الابتكار الاجتماعي
جنرال إلكتريك وتجربة إعادة تصميم MRI

مجلة اتجاهات الابتكار الاجتماعي - العدد 9

جنرال إلكتريك وتجربة إعادة تصميم MRI

   كندة المعمار

في عام 2008 كان "دوغ ديتز/ Doug Dietz " في إحدى المشافي يراقب عملية تثبيت أحد أجهزة تصوير الرنين المغناطيسي الجديدة التي قام بتطويرها في شركة (ِGE)، وكان الجهاز قد فاز بجائزة التَّصميم الصناعي المرموقة، وكان "دوغ" حريصًا على رؤية الجهاز يعمل على أرض الواقع.

ذهب "دوغ" إلى أحد المشافي التي تم تركيب الجهاز فيها، وبدأ الأطباء في المشفى باستخدامه، ودخل إلى الغرفة التي ُوضع الجهاز فيها، وقبل أن تتاح له الفرصة لسؤال المشرف الفني عن عملية التصوير، طُلب منه الخروج من الغرفة حيث كان من المقرر أن يأتي مريض للتصوير، وهنا كانت المفاجأة، فقد كان ما شاهده دوغ في الرواق سببًا في تغيير مسار حياته المهنية وساعده على إعادة صياغة تجربة مستخدم التصوير بالرنين المغناطيسي بشكل مختلف.

دخلت عائلة تصطحب ابنتها البالغة من العمر سبع سنوات، وكانت تلك الطفلة تشعر بالحزن، ومع اقتراب العائلة استطاع "دوغ" أن يشاهد بكاء الطفلة، فانحنى الأب وقال: "تذكري، لقد تحدثنا عن هذا في المنزل مراراً، ينبغي أن تكوني شجاعة"، ولا داعي للخوف. نظر "دوغ" إلى الغرفة حيث كانت الفتاة على وشك دخول الماسح الضوئي، وكان يظن أن سبب خوف الفتاة هو وجود الملصقات التحذيرية على الآلة، وفي نهاية الأمر لاحظ "دوغ" بأنه قد تم تخدير الطفلة قبل دخولها إلى جهاز الماسح الضوئي.

سأل "دوغ" فني التصوير عن سبب التخدير، فكان أكثر ما لفت انتباهه في كلامُ فنيّ التصوير هو ما سمعه منه حول الاضطرار إلى تخدير العديد من الأطفال لإجراء التصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي الرقمي. فرغم أن عملية التصوير لا تستدعي تخدير المريض، إلا أن كل ما في التجربة كان سبباً في شعور الأطفال بالخوف، بدءاً من الغرفة إلى شكل الجهاز إلى رهاب الأماكن المغلقة إلى الضوضاء الصاخبة.

عاد "دوغ" إلى شركة "GE" وهو يفكر يعمق في العمل على مهمة جديدة، وهي فهم كيف يمكن إعادة تصميم هذه التجربة للأطفال بحيث تكون تجربة إيجابية وليست مخيفة، من خلال مناقشاته مع الرئيس التنفيذي، قدم الرئيس التنفيذي توصية إلى "دوغ" بحضوره ورشة عمل للتدريب على مجموعة أدوات التفكير التصميمي، لمساعدته في حل هذه المشكلة.

يقول "دوغ": "لقد التقينا بعائلات تشعر بالخوف، وتحاول التماسك خلال زيارة المستشفى، وأثار انتباهنا أنه يتم تخدير 80٪ من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و 8 سنوات من أجل إجراء عملية المسح الضوئي، ونرى أن من الممكن أن تتغير حياتهم إذا استطعنا الاستفادة من خيال الطفل المدهش لتحويل تجربة الأشعة إلى مغامرة إيجابية لا تنسى" .

من خلال إعادة صياغة المشكلة أدرك "دوغ" وفريقه أن بداية تجربة المستخدم كانت قد بدأت من المنزل عندما كان الآباء يحاولون معرفة كيفية الإجراءات ومحاولة شرحها لأطفالهم، فتمكنوا من تحديد رحلة المستخدم بأكملها وتحديد نقاط الاتصال المختلفة التي يمكنهم التأثير عليها أو إعادة تصميمها.

لم يكن لدى الفريق الميزانية للقيام بإعادة تصميم كاملة للآلات، لذلك وبمجرد أن حددوا بعض الفرص الواعدة تمكنوا من تحويل تجربة رَتيبة مملة إلى مغامرةِ قرصنةٍ ملونة، حيث يدخل رأس القبطان إلى داخل "السفينة" (وكانت هذه الميزة الفائدة الإضافية المتمثلة في جعل فتحة الجهاز تبدو أكبر وأقل خوفًا من الأماكن المغلقة).

في نهاية المطاف تمكن الفريق من ابتكار سيناريو قاد الأطفال خلال مغامرة القراصنة، وكانت نتائج إعادة التَّصميم مذهلة، حيث انخفضت معدلات التخدير من 80٪ إلى أقل من اثنان بالمائة.

عاد "دوغ" لزيارة المشفى مجدداً، وأثناء زيارته لغرفة الماسح الضوئي الذي يحمل طابع القراصنة، تحدث "دوغ" مع والدَي طفلة صغيرة فأخبراه أن طفلتهم بعد الانتهاء من التصوير، وأثناء الخروج من المشفى أمسكت بقميص أمها وقالت لها: "هل يمكن أن نعود غدًا من جديد؟"

لقد تمكن "دوغ" وفريقه من تغيير عالم طب الأطفال نحو الأفضل من خلال تحويل تجربة التصوير من شيء مرعب إلى شيء يتطلع الأطفال إلى تكرار تجربته.

شارك هذا المقال

تواصل معنا

نرحب بكافة استفساراتكم وتساؤلاتكم...