الابتكار الاجتماعي
البودكاست وتعزيز العملية التعليمية

مجلة اتجاهات الابتكار الاجتماعي - العدد 11

البودكاست وتعزيز العملية التعليمية

   إبراهيم الهواريريم سرور

هل أنت في الواقع الشخص نفسه على وسائل التواصل الاجتماعي؟ 

ما الذي يمكنك تعليمه للآخرين من خلال فيديو عبر الإنترنت؟ 

هل تظن أن الآباء يخترقون خصوصية أبنائهم عندما ينشرون صورهم على الإنترنت؟

هل تشكل الآلات خطراً على البشرية؟ 

ما الدور الذي تلعبه الموسيقى في حياتك؟ 

متى عليك الشعور بالذنب لقتلك "زومبي" في لعبة فيديو؟ 

ما دور الكتب في حياتك؟ 

إن كان بإمكانك منح جائزة لكاتب واحد من سيكون؟ 

هل ما زلنا نحتاج إلى المكتبات؟ 

من المعلم الناجح برأيك؟

كيف تُعَرِّف العائلة؟ 

هل تعرف ما المجتمع؟

هل علينا أن نعيد إحياء الحيوانات المنقرضة؟ ولماذا؟ 

هذه ليست أسئلة في مسابقة أو مقالات صحفية، هذه رؤوس أقلام مقترحة لبعض الموضوعات التي يمكن أن يعمل عليها الطلاب في نشاطهم لصناعة البودكاست على أنه جزء من واجباتهم المدرسية.

يشغل طلاب الصف الثامن في مدرسة Lower Dauphin Middle School in Hummelstown, Pa، في بنسلفانيا حواسيبهم الخاصة، يجهزون الميكروفونات المصغرة، ويصبحون جاهزين لاستخدام حواسيبهم كاستديوهات مصغرة، حيث يكتبون ويسجلون وينتجون البودكاست ويشاركون في تحدي البودكاست من  NPR باستخدام أدوات وتطبيقات بسيطة.

في هذا النوع من المشروعات الذي يزداد انتشاراً في الغرب، يطلب من الطلاب تقديم الواجبات لبعض المقررات من خلال إنتاج حلقات بودكاست حول الموضوعات المطلوبة في المدرسة.

هذه الطريقة المبتكرة في العمل على الواجبات المدرسية تمنح الطلاب والمعلمين الكثير من الفوائد وتمكنهم من الكثير من المهارات الهامة للمستقبل. 

يمكن أن يكون استخدام البودكاست أداة للابتكار في التعليم وسيلةً فعالة للوصول إلى جمهور واسع وتعزيز الأفكار والرسائل الهامة، خاصة في الموضوعات المجردة التي تحتاج إلى المزيد من التوضيح، أو يجد الطلاب صعوبة في تناولها وفهمها، إذ إن البودكاست يعتمد على فن السرد القصصي، مما يسمح بتحويل أي موضوع إلى قصة أو مجموعة من القصص المؤثرة أو حوار غني يعطي الطلاب مساحة أكبر من الفهم المعمق للموضوع، كالتوعية بالقضايا الاجتماعية وتعزيز العدالة الاجتماعية والمساهمة في تسهيل الحوار والنقاش.

يسهل الوصول إلى البودكاست في أي مكان، مما يجعله أداة مريحة للأشخاص الذين لديهم جدول زمني مليء بالأعمال والمشاغل. وهو أيضاً نسبياً رخيص التكاليف في الإنتاج والتوزيع، مما يعني أن أي صف مدرسي أو مدرسة يمكنها إنشاء البودكاست الخاص بها ونشره على نطاق واسع والاستفادة منه في العملية التعليمية إضافة إلى التسويق غير المباشر للمدرسة واستخدامها أساليب ثورية في التعليم.

يمكن استخدام البودكاست أداةً للابتكار الاجتماعي في التعليم من خلال إنتاج محتوى صوتي تعليمي فعال يستهدف الطلاب والمعلمين. ويمكن استخدام البودكاست لتحسين تجربة التعلم من خلال توفير معلومات إضافية وشرح مفصل للمواد الدراسية والموضوعات المختلفة وتطوير مهارات التفكير النقدي والعلمي والاستماع الفعال.

كما يمكن استخدام البودكاست أداة للمناقشة والتحاور بين الطلاب والمعلمين حول المواد الدراسية والموضوعات المختلفة، مما يساعد على تعزيز التواصل والتفاعل بين الطلاب وتعزيز المشاركة الفعالة في العملية التعليمية.

إضافة إلى كونه وسيلة لإطلاع الطلاب والمعلمين على آخر الأخبار والمستجدات في مجالات مختلفة وتطوير معارفهم ومهاراتهم في الموضوعات التي يهتمون بها.

سنناقش في هذا الملف ملخصاً لعدد من التجارب الثرية لاستخدام البودكاست في العملية التعليمية، آلياتها وفوائدها للطلاب والمعلمين والعملية التعليمية، مما يسهل نقل هذه التجارب إلى العالم العربي.

يستخدم البودكاست في المدارس بأشكال عدة منها:

  • صناعة الطلاب للبودكاست على أنه واجب مدرسي.
  • مسابقات صناعة البودكاست المحلية والإقليمية.
  • البودكاست التعليمي المقدم من المعلمين للطلاب. 
  • البودكاست المدرسي الذي يقدم من الطلاب والمعلمين معاً حول مدرسة معينة.
  • مراحل استخدام البودكاست في العملية التعليمية على أنه واجب مدرسي: (مخطط الدروس المستخدم من قبل المدرسين حول صناعة الطلاب للبودكاست)
  • كيف يستخدم البودكاست بطريقة تفاعلية في المدرسة؟ 

المرحلة الأولى: التعرف على البودكاست:

الهدف:

تعرف الطلاب على أنواع البودكاست (الفردي - المقابلة - الحواري) ومعرفة موضوعات البودكاست المختلفة الممكنة. 

  • يناقش المدرس الطلاب حول معرفتهم عن البودكاست وأنواعه، كيف يختلف عن الفيديو واليوتيوب، كيف نحتاج إلى تغيير طريقة السرد عندما لا نرى المتحدث؟ وغيرها.
  • ثم يستمع الطلاب مع المدرس إلى عينات من بعض برامج البودكاست، لمدة بين ٣ إلى ٥ دقائق، ويحللون ما استمعوا إليه من خلال مجموعات عمل:
    • ما نوع البودكاست (سردي - حواري - مقابلة)؟
    • كيف رويت القصة في كل نوع؟
    • ما الأصوات الإضافية في البودكاست؟ (المؤثرات الصوتية المستخدمة – الموسيقى...)
    • كيف تؤثر هذه الإضافات على فهمنا للقصة؟ 
    • كيفية الأداء الصوتي في كل نوع من أنواع البودكاست وأثره في المستمع.
النتائج المتوقعة:

يجب أن يفهم الطلاب أن برامج البودكاست تختلف اختلافاً كبيراً -ولكن معظمها يشمل مضيفاً (حواري أو مقابلة) وهو الأسهل في التنفيذ والأقل تطلباً للمهارات  والأدوات الاحترافية-  ويمكن أن يتضمن أصواتاً من المقابلات، إضافة إلى مؤثرات صوتية متنوعة تغني القصة، مثل أحداث الحياة الواقعية أو صوت من الأفلام أو التلفزيون وغيرها.

وهنا يؤكد المدرس على أنه لا توجد طريقة واحدة صحيحة لرواية قصة، فهيكل البودكاست يناسب محتواه، ويتعلم الطلاب تقبل الآراء المختلفة عن رأيهم في أي موضوع.

المرحلة الثانية: اختيار موضوع البودكاست:

الهدف:

تمكن الطلاب من اختيار موضوعات البودكاست التي سيتشاركون في إنتاجها، بطريقة تحسن من مهاراتهم في العصف الذهني وتوليد الأفكار والعمل ضمن فريق.

  • يقسم المدرس الصف إلى مجموعات عمل ستنتج كل منها بودكاست واحد، بحيث يتكاملون في الأدوار ويتعاونون في عملية الإنتاج.
  • يساعد المدرس الطلاب على العصف الذهني من خلال عدد من الأسئلة البسيطة التي تساعد في اختيار موضوع البودكاست ضمن المقرر المطلوب منهم أو الموضوع المطلوب تعلمه.
  • بعد العصف الذهني يصوت الطلاب ويتفقون على أكثر الأفكار جاذبية فيستقر كل فريق على فكرة واحدة سينتجها.
  • يتعلم الطلاب أيضاً وضع أولويات اختيار الأفكار من خلال دراسة تحديات التنفيذ وتحديد إمكانية إنتاج البودكاست ضمن الوقت المحدد، أي احتياجات خاصة للبودكاست مثل مكان التسجيل (يحتاج إلى سفر أو تنقل أو عبر اتصال بالإنترنت؟) أو توفر الضيوف المطلوبين وسهولة الوصول إليهم، أو الوقت الذي قد نحتاج إليه في التسجيل والإنتاج…
النتائج المتوقعة: 

يتعلم الطلاب مهارات العصف الذهني، والتفكير التحليلي، والنقد والمشاركة الفعالة في فريق عمل، والتفاوض والإقناع وغيرها من مهارات التواصل الهامة.

يتوقع من المدرس أن يوجه الطلاب إلى المزيد من الأبحاث حول الموضوع المطلوب تغطيته للحصول على أكبر قدر من المعلومات، وهنا تحصل عملية التعلم الذاتي للموضوع المطلوب بدل التلقين.

المرحلة الثالثة: التخطيط لبناء القصة:

الهدف:

تحديد الطلاب لبنية البودكاست وهيكليته الذي سينتجونه، وتحديد الأصوات الإضافية (المؤثرات الصوتية) التي قد يحتاجون إلى تسجيلها في بيئة مختلفة (صوت الصف، الشارع…)

  • ييسر المدرس جلسة عمل جماعية للإجابة عن الأسئلة التالية:
    • ما السؤال الذي تجيب عنه القصة؟ 
    • ما الذي لم تتحدث عنه القصة؟ 
    • كيف سأشرك جمهوري وأحتفظ بهم؟ 
    • ما المكونات الهامة التي ينبغي إدراجها في القصة؟ 
    • كيف ستكون القصة عادلة بالنسبة إلى الأشخاص أو الأفكار التي تمثلها؟
    • ما الذي سيتذكره المستمع عندما ينتهي؟ 
    • ما المؤثرات الصوتية التي يجب أخذها بالحسبان إضافة إلى هيكل البودكاست؟ 
  • ييسر المعلم النقاش حول هذه الأسئلة بأن يتفق كل فريق على الإجابات الأفضل لتناسب فكرته والمعلومات التي يرغب بإيصالها عبر البودكاست، تنتهي هذه المرحلة بالاتفاق على هيكلية البودكاست وآلية سرد القصة والمعلومات فيه.
النتائج المتوقعة: 

يتعلم الطلاب فن رواية القصة والتأثير من خلالها، وكيفية عرض الأفكار المجردة من خلال السرد القصصي لتناسب البودكاست، إضافة إلى مهارات تنمي الخيال والتحليل والتركيب والعمل الجماعي لديهم.

المرحلة الرابعة: الكتابة:

الهدف:

الوصول إلى النص النهائي الذي يجب تسجيله حول الموضوع المختار.

  • سيتعاون أفراد الفريق على التدرب على إجراء مقابلة جذابة توصل المعلومات المطلوبة.
  • إضافة إلى التعاون على كتابة سيناريو تسجيل البودكاست وحديث المضيف من البداية إلى النهاية.
  • وكتابة سيناريو يتعلق برواية القصة التي اتفقوا عليها بصفتهم مجموعة.
  • يتحول الفريق الواحد إلى عدة أفرقة متعاونة: فريق الإعداد وفريق التسجيل وفريق المقابلات…
النتائج المتوقعة:

يخلص الطلاب إلى سيناريو مكتوب للبودكاست المتفق عليه، يحسن هذا التمرين من ملكات الكتابة الإبداعية وإيصال الأفكار بوضوح للآخرين مما يضمن تعلم الموضوع المطلوب جيداً، إضافة إلى العمل الجماعي والتنسيق بين الأفرقة المختلفة.

المرحلة الخامسة: التسجيل والتحرير:

الهدف:

تسجيل البودكاست المطلوب إضافة إلى أي أصوات إضافية لازمة.

  • يستعين المدرس بنتائج الجلسة السابقة من إجابات عن الأسئلة الخاصة برواية القصة وإيصال المعلومات وشكل البودكاست وهيكليته المتفق عليه.
  • يساعد المعلم الطلاب على اختيار أداة التسجيل المناسبة، مع الأخذ بالحسبان برامج التعديل المتوافقة معها.
  • ينتبه الطلاب إلى التسجيل في بيئة هادئة، مع عدة محاولات للأداء الصوتي للتعبير الأفضل عن قصتهم.
  • يتعاون الطلاب على ترتيب مقاطع الصوت المطلوبة وتقطيعها ومزجها بشكل منطقي متكامل للوصول إلى الحلقة الكاملة.
  • يساعد المدرس في إضافة بعض المؤثرات أو الموسيقى إن لزم.
النتائج المتوقعة:

هنا سيكون الطلاب فخورين للغاية بمنتجهم النهائي، حلقة بودكاست تمثل جهدهم في تعلم موضوع جديد بعد البحث والكتابة عنه، بناء فريق عمل فعال تمكن من إنجاز الكثير من المهام المختلفة للوصول إلى النتيجة النهائية. 

لا يقتصر استخدام البودكاست في العملية التعليمية على واجبات المدرسة المتوسطة والإعدادية أو مسابقات البودكاست الوطنية، ولا على البودكاست الذي يمكن أن ينتجه المدرسون بصفته مادة إثرائية مساعدة للطلاب، فالبودكاست بات أداة تستخدم في التعليم العالي وفي تخصصات هامة، مثل البودكاست الطبي المقدم من الطلاب أنفسهم (في الكليات الطبية) والذي يعزز من جاهزيتهم للحياة الأكاديمية ويزيد من شعورهم بالانتماء، إضافة إلى كونه أداة تعليمية متميزة للطلاب الذين يعدونه أو يستمعون إليه، وحتى للمستمع العادي.

كما أن أحد أهم استخدامات البودكاست في العملية التعليمية هو استخدامه في تعليم وتعلم اللغات، والذي يحقق ازدهاراً ملحوظاً عالمياً خاصة فيما يتعلق باللغة الإنكليزية، وبصورة متزايدة للغاية بعد وباء كورونا.

ختاماً:

يعد البودكاست من معززات العملية التعليمية Augment learning من خلال الكثير من الفوائد، منها: 

  • مصدر مبتكر للحصول على المعلومات.
  • وسيلة لتعميق الفهم والإدراك عن طريق السمع. 
  • طريقة لتعلم اللغات الجديدة.
  • وسيط فريد باستخدام فن رواية القصص للمزيد من التفاعل.
  • إمكانية التعلم في أي مكان وحسب الطلب.
  • يساعد على تقليص الهوة التقنية بين المعلمين والطلاب لبناء علاقات أفضل.
  • يحفز التفكير الإبداعي.
  • يعلم إنتاجه عدداً من المهارات الناعمة، مثل مهارات التفكير، والتحليل والتركيب، والتخطيط، والتفاوض والعمل الجماعي.
  • طريقة لتعلم إستراتيجيات التعليم.

بودلايف وبناء فضاء البودكاست العربي:

ما زال استخدام البودكاست في بداياته في العالم العربي، ولم يتمكن العاملون في التعليم من حصد فوائده بصفته وسيلة هامة في التعليم المستقبلي بعد، وهذا أحد المسارات التي تعمل عليها بودلايف Podlife حاضنة صناع المحتوى، بتقديمها الحلول كافة سواء للمعلمين أو الطلبة أو المؤسسات التعليمية المختلفة، بجمعها للخبرات التقنية والفنية والمعرفة العميقة بالابتكار وصناعة المحتوى على حد سواء، وذلك من خلال برامج متنوعة النشاطات والمهام وتوفير الأدوات والخبراء كافة، للوصول إلى محتوى جذاب تفاعلي يعبر عن جهود كل من صنعه ويوصل الرسالة المطلوبة بالأسلوب الأمثل.

 

Asset 34@4x.png

شارك هذا المقال

تواصل معنا

نرحب بكافة استفساراتكم وتساؤلاتكم...