الابتكار الاجتماعي
عن الابتكار الثقافي

مجلة اتجاهات الابتكار الاجتماعي - العدد 11

عن الابتكار الثقافي

   غياث خليل هواري

تعد ممارسات الابتكار في المجال الثقافي من الأمور التي تظهر بها أثار الابتكار بشكل ملموس ومباشر، بل ويمكن قياسه وظهوره في حياتنا اليومية، وتهدف هذا المقالة المصغرة إلى التعريف العام للابتكار الثقافي للمساعدة في تقديم هذا المفهوم في المنطقة العربية وبعض ممكنات هذا المجال في القدرات والمهارات.

عن إطار الابتكار الثقافي؟

يعرف الابتكار الثقافي بأنه العملية التي تهدف إلى إحداث تغيير وتطوير في الفكر والممارسات الثقافية، سواء في مجال الفنون، أو الأدب، أو الفلسفة، أو الدين، أو غيرها. ويتضمن الابتكار الثقافي إدخال تحولات جذرية في التقاليد الثقافية التي تشكل جزءاً من هوية المجتمع، وتتمثل في إيجاد طرائق جديدة للتعبير عن الثقافة وتناولها وتفسيرها.

5 ممارسات في تطوير الابتكار الثقافي؟ 

تشمل ممارسات الابتكار الثقافي عدداً من الإجراءات والتقنيات التي تساعد على تطوير الابتكار وتحفيزه في المجالات الثقافية، ومن هذه الممارسات:

 Asset 44@4x.png

رصد الاتجاهات: وذلك من خلال الاستكشاف والبحث المستمر عن المعلومات والأفكار الجديدة والمبتكرة التي تساهم في تحفيز الإبداع والتجديد في المجالات الثقافية وخاصة في المجالات الثقافية التقليدية، مثل الأدب والفنون التشكيلية والمسرح، والموسيقى، والفنون الرقمية، والعمرانية.

التفاعل المجتمعي: وذلك من خلال تشجيع الحوار، والتفاعل بين الأفراد والمجموعات المختلفة في المجتمع، وتوفير المساحات الملائمة للتفاعل والتعاون والتبادل الثقافي.

الذكاء التعاوني: وذلك من خلال تشجيع التعاون بين المؤسسات الثقافية، والمبدعين، والفنانين، والمثقفين، وتوفير الدعم اللازم لهم لتطوير أفكارهم، وإنتاج أعمال ثقافية جديدة من خلال ممارسات تساعد في تراكم العمل الثقافي.

الأدوات التكنولوجية: وذلك عبر استخدام التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة والاجتماعية لتسهيل التواصل والتفاعل في المنتجات والخدمات والممارسات الثقافية في المجتمع.

السياسات الثقافية: دعم الابتكار والتجديد في المجالات الثقافية من خلال السياسات والبرامج الحكومية التي تهدف إلى توفير منظومة داعمة تشمل الدعم المالي، والتقني، والقانوني، والتجاري للمبدعين، والفنانين، والمثقفين.

5 خطوات لنموذج الابتكار الثقافي؟ 

نستطيع القول إن موجز الابتكار الثقافي يتلخص في إطارُ عملٍ يُستخدم لتحليل المشروعات الثقافية الجديدة والمبتكرة وتطويرها. ويخضع هذا الإطار في ممارساته لمنهجيات الابتكار المرنة التي تبدأ في مرحلة الفهم والاستكشاف وتمر في التجربة والاختبار والتعديل وتنتهي في التنفيذ وفق النموذج التالي:

 Asset 45@4x.png

ويتضمن نموذج الابتكار الثقافي المراحل التالية:

التحليل والاستكشاف: في هذه المرحلة يجري تحليل المشكلة المحتملة التي يمكن للمشروع الثقافي الجديد أن يحلها، وتقييم المزايا والعيوب المحتملة للمشروع.

التصميم: في هذه المرحلة يجري تصميم الحلول المقترحة، وتطوير خطط العمل والموارد اللازمة لتحقيق المشروع.

التجربة والاختبار: في هذه المرحلة يجري اختبار المشروع الثقافي الجديد وتحليل نتائج الاختبارات والتجارب.

التحسين: في هذه المرحلة يجري تحليل النتائج النهائية للمشروع وتحديد المجالات التي يمكن تحسينها وتطويرها.

التطبيق والتنفيذ: في هذه المرحلة يجري تطبيق المشروع الثقافي الجديد تطبيقاً كاملاً، ويجري تقييم النتائج النهائية لتحديد نجاح المشروع وتقييم فاعليته.

وقد طور الكثير من الباحثين والخبراء نماذج مختلفة للابتكار الثقافي، وتختلف هذه النماذج في بعض التفاصيل والمراحل، ولكنها تعتمد جميعها على المبادئ الأساسية التي تحدد مراحل التحليل، والتصميم، والتجربة، والتحسين، والتنفيذ.

أمثلة عن التقنيات المستخدمة في الابتكار الثقافي؟

تتضمن التقنيات التي يمكن استخدامها في الابتكار الثقافي مجموعة متنوعة تختلف بحسب المجال الثقافي المستهدف والأهداف المحددة والتي تصنف تحت التقنيات التي تساعد في تطوير المنهجيات والتي من أشهرها في المجال الثقافي:

التصميم التفاعلي: وهو نوع من التصميم الذي يستخدم الحوسبة الحية والبرمجة لإنشاء أعمال فنية وثقافية تفاعلية ومبتكرة.

الذكاء التعاوني: وهي عملية تشاركية تتضمن إشراك المجتمع المحلي في العملية الإبداعية لتعزيز التفاعل بين الفرق الثقافية والتواصل الاجتماعي.

التكنولوجيا المتطورة: وتشمل التكنولوجيا الحديثة التي يمكن استخدامها في الفنون والثقافة مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز والمواقع الإلكترونية.

تقنيات الإعلام الاجتماعي: وهي تقنيات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لإنتاج المحتوى الثقافي وتبادله بطرائق جديدة ومبتكرة.

تقنيات التواصل والتعبير الفني: وتشمل تقنيات التواصل الحركي والموسيقى والفنون البصرية والأداء الحي.

البحث والتجريب: وهي تقنيات تستخدم لتحديد المشكلات الثقافية وتجربة الحلول الجديدة واختبار فاعليتها وتحسينها.

أهم الكفاءات في مناهج تعليم الابتكار الثقافي

أولاً: المعارف الأساسية:

هناك الكثير من المناهج في الابتكار الثقافي التي تساعد في بناء كفاءات الابتكار الثقافي، والتي تختلف من مؤسسة تعليمية لأخرى بحسب التخصصات المتنوعة، ولكن هناك العديد من القواسم المشتركة في المؤسسات التعليمية المتعلقة بدراسة الابتكار الثقافي، وهي:

التحليل النقدي والفني: حيث تُحلل الأعمال الفنية والثقافية وتُدرس من النواحي الفنية، والتاريخية، والاجتماعية، والثقافية.

الأبحاث الاجتماعية والسوسيولوجيا: حيث تُدرس الثقافات والمجتمعات والجماعات الثقافية من خلال دراسة السلوك البشري والعلاقات الاجتماعية والعادات والتقاليد والقيم الثقافية.

دراسة الأداء الفني والثقافي: حيث تدرس العروض الفنية والثقافية وتُحلل من حيث الأداء والتصميم والتفاعل مع الجمهور.

دراسة الأعمال الإبداعية: حيث يدرس الإبداع والابتكار والتصميم الإبداعي وكيفية تطبيقه في العروض الفنية والثقافية. 

فهم التسويق الثقافي: حيث تدرس كيفية الترويج للمنتجات الثقافية والتسويق لها وجذب الجمهور إلى المعارض والفعاليات الثقافية.

ثانياً: المهارات الأساسية:

نوجز فيما يلي بعض أهم المهارات الأساسية في الابتكار الثقافي ولا نعني بها المهارات الفنية أو الإبداعية المباشرة، بل تلك التي تساعد في توليد عملية ثقافية بشكل احترافي والتي منها:

المرونة العقلية: القدرة على تجاوز التقاليد والأفكار الثابتة والتفكير خارج الصندوق، والتكيف مع التغيرات المستمرة في المجتمع والاقتصاد والتكنولوجيا.

الذكاء التعاوني: القدرة على التعاون مع الآخرين وتبادل الأفكار والخبرات، والعمل فريقاً واحداً لتحقيق أهداف محددة.

التحليل والتقييم: القدرة على تحليل المعلومات والبيانات، وتقييم النتائج والعمل على تحسينها وتطويرها.

الابتكار: القدرة على توليد أفكار جديدة وإبداعية، وتطوير تصاميم جديدة وفعالة لتحقيق الأهداف المحددة.

الاتصال والتفاعل: القدرة على التواصل، والتفاعل مع الآخرين بطريقة فعالة وإيجابية، وتبادل الأفكار، والمعلومات بطريقة، واضحة، ومفهومة.

القدرة على التكيف: القدرة على التكيف مع التغيرات المستمرة وتطوير العمليات والأساليب والتقنيات لتحسين الأداء وتحقيق النتائج المرجوة.

التفكير الإستراتيجي: القدرة على التخطيط والتفكير بطريقة إستراتيجية، لتحقيق الأثر المرجو من المبادرات والمشاريع الثقافية بطريقة نظمية تحقق النتائج المرجوة منها.

ثالثاً: السمات الأساسية:

يواجه من يعمل في الابتكار الثقافي العديد من المتطلبات والحالات التي تحتاج سمات شخصية متنوعة فالعمل الثقافي هو عمل مركب بطبيعة تأثيره وتفاعلاته وهذا يدفعنا للتأكيد على بعض السمات والتي من أهمها:

العقلية الإبداعية: يتمتع العاملون في هذا المجال بقدر كبير من الإبداع والتفكير الجديد والمبتكر.

الفطنة الثقافية: يحتاج العاملون في هذا المجال إلى فهم عميق للثقافات المختلفة وتفاصيلها.

التعلُّم المستمر: يحتاج العاملون في هذا المجال إلى الاستمرار في التعلُّم ومتابعة كل ما هو جديد في مجال الابتكار الثقافي.

التعاون والعمل الجماعي: يتطلب هذا المجال العمل مع فريق متعدد التخصصات، والتعاون مع الآخرين لتحقيق أهداف مشتركة.

الإدارة والتنظيم: يحتاج العاملون في هذا المجال إلى القدرة على إدارة المشروعات وتنظيمها بطريقة فعالة.

الحس الإنساني: يحتاج العاملون في هذا المجال إلى الحس الإنساني العالي والقدرة على فهم احتياجات الناس وتلبيتها بطريقة فعالة ومبتكرة.

المشروعات المقترحة في مجال الابتكار الثقافي في العالم العربي

توجد الكثير من المشروعات المقترحة في مجال الابتكار الثقافي في العالم العربي، وفيما يلي بعض الأمثلة:

تطوير متاحف رقمية: يتضمن هذا المشروع تطوير متاحف رقمية للسماح بالوصول إلى الثقافة والتراث العربي عبر الإنترنت والهواتف المحمولة.

تطوير اتجاهات النشر: ويتضمن ذلك التطوير في مجال الأطالس والموسوعات والموجزات وكل الأشكال التي تساعد في تعزيز تحويل الأفكار لممارسات عملية.

مختبرات الأفكار: وهي مساحات تستخدم تقنيات الابتكار المفتوح والتي تساعد في تطوير حلول متوائمة مع القيم الأساسية لكل مجتمع.

المبادرات الثقافية المجتمعية: يمكن أن تكون هذه المبادرات ورش عمل، ومعارض، وندوات، وحفلات موسيقية، ومسرحيات، وغيرها من الفعاليات الثقافية التي تجمع المجتمعات المحلية وتعزز الترابط الاجتماعي.

السينما/ الأفلام العربية الجديدة: يمكن تحفيز إنتاج الأفلام والبرامج التلفزيونية الجديدة في العالم العربي، وتقديم الدعم اللازم للمخرجين والممثلين والكتاب لإنتاج محتوى جديد ومتميز.

التحول الرقمي للصناعات الإبداعية: يمكن دعم تحول الصناعات الإبداعية في العالم العربي إلى العصر الرقمي من خلال توفير التدريب والتكنولوجيا الحديثة، وتشجيع التعاون بين الشركات والجامعات والمؤسسات الأكاديمية.

المشروعات الثقافية الاجتماعية: يمكن أن تكون هذه المشروعات برامجَ تعليمية وتدريبية وتطوعية، وحملات توعية وتثقيف، ومبادرات للتنمية المستدامة، وغيرها من المشروعات التي تهدف إلى تحسين الحياة الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات المحلية.

 

هذا والله أعلم
شارك هذا المقال

تواصل معنا

نرحب بكافة استفساراتكم وتساؤلاتكم...