الابتكار الاجتماعي
رحلة العلاج برؤية ابتكارية

مجلة اتجاهات الابتكار الاجتماعي - العدد 9

رحلة العلاج برؤية ابتكارية

   كندة المعمار

   تعاني ماري من مرض مزمن مؤلم يحتم عليها الذهاب إلى المركز الطبي بشكل دوري. ورغم شدة المرض، والحاجة الملحة إلى الالتزام بالعلاج، كثيرًا ما كانت تنسى المواعيد المحددة لها من قبل المركز الطبي من أجل المراجعة، فتضطر إلى أخذ مواعيد جديدة، الأمر الذي كان مربكًا للموظفين الإداريين المسؤولين عن تنظيم المواعيد في المركز. في محاولة لفهم المشكلة المطروحة بصورة أفضل، حاولت إحدى المسؤولات الإداريات أن تضع نفسها مكان ماري، فسألتها عن تجربتها: هل كانت المشكلة تتعلق بوسائل النقل؟ أم هل كانت تحتاج إلى تذكير بالمواعيد هاتفيًا وليس ورقيًا كما تفعل إدارة المشفى من خلال إرسال التذكير بالمواعيد عبر البريد إلى منزلها؟ رويدًا رويدًا بدأت ماري في الكشف عن أسباب عدم حضورها إلى المركز الطبي في المواعيد التي تم تحديدها لها من قبل إدارة المركز. فقد كانت رحلة ماري إلى المركز الطبي شاقة للغاية. حيث تطلبت حالتها الجسدية المؤلمة توفير المساعدة، والتنقل الخاص لها من باب منزلها إلى باب المركز الطبي، كما كان على كل شخص معني أن يكون على علم بكل تحركاتها حتى تتمكن من الوصول إلى موعدها في الوقت المحدد، وكان تنسيق الخدمات اللوجستية مرهقًا ومجهدًا.

   بالإضافة إلى ذلك، كانت ماري تواجه مجموعة إضافية من التحديات بمجرد وصولها إلى المستشفى؛ فالمركز الطبي الذي تتلقى فيه الرعاية الطبية مركزٌ أكاديميٌ كبيرٌ، فيه مداخل وأبراج متعددة؛ وفي بعض الأحيان كانت تضطر لقطع مسافات طويلة بسبب الحجم الهائل للمركز، فضلًا عن قلقها بشأن عدم تمكنها من العثور على شخص يدفعها على كرسي متحرك، أو من احتمال أن تضيع داخل المركز. كان مجرد التفكير بالعقبات المختلفة المحتملة لهذه الرحلة يجعل ماري تشعر بالتوتر لدرجة أن تنسى أو تتناسى الذهاب على الإطلاق.

   لم تكن ماري وحدها هي التي تواجه هذه التحديات؛ فوفقًا لهارفارد بزنس ريفيو، كل عام هناك قرابة 3.6 مليون شخص يفوتون، أو يؤجلون المواعيد الطبية بسبب مشكلات النقل، مما يؤدي إلى تكاليف سنوية لمقدمي الرعاية الصحية تقدر بمليارات الدولارات. فغالبًا ما تخلق المواعيد الطبية الفائتة، أو "عدم الحضور" العديد من التحديات التشغيلية أيضًا؛ من صعوبات إعادة جدولة الطاقم الطبي إلى التدخل في رعاية المرضى وعلاجهم. ولدى دراسة عواقب التغيب عن المواعيد على نطاق واسع، لم تكن الأسباب المحددة لفشل المرضى في الحضور واضحة دائمًا. ولكي يتم التمكن من حل تلك المشكلات ينبغي فهم أسبابها، ولكي يتم فهم أسبابها لابد من الاقتراب من المرضى أكثر فأكثر من أجل فهم ما يسمى بـ "تجربة المريض patient experience"، والتي يقصد بها فهم الحالة الشعورية للمريض على طول رحلته العلاجية، بدءًا مما يحدث قبل وصول المريض إلى المركز إلى ما يحدث بعد مغادرته، وتحديد أهم التحديات التي يواجهها المريض في هذه الرحلة من أجل العمل على معالجتها.

 الدور المطلوب من مقدمي خدمات الرعاية الصحية

   مع وجود هذه التحديات، لم يعد مقدمو خدمات الرعاية الصحية مطالبون بتوفير حلول لتحسين الحالة الصحية فحسب، وإنما مطالبون أيضًا بإيجاد حلول تضمن السلامة الصحية والنفسية للمرضى، وتزيد من درجة رضاهم عن الخدمة الصحية بشكل عام، وتراعي التقليل من التكاليف المترتبة على المراكز الطبية.  

  ولعل منهجية التفكير التصميمي الرائدة في ابتكار حلول ترتكز حول المستخدمين من أكثر المنهجيات الواعدة التي يمكن استخدامها لفهم تجارب المرضى، وإعادة تصميمها بشكل أفضل. فالتفكير التصميمي هو نهج إبداعي لحل المشكلات يركز على الإنسان، وينطلق في عملية تصميم الحلول للمستخدم من التعاطف معه، وفهم الحالة الشعورية الدقيقة له من أجل أن يحدد المشكلة الحقيقية التي يعاني منها، ومن ثم يتم توليد الحلول، وتجريبها مع المستخدم من خلال بناء النماذج الأولية.

على عكس الأساليب التقليدية لحل المشكلات، يبذل المفكرون التصميميون جهودًا كبيرة لفهم المرضى، وتجاربهم، وحالاتهم الشعورية على طول رحلة العلاج قبل العمل على توليد حلول لتحدياتهم. إن هذا الفهم الشامل للمرضى (على سبيل المثال: أولئك الذين يتغيبون عن المواعيد بانتظام) هو ما يوجه عملية تصميم الحلول. ونظرًا لأن التفكير التصميمي يتضمن اختبارًا مستمرًا للأفكار وصقلها قبل إطلاقها بصورتها النهائية يتم تلقي الملاحظات عليها في وقت مبكر من قبل المرضى، مما يضمن أن تلبي احتياجاتهم.

  وقد عملت الدراسة البحثية "Design Thinking in Healthcare, Myra Altman, PhD; Terry T.K. Huang, PhD, MPH, MBA; Jessica Y. Breland, PhD"  

على مقارنة ثلاث دراسات من حيث التدخلات التي تم تصميمها باستخدام التفكير التصميمي، والتدخلات التي تم تصميمها باستخدام الأساليب التقليدية في الدراسات الثلاث، وجاءت نتائج المقارنة على النحو التالي:

  • في الدراسة الأولى تم اعتماد عينة من 25 مستفيدًا ليقارنوا بين عرض المعلومات على شكل رسومات تم تصميمها وفق منهجية التفكير التصميمي لتحسين قدرة الممرضات على اكتشاف التغيرات في الحالات الفسيولوجية للمرضى في وحدة العناية المركزة (ICU)، مع عرض المعلومات على شاشة تقليدية تستخدم أنظمة الرسوم البيانية التجارية الإلكترونية لوحدة العناية المركزة. وقد أشارت نتيجة المقارنة إلى أن التفكير التصميمي ساعد في تحسين الكشف عن التغيرات في حالة المريض وزيادة سهولة الاستخدام، والفائدة، والرضا، ودعم الفهم، بينما لم يكن هناك أي فروقات فيما يتعلق بحجم الأعباء والأعمال الملقى على عاتق الممرضات.
  • في الدراسة الثانية تمت مقارنة واجهتي كمبيوتر مصممتين لعرض تنبيهات التفاعل الدوائي، واحدة تم تطويرها باستخدام التفكير التصميمي، والأخرى تم تصميمها باستخدام البرامج التقليدية. تضمن العرض التقليدي معلومات النص الأساسية، وعبر المستخدمون (ممرضات وحدة العناية المركزة) عن رضاهم عن واجهة التفكير التصميمي، باعتبارها أكثر كفاءة وفعالية.
  • قارنت دراسة أخيرة تطبيقًا تم تصميمه وفق منهجية التفكير التصميمي يوفر للممرضات معلومات حول استخدام المضادات الحيوية بمصادر معلومات منتظمة. وجد الممرضون الذين يستخدمون التطبيق المعلومات الخاصة باستخدام المضادات الحيوية بسرعة أكبر.

تجربة Mayo Clinic

   من الأمثلة الهامة على تبني منهجيات الابتكار، وعلى رأسها التفكير التصميمي منظمة Mayo Clinic مايو كلينيك وهي منظمة غير ربحية تتبنى الابتكار في العمل الطبي، والتعليم، والبحث، وتهدف إلى توفير الدعم والخبرة والحلول الطبية لجميع الأشخاص الذين يحتاجون إلى التعافي. ومايو كلينيك واحدة من أكبر المنظمات الطبية وأكثرها خبرة في الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن لها فروعًا في أريزونا وفلوريدا ومينيسوتا، بالإضافة إلى مايو كلينك للرعاية الصحية في لندن. وتعتبر مايو كلينك أول وأكبر مجموعة طبية متكاملة وغير ربحية في العالم. يعمل فيها أطباء من مختلف أنحاء العالم وفي العديد من التخصصات معًا لتوفير الرعاية للمرضى وفق رؤية موحدة تضع احتياجات المريض في المقام الأول دائمًا. وقد تم تصنيف مايو كلينيك المشفى رقم 1 في الولايات المتحدة وفقًا لتقرير US News & World Report ، والمشفى رقم 1 في العالم من قبل Newsweek.

تقول باربارا سبوريير المديرة الإدارية للمركز منذ إنشائه في يونيو 2008 حتى عام 2016: "إننا نطبق الابتكار المرتكز حول الإنسان، والتفكير التصميمي في تصميم منهجيات تقديم الرعاية الصحية". وقد عملت إدارة مايو كلينيك على توظيف 60 شخصًا، العديد منهم من خلفيات غير تقليدية ومتنوعة، والغرض من ذلك اكتشاف وتنفيذ طرق جديدة لتحسين الرعاية الصحية للمرضى وتحسين الصحة. ويضم فريق المركز متعدد التخصصات المصممين، والمهندسين، ومديري المشاريع، والتقنيين، ومنسقي الابتكار، بالإضافة إلى الأطباء، والممرضات، والأطباء الآخرين. حصلت سبوريير نفسها على درجات جامعية في الاقتصاد واللغة الإنجليزية، والتي استكملتها لاحقًا بدرجة الماجستير في إدارة الرعاية الصحية.

تقول سبوريير: "الابتكار يتطلب من الناس التفكير بأسلوب مختلف، وتعتبر أكثر الطرق فعالية للقيام بذلك هي دعوة أشخاص مختلفين إلى طاولة المناقشات. نعتقد أن الأنواع التجريبية من البيئات وأماكن بناء النماذج الأولية مهمة حقًا؛ لأننا نساعد فرقنا من خلالها على أن يكونوا أكثر راحة مع الابتكار والعمل بشكل مختلف". وعلى الرغم من أن مايو كلينيك تقع في مبنى عادي؛ إلا أن الأنظمة الأساسية الأربعة للمركز لا تعرف حدودًا، وتستند إلى الأساس الفلسفي المتمثل في عبارة "كن دائمًا هناك من أجلي"، والذي يوجه اتجاه مفكري المركز الستين:

  • كن دائمًا هناك من أجلي... عندما أحتاج إلى المجيء إليك. (إعادة تصميم نماذج رعاية المرضى الداخليين والخارجيين).
  • كن دائمًا هناك من أجلي... عندما يمكنك القدوم إلي. (نماذج جديدة متصلة بالمرضى/ الأشخاص في منازلهم ومجتمعاتهم).
  • كن دائمًا هناك من أجلي... عندما لا أعرف حتى أنني بحاجة. إليك (خدمات جديدة لتحسين الصحة والعافية).
  • كن دائمًا هناك من أجلي... (للموظفين) وساعدني على فهم الابتكار وتطبيقه في عملي (ثقافة وكفاءة الابتكار).

أدى المركز ومبتكروه الستون وثقافة الابتكار المتنامية في جميع أنحائه إلى ظهور عدد من المنتجات والخدمات الجديدة التي تعمل على تغيير تجربة الرعاية الصحية للمرضى. من بينها:

  • خدمة استشارة إلكترونية تربط بين المرضى والمتخصصين عن بعد.
  • فعالية دولية تسمى TRANSFORM تعقد على مدى يومين في سبتمبر من كل عام، وتعتبر فعالية Transform منصة الرعاية الصحية الأولى لمواجهة المشكلات الصحية الحرجة، ومشاركة الأفكار المفيدة، وتحفيز التغيير القابل للتنفيذ.
  • الرعاية الخاصة بخدمات غسيل الكلى، والتي تنطوي على توفير العديد من خيارات الدفع.
  • غرف الفحص/ الاستشارة المركبة لعيادات الأطباء.

تشير سبوريير إلى أن الابتكار والالتزام بالتحول يتطلبان شراكات قوية. حيث تشارك مايو كلينيك 23 مؤسسة من جميع قطاعات الاقتصاد لمشاركة طرق جديدة في تقديم وتمويل رعاية المرضى، وتمويلها، وخلق تجارب صحية جديدة واختبارها وتنفيذها. ومن بين الشركاء: Blue Cross و Blue Shield of Minnesota  و Ideo و Cisco و Destination Imagination و Good Samaritan Society وجامعة Yale.

تقول سبوريير: "نحاول مع شركائنا فهم احتياجات المستخدم، ثم نبني الخدمات والمنتجات التي تلبي تلك الاحتياجات. أعتقد أنه قد آن الأوان لأولئك الذين يعملون في مجال الرعاية الصحية للعمل على فهم احتياجات الناس بعمق وإدراك أنه لا يمكن فهم هذه الاحتياجات باستخدام الأساليب التقليدية مثل استطلاعات رضا المرضى ".

معوقات استخدام التفكير التصميمي في إعادة تصميم تجربة المريض

   بعد أن أثبتت منهجية التفكير التصميمي فعاليتها في تصميم الحلول الفعالة للعديد من التحديات التي تتعلق بتطوير الرعاية الصحية، بدأت العديد من المستشفيات الرائدة في التركيز بصورة أكبر على فهم تجربة المريض لحل هذه الأنواع من المشكلات، وكذلك من أجل تحسين تجربة المريض بشكل عام. ومع ذلك، لا زالت هناك صعوبات كبيرة في حث المسؤولين عن تقديم الرعاية الصحية، وأصحاب العلاقة الرئيسيين على النظر في الجوانب غير السريرية لهذا النوع من العمل. فمثل أي استراتيجية تطوير مبتكرة، يواجه تطبيق منهجية التفكير التصميمي في تصميم حلول الرعاية الصحية العديد من التحديات، ولعل أبرزها:

  1. سوء الفهم: إن خدمات القطاع الصحي لا تقتصر على المساعدة السريرية. فهي تحتاج إلى الاهتمام برفاهية المرضى، الأمر الذي يتجاوز الأدوية. فهناك حاجة إلى أمور أخرى كغرف الانتظار النظيفة، والمانعة لنشر العدوى، وهناك حاجة إلى سهولة وصول الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة أو مميتة إلى المراكز الطبية. وقد يشكل التفكير التصميمي تحديًا إذا كان فريق التصميم في المركز الطبي يفتقر إلى التواصل فيما يتعلق بفهم احتياجات المريض.
  2. التفكير قصير المدى: إن معظم منهجيات تصميم الحلول للمشكلات التي تواجه القائمين على المراكز الصحية مع المرضى تتوجه إلى الحلول السريعة قصيرة المدى للمشكلات المطروحة. فعندما تظهر مشكلة تتعلق بالمريض؛ غالبًا ما تنشر الإدارة فريقًا لحل هذه المشكلة المحددة، مما يؤدي إلى معالجة الأزمات على المدى القصير، دون اللجوء إلى منهجيات الابتكار التي تتطلب الوقت، والجهد، وتعمل على تصميم حلول أكثر شمولاً من تلك المشكلة المحددة.
  3. تنوع المستهلكين: يخدم نظام الرعاية الصحية أشخاصًا متنوعين ذوي احتياجات مختلفة. وقد يؤدي ذلك إلى أن يصبح جمع المعلومات حول مشكلاتهم ومتطلباتهم، وتنفيذ العصف الذهني لحل كل مشكلة بشكل فعال أمرًا صعبًا إذا لم يمتلك فريق التصميم الفعالية والكفاءة العالية.
  4. تحدي الكمال: غالبًا ما يسعى القائمون على إدارة مراكز الرعاية الصحية إلى إطلاق منتجات، وخدمات مثالية من الفرصة الأولى، ويعتبر البحث عن الكمال والحل المثالي من أول تجربة عائقًا كبيرًا أمام منهجية التصميم المرتكز حول الإنسان، والتي تعتمد مبدأ التجريب، وإطلاق النماذج الأولية للمنتجات، والخدمات لجمع الملاحظات، وتطوير إصدارات مستقبلية من تلك المنتجات، والخدمات تراعي الملاحظات، ولا تسعى إلى أن تطور حلول مثالية من التجربة الأولى. 

مزايا استخدام التفكير التصميمي في الرعاية الصحية

  يركز التفكير التصميمي -باعتباره منهجًا يرتكز على الإنسان- على المستخدمين كبشر لهم احتياجات متعددة لا تقتصر على تلقي العلاج، واستخدام المرافق. ويمكن للقائمين على تقديم الرعاية الصحية تحقيق الكثير من المنافع من خلال تطبيق التفكير التصميمي في توليد الحلول لتحديات الرعاية الصحية، ولعل أبرز تلك المنافع:

  1. فرص للجميع: نظرًا لكون فرق التصميم متعددة التخصصات، توفر عملية التفكير التصميمي فرصًا للجميع للمشاركة في ابتكار الحلول، وسواء تم استخدام المنهجية من قبل المرضى أو من قبل الموظفين. فإن هذا المنهج يجعل المنتجات أكثر بساطة، وأكثر قابلية للاستخدام، ويمكن أن يطور فرصًا أفضل للجميع.
  2. خارطة طريق المستقبل: يسمح التفكير التصميمي للقائمين على تقديم خدمات الرعاية الصحية بإنشاء خارطة طريق نحو المستقبل في عالم التكنولوجيا سريع التطور. فمن خلال التنفيذ الصحيح لهذه المنهجية، يمكنهم المساعدة في تصور مستقبل أفضل لمراكزهم الطبية، ورسم صورتها المستقبلية بنجاح. 
  3. علاقات أفضل مع العملاء: عندما ينفق القائمون على المراكز الطبية قدرًا كبيرًا من المال، والوقت، والجهد لتحسين تجربة العملاء؛ ستعمل تلقائيًا على تحسين العلاقات مع المستهلك. وبالتالي إذا ساعد فريق التصميم في مركز الرعاية الصحية في تحديد المشكلات مع المرضى، وتوليد الحلول لها بكفاءة، فهذا يضمن أن يصبح المركز اسمًا موثوقًا به في مجال الرعاية الصحية.

إن المنهج التعاطفي للتفكير التصميمي يعمل على خلق بيئة يمكن للمريض فيها التعبير عن مخاوفه بحرية وأمان. فعندما يأتي مريض إلى المركز، من المرجح أن يرافقه شخص آخر، وإن العمل على تقديم خدمة جيدة مثل غرفة انتظار نظيفة، وموظفين ودودين يمكنهم المساعدة في الرد على استفسارات المرضى ومرافقيهم يمكن أن يساهم في إعادة تصميم تجربة المريض بشكل أفضل. كما تعتبر الجوانب التعاطفية لمنهجية التفكير التصميمي ضرورية لأنها يمكن أن تساعد في حل مشكلات استضافة المرضى، ورؤية ما وراء الخدمات السريرية لنظام الرعاية الصحية.

إلى جانب ذلك، يفيد التفكير التصميمي أشخاصًا أكثر من مجتمع المريض وحده. فمن خلال تنفيذ هذه المنهجية يمكننا توفير فرص أفضل لممارسي التفكير التصميمي، ومنحهم الفرصة لتغذية إبداعهم من خلال العمل على هذه التحديات.

  إن منهجية التفكير التصميمي هي منهجية شاملة لرعاية المرضى، وأسرهم، وفريق الرعاية الصحية أيضًا. فتطبيقه يعتبر فرصة حقيقية لإنقاذ نظام الرعاية الصحية من الانهيار في ظل المتطلبات المتزايدة والملحة للتطوير المستمر، والتخلص من الطرق القديمة في التعامل مع تحديات الرعاية الصحية، وإدخال إطار عمل جديد تمامًا للتفكير في التصاميم والحلول بحيث تركز على الإنسان وتسعى لتلبية احتياجاته، حيث تسمح منهجيات التصميم المرتكز حول الإنسان، مثل التفكير التصميمي، لمقدمي الخدمات بوضع أفكار تعاونية للحلول من خلال تبادل الأفكار مع فرق عمل المراكز الطبية، ومع المرضى، وأفراد أسرهم.

  وقد ترسخ التفكير التصميمي بالفعل في مجال الرعاية الصحية، مما أدى إلى تطوير منتجات جديدة، ومتطورة في مجال الرعاية الصحية، كما أدى إلى تحسين تصميم مساحات المراكز الطبية. ومع ذلك، لا يزال استخدامه دون الحد المطلوب لمعالجة التحديات المهمة الأخرى، مثل تحديات تنقل المرضى من منازلهم إلى المراكز الطبية، وتنقلهم داخل المراكز الطبية، وتحديات تفويت المواعيد، وتحديات الاتصال بين الأطباء والمرضى، على سبيل المثال لا الحصر. وربما يمكن للقائمين على المراكز الطبية الاستفادة من فهم أعمق للمرضى لحل مثل هذه المشكلات، وتحقيق نتائج سريرية أفضل، وتحسين تجربة المريض، وخفض تكاليف الرعاية الصحية إذا ما تبنى المزيد من قادة المراكز الطبية منهجية التفكير التصميمي في توليد الحلول لهذه التحديات.

شارك هذا المقال

تواصل معنا

نرحب بكافة استفساراتكم وتساؤلاتكم...