختلفين على مهام وظيفية متنوعة.

  • الأداء السابق في وظيفته.
  • القدرات الواضحة.
  • التقدم الوظيفي في الوقت الراهن.
  • لجنة مقابلة.

تقييم البرامج

السؤال الخامس: ماهي الخطوات الأساسية للتعاقب القيادي؟

نستطيع القول عبر العديد من المنهجيات التي اسُتخدمت في التعاقب القيادي في المؤسسات والمنظمات بأشكالها المتنوعة تم الاتفاق على الخطوات الأساسية:

  • تحديد السياق الأساسي والذي يشمل تحديد أهداف البرنامج والمرشحين للأدوار المرجوة في المؤسسة مع ضرورة تكوين فريق متخصص لإدارة عملية التعاقب.
  • تحديد المرشحين للتعاقب داخل المؤسسة، أو من خارجها مع البحث عن مجموعات مختلفة بمراعاة عملية الاختيار الدقيقة واستخدام أساليب متنوعة في القياس والتطوير.
  • تصميم دليل الكفاءات الذي يساعد في تحديد المعارف والمهارات الأساسية والسمات الشخصية التي تساعد المرشحين في القيام بأدوارهم على أكمل وجه.
  • تصميم التعليم الاحترافي والذي يشمل جملة من برامج التدريب، وتجارب التعلم المساندة التي تعزز بناء الكفاءات عند المرشحين.
  • إدماج المرشحين في خبرات التوجيه الشخصي، والتدريب في العمل، والانخراط مع القادة، وتقديم مشاريع قيادية تساعد في التمكين القيادي للمرشحين.
  • تقييم فعالية وأثر عملية التعاقب القيادي بشكلٍ مستمر لكي تحقق الأهداف المرجوة منها.

السؤال السادس: كيف تظهر فعالية ونجاح خطة التعاقب القيادي؟

تقاس فعالية ونجاح خطة التعاقب القيادي من خلال العديد من المؤشرات التي يتم تحديدها وفق كل مشروع على حدة، ونوجز هنا عدداً من المؤشرات العامة المستخدمة في العديد من تجارب التعاقب القيادي:

  1. عدد الوظائف الهامة/ الحرجة التي تم إشغالها في وقت مناسب وبالمرشح الأكثر كفاءة.
  2. تحقيق المنظمة لأهدافها بوجود عدد من المرشحين المؤهلين لشغل الوظائف الهامة.
  3. الاحتفاظ بالمعارف والخبرات الرئيسية عندما يغادر الأفراد المنظمة أو عندما تطور المنظمة من عملها.
  4. عدد القادة ممن لديهم قدرات عالية في تمكين أفضل الكفاءات والخبرات بين فرق عمل المؤسسة.
  5. عدد المشاركين من أعضاء فرق العمل في برامج التطوير القيادي في المؤسسة.

في الختام:

إن عملية إعداد قيادات الصف الثاني بشكلّ عام، والتخطيط للتعاقب القيادي للمؤسسات بشكلٍ خاص، هو مسؤولية جميع القادة في المؤسسة، ويتم العمل عليه باعتباره عملية مستمرة وليس جزءاً من مهام الموارد البشرية أو التدريب المؤقت، وتساعد وجود القوة القيادية للمؤسسة في التعامل مع المتغيرات، والأزمات بشكل أكثر احترافية، كما تعزز من استدامة القدرة التنافسية للمؤسسة في النمو، والاستدامة، وتحقيق الأثر الاقتصادي، والاجتماعي المرجو منها هذا والله أعلم.

شارك هذا المقال

تواصل معنا

نرحب بكافة استفساراتكم وتساؤلاتكم...