الابتكار الاجتماعي
مستقبل تعليم الإدارة

مجلة اتجاهات الابتكار الاجتماعي - العدد 8

مستقبل تعليم الإدارة

هذه نسخة من خطاب حديث أُرسل إلى أحد عمداء كلية الأعمال

سيدي العزيز العميد Whiteboard:

أكتب لحضرتكم -نيابةً عن أمناء (مدرسة Gordon Gekko للأعمال)- رأيي بشكل عام عن مؤسستنا الحبيبة، فلدي أخبار جيدة وأخبار سيئة، فبدايةً نود أن نهنئكم، فبفضل قيادتكم الحكيمة اختارت مجلة The Economist)) مدرسة (GorGeBS) مرة أخرى لتكون واحدة من أفضل 100 كلية إدارة أعمال في العالم.

وأما بالنسبة للأخبار السيئة فإن أفضل فئة لدينا معرضة للخطر لأن نموذج الأعمال في مدرستنا يواجه تحديات صعبة، فالطلب آخذ في الانخفاض، وذلك حيث انخفضت طلبات الالتحاق في برنامجنا لماجستير إدارة الأعمال بمقدار الربع، وقد تراجعت طلبات الالتحاق بكليات إدارة الأعمال في جميع أنحاء أمريكا لمدة خمس سنوات على التوالي، وانخفضت الطلبات في كلية هارفارد هذا العام بنسبة 6٪.

وإن أحد أسباب هذا الانخفاض الحاصل هو انخفاض عدد المتقدمين الدوليين حيث اُستبعد الكثير منهم بسبب سياسات أمريكا المناهضة للهجرة، ولكن قبل أن تتسرعوا في إلقاء اللوم على جميع خريجي القانون الموظفين في الدوائر الحكومية، فإن العامل الأكبر لانخفاض عددهم هو أننا نفرض رسوماً أكثر من اللازم، فتكلفة ماجستير إدارة الأعمال لدينا تقارب ضعف ما كانت عليه قبل عشر سنين، ولا أحد يصدق أننا نقدم ضعف الفائدة.

ومن الأسباب الأخرى إخفاقنا في التعامل مع التعطيل الذي تسببه التكنولوجيا، فصحيح أن أفضل عامين في حياتي هما العامان اللذان أمضيتهما في الحصول على درجة الماجستير في إدارة الأعمال في حرمنا الجامعي المليء بالأشجار والقريب من منبع نهر راند، لكن رغم ذلك فقد بدأت أعتقد أن دفاعكم الدؤوب عن استراتيجية المبنى المادي هو دفاعٌ خاطئ، حيث يمكن أن يقدم تعليم إدارة الأعمال عبر الإنترنت ريادةً فكريةً على مستوى عالمي أيضاً.

والسبب الأسوأ هو الاعتراض على مدى ملاءمة مناهجنا الدراسية، إذ أن الطلاب الذين يتجولون في قاعاتنا المقدسة اليوم ليسوا من الرأسماليين الداروينيين الواثقين بأنفسهم الذين كانوا يسعون جاهدين للحصول على درجات علمية في مجال الأعمال، بل إن مجال تفكيرهم شديد الاختلاف، فهم يطالبوننا بأن نتجاوز تعاليمنا التقليدية التي تنص على أن الأولوية لقيمة المساهمين ونتبنى أن الأولوية لقيمة أصحاب العلاقة.

فنحتاج حتى نمضي قدماً إلى التركيز على ثلاث أولويات: أولها السيطرة على التكاليف لأن تكلفة الحصول على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال في جامعة ستانفورد تقدر بـ 232 ألف دولار والمبلغ أكبر بكثير من توقعاتنا، ولكن ما نقدمه مبالغ به، فأماكن الإقامة من فئة الخمس نجوم وطعام المطبخ فاخر وكذلك الأمر بالنسبة للامتيازات الأخرى في الحرم الجامعي، وكذلك صفقات المدرسين، وذلك مع أننا لم نبالغ بها كما فعلت "كلية كولومبيا للأعمال" حيث تبين مؤخراً أنها دفعت أكثر من 420 ألف دولار سنوياً لأستاذ يقوم بتدريس ثلاث مواد في السنة و330 ألف دولار أمريكي لأعضاء هيئة التدريس الأدنى مرتبة الذين يعملون بصورة مؤقتة.

ولكن من السهل إيجاد حل لذلك، في حين يجب علينا أيضاً استخدام التكنولوجيا، فبعض المدارس تقدم شهادات مختلطة، فهي تمزج بذلك كلا من المهارات اللينة المكتسبة في الحرم الجامعي والسهولة التي يوفرها تقديم التعليم بشكل رقمي، فقد نجحت كلية (Questrom School of Business) التابعة لجامعة بوسطن بهذا الأمر بشكل كامل فهي تقدم الآن كامل برنامجها الخاص بماجستير إدارة الأعمال عبر الإنترنت مقابل 24000 دولار فقط، فإذا لم نتكيف معها فسوف تتغلب علينا.

 كما يجب علينا أن نتحسن في تعليم التكنولوجيا، إذ يجب أن نتعمق في منهجنا التعليمي في المهارات التقنية التي يريدها أصحاب العمل للتعامل مع الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات، فلا عجب أن الشركات نفسها من يأخذ زمام المبادرة، حيث تنفق شركة (Accenture) وحدها مليار دولار على تدريب الموظفين داخل الشركة؛ بينما ينفق عمالقة وادي السيليكون أكثر من ذلك، لذلك فإن هذه الاستثمارات تفكك التعليم التنفيذي الذي يدر لنا الأموال.

والأولوية الثالثة والتحدي الأصعب هو التعامل مع رد الفعل السلبي ضد الرأسمالية، فإن كوننا سنصبح مديرين تنفيذيين في المستقبل، فيجب أن يدير المسؤولون لدينا الطلبات المتضاربة التي يفرضها عدد لا يحصى من الأطراف المعنية على الشركات أثناء أدائهم لواجباتهم الائتمانية تجاه المساهمين، فلم يعد بإمكان المنهج الاعتماد على دراسات الحالة أحادية البعد، فإننا نحتاج إلى أن نكون أفضل في استعراض عمليات المفاضلة التي تواجه الرؤساء الذين يقودون الشركات نحو بيئة ثلاثية الأبعاد.

لقد أصبح التهديد تهديداً وجودياً، فقد اختفى في السنوات الخمس الماضية ما يقرب من عُشر برامج ماجستير إدارة الأعمال ذات الدوام الكامل في أمريكا، حيث توقفت كليات إدارة الأعمال من ولاية فلوريدا إلى آيوا عن تقديم درجة الماجستير هذه كلياً، فإذا أردنا النجاة، لا تهتموا برفع (GorGeBS) إلى قمة التصنيف، فنحن بحاجة إلى البدء في التفكير بشكل خارج عن المألوف وقيادة الثورة التالية التي ستحدث في الإدارة.

دعونا نلتقي ونتحدث في وقتٍ قريبٍ.

IVOR HANGOUT

شارك هذا المقال

تواصل معنا

نرحب بكافة استفساراتكم وتساؤلاتكم...