الابتكار الاجتماعي
حلول ثقافية لعصر جديد

مجلة اتجاهات الابتكار الاجتماعي - العدد 11

حلول ثقافية لعصر جديد

   كندة المعمار

أصبح الابتكار والتكنولوجيا عنصرين حاسمين في تصميم الحلول الثقافية في العالم الحديث. مع التقدم السريع للتكنولوجيا، يمكن للناس الوصول إلى مجموعة متزايدة باستمرار من الأدوات والمنصات التي يمكن استخدامها لإنشاء حلول مبتكرة للتحديات الثقافية.

يتطلب الاستثمار في الابتكار والتكنولوجيا لتصميم الحلول الثقافية فهماً عميقاً للمشهد الثقافي واحتياجات الجمهور المستهدف. وينبغي أن تهدف الحلول الثقافية إلى إحداث تغيير إيجابي من خلال الحفاظ على التراث الثقافي والاحتفاء به، وتعزيز التنوع الثقافي.

لتحقيق ذلك يمكننا الاستفادة من الابتكار والتكنولوجيا لتصميم الحلول الثقافية. ويتمثل أحد الأساليب في استخدام التقنيات الرقمية، مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز، لتصميم تجارب ينخرط فيها الناس بأن تتيح لهم استكشاف القطع الأثرية، والتقاليد الثقافية، والتفاعل معها بطرائق جديدة ومثيرة. بالإضافة إلى ذلك يمكننا استخدام تحليلات البيانات، والذكاء الاصطناعي لتحليل الاتجاهات والتفضيلات الثقافية، وتمكين المؤسسات الثقافية من تطوير حلول مستهدفة تخدم احتياجات جمهورها بشكل أفضل.

ولكن التوظيف الفعال للابتكار والتكنولوجيا في تصميم الحلول الثقافية يتطلب أن يكون لدينا فهم واضح للتحديات التي يجب معالجتها ولطبيعة النتائج المرجوة. ويتطلب ذلك التعاون بين المنظمات الثقافية وشركات التكنولوجيا وأصحاب العلاقة الآخرين سعياً نحو تطوير حلول فعالة ومستدامة، تعتمد على الابتكار والتكنولوجيا وتراعي الحساسية والخصوصية الثقافية لمجتمعاتنا.

سنصحبكم من خلال هذا المقال في رحلة حول العالم من أجل استكشاف كيف يجري توظيف الابتكار، والحلول التكنولوجية والذكاء الاصطناعي من أجل تصميم حلول إبداعية ثقافية.

Europeana

(Europeana) هي منصة رقمية توفر الوصول إلى ملايين العناصر الرقمية من المتاحف والمكتبات والمحفوظات الأوروبية. تتضمن المنصة مجموعة واسعة من المحتوى الثقافي، بما في ذلك الأعمال الفنية والصور والمخطوطات والوثائق التاريخية. بدأت قصة (Europeana) في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما أدركت المفوضية الأوروبية الحاجة إلى جعل التراث الثقافي الأوروبي في متناول الجمهور.

في عام 2005 أطلقت المفوضية الأوروبية مبادرة المكتبة الرقمية الأوروبية (EDL)، والتي تهدف إلى تحويل المكتبة إلى مكتبة رقمية، وإتاحة التراث الثقافي للشعوب الأوربية عبر الإنترنت. أدى ذلك إلى تطوير (Europeana)، التي أطلقت في عام 2008 مكتبةً رقمية نموذجية.

تضمنت النسخة الأولى من (Europeana) نحو مليوني عنصر رقمي من المكتبات والمتاحف والمحفوظات في جميع أنحاء أوروبا. ومع ذلك سرعان ما تزايد الطلب على المنصة، وواجهت صعوبة في توفير وصول موثوق إلى محتواها.

واستجابة لذلك خضعت (Europeana) لعملية إصلاح شاملة في عام 2010. وأعيد تصميم المنصة لتوفير وصول أسرع وأكثر موثوقية إلى محتواها، وجرى توسيع حجم المحتوى ليشمل ملايين العناصر من أكثر من 3000 مؤسسة للتراث الثقافي في جميع أنحاء أوروبا.

استمرت (Europeana) في النمو والتطور على مر السنين. ففي عام 2014 أطلقت (Europeana) إصداراً جديداً من منصتها التي تضمنت إمكانات بحث وتصفح محسَّنة، بالإضافة إلى أدوات جديدة للمستخدمين لإنشاء مجموعاتهم الخاصة من محتوى التراث الثقافي ومشاركتها.

توفر (Europeana) اليوم الوصول إلى أكثر من 50 مليون عنصر رقمي من مجموعة واسعة من مؤسسات التراث الثقافي، بما في ذلك المتاحف والمكتبات والمحفوظات. وتتضمن المنصة محتوى من جميع أنحاء أوروبا، من المخطوطات القديمة وفن العصور الوسطى إلى الصور والأفلام المعاصرة.

أصبحت (Europeana) مورداً مهماً للباحثين والطلاب وأي شخص مهتم بالتراث الثقافي الأوروبي. وقد ألهمت أيضاً مبادرات أخرى مماثلة حول العالم، بما في ذلك المكتبة الرقمية العامة لأمريكا. تُظهر قصة (Europeana) قوة التكنولوجيا الرقمية في تسهيل الوصول إلى التراث الثقافي وإشراك الناس في جميع أنحاء العالم.

Europeana website: https://www.europeana.eu/en

 

Creative Commons

(Creative Commons) أو ما يسمى بالمشاع الإبداعي هو منظمة غير ربحية توفر تراخيص مجانية وموحدة يمكن للمبدعين استخدامها لمشاركة أعمالهم بسهولة وانفتاح أكبر. تسهل هذه التراخيص على الأشخاص إعادة استخدام الأعمال الإبداعية ومزجها، بما في ذلك محتوى التراث الثقافي. بدأت قصة (Creative Commons) في أوائل القرن الحادي والعشرين، عندما كانت هناك حاجة متزايدة للأدوات القانونية التي من شأنها أن تمكن المبدعين من مشاركة أعمالهم بحرية أكبر.

في عام 2001 اجتمعت مجموعة من العلماء والمحامين والناشطين، منهم لورانس ليسيج وجيمس بويل وهال أبلسون، لتأسيس (Creative Commons). كان هدف المنظمة توفير طريقة بسيطة وموحدة للمبدعين لمشاركة أعمالهم بشكل أكثر انفتاحاً، مع الاحتفاظ ببعض التحكم في كيفية استخدام أعمالهم.

أُصدر أول تراخيص (Creative Commons) في عام 2002. وقد سمحت هذه التراخيص للمبدعين باختيار كيفية مشاركة أعمالهم، وإعادة استخدامها، وإعادة مزجها، مع الاحتفاظ بملكية حقوق النشر. صممت التراخيص لتكون سهلة الفهم والاستخدام، بحيث يمكن لمنشئي المحتوى التركيز على إنشاء المحتوى دون الحاجة إلى القلق بشأن التعقيدات القانونية.

على مر السنين استمرت (Creative Commons) في تطوير نظام الترخيص الخاص بها وتحسينه. إذ يوجد اليوم عدة أنواع مختلفة من تراخيص (Creative Commons)، لكل منها مجموعة من الأذونات والقيود الخاصة بها. ويستخدم المبدعون التراخيص في جميع أنحاء العالم، منهم الموسيقيون وصانعو الأفلام والكتاب وأصحاب الفنون البصرية، وبالإضافة إلى نظام الترخيص الخاص بها، طورت منظمة (Creative Commons) أيضاً مجموعة من الأدوات والموارد الأخرى للمبدعين. يتضمن ذلك محركات البحث والأدلة التي تساعد الأشخاص في العثور على محتوى مرخص بموجب (Creative Commons)، بالإضافة إلى أدوات لمنشئي المحتوى لتتبع كيفية استخدام المحتوى الخاص بهم ومشاركته عبر الإنترنت.

كان لإطلاق (Creative Commons) تأثير كبير على عالم التراث الثقافي. من خلال تسهيل مشاركة المبدعين لعملهم بشكل مفتوح، ساعدت المنظمة في إضفاء الطابع الديمقراطي على الوصول إلى المحتوى الثقافي وتعزيز المزيد من الإبداع والابتكار. واليوم يستخدم ملايين المبدعين والمستخدمين (Creative Commons) في جميع أنحاء العالم، وأصبح نظام الترخيص الخاص بها أداة مهمة لتعزيز الوصول المفتوح إلى التراث الثقافي.

Creative Commons website: https://creativecommons.org/

Wikimedia Commons

تنطوي فكرة (Wikimedia Commons) على كونها مستودعاً مجانياً عبر الإنترنت لملفات الوسائط يمكن لأي شخص استخدامه لأي غرض. تتضمن الملفات صوراً ومقاطع فيديو وتسجيلات صوتية، وقد ساهم بها متطوعون من جميع أنحاء العالم. بدأت قصة (Wikimedia Commons) في أوائل القرن الحادي والعشرين، عندما أُسست مؤسسة (Wikimedia) بهدف إنشاء موسوعة مجانية على الإنترنت يمكن لأي شخص تحريرها.

في عام 2004 أطلقت مؤسسة (Wikimedia) (Wikimedia Commons) كوسيلة للمساهمين لمشاركة ملفات الوسائط التي يمكن استخدامها على (Wikipedia) ومشروعات (Wikimedia) الأخرى. في البداية كان لدى (Wikimedia Commons) بضعة آلاف فقط من الملفات، ولكن بمرور الوقت نمت بسرعة إذ بدأ المزيد والمزيد من المساهمين في تحميل ملفاتهم الخاصة. وتعد أحد الجوانب الفريدة في (Wikimedia Commons) أن جميع الملفات مرخصة بموجب ترخيص (Creative Commons)، والذي يسمح باستخدامها ومشاركتها بحرية. هذا يعني أنه يمكن لأي شخص تنزيل الملفات وتعديلها وإعادة توزيعها، طالما أنها توفر الإسناد إلى المنشئ الأصلي.

اليوم تعد (Wikimedia Commons) واحدة من أكبر مستودعات ملفات الوسائط المجانية في العالم، حيث ساهم متطوعون من جميع أنحاء العالم بملايين الملفات. تغطي الملفات مجموعة واسعة من الموضوعات، من الصور التاريخية والأعمال الفنية إلى الرسوم البيانية العلمية والتسجيلات الصوتية. وقد أصبحت (Wikimedia Commons) مصدراً مهماً للأشخاص الذين يبحثون عن ملفات وسائط مجانية عالية الجودة لاستخدامها في مشروعاتهم الخاصة في جميع أنحاء العالم. كما استُخدمت الملفات الموجودة على (Wikimedia Commons) في مجموعة واسعة من التطبيقات، من المواد التعليمية إلى المقالات الإخبارية إلى الأعمال الإبداعية.

يعود نجاح (Wikimedia Commons) في جزء كبير منه إلى التفاني والعمل الجاد للمتطوعين الذين يساهمون بوقتهم وجهدهم للحفاظ على المنصة. حيث يدير مجتمع من المتطوعين النظام الأساسي، يراجعون الملفات ويديرونها، ويتأكدون من أنها مرخصة بشكل صحيح، ويعملون على تحسين تجربة المستخدم الإجمالية، وتعد شهادة على قوة التعاون وأهمية الوصول المجاني إلى المعلومات والتراث الثقافي، إذ ساعدت في إضفاء الطابع الديمقراطي على الوصول إلى المعرفة وتعزيز المزيد من الإبداع والابتكار.

Wikimedia Commons website: https://commons.wikimedia.org/wiki/Main_Page

 

Open Heritage

(Open Heritage) هو مشروع عملت على تأسيسه (Google Arts & Culture) بالتعاون مع (CyArk)، وهي منظمة دولية غير ربحية متخصصة في الحفظ الرقمي لمواقع التراث الثقافي. يهدف المشروع إلى إنشاء نسخ افتراضية طبق الأصل لمواقع التراث في جميع أنحاء العالم، وجعلها في متناول الجمهور من خلال تقنيات ينخرط فيها المستخدم مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز. 

بدأت قصة (Open Heritage) في عام 2018 عندما دخلت (Google Arts & Culture) في شراكة مع (CyArk) لإطلاق برنامج تجريبي للاحتفاظ رقمياً بخمسة مواقع تراثية من جميع أنحاء العالم. وشملت هذه المواقع قصر العظم في سورية، وقصر فرساي في فرنسا، ومدينة المايا تشيتشن إيتزا في المكسيك، ومدينة بابل القديمة في العراق، والقلعة الحمراء في الهند. وباستخدام تقنيات المسح والتصوير ثلاثية الأبعاد المتقدمة، أنشأت (CyArk) نسخاً رقمية متماثلة عالية الدقة لمواقع التراث هذه، والتقطت كل تفاصيل الهندسة المعمارية والتصميم والديكور. دمجت بعد ذلك هذه النسخ المتماثلة الرقمية في منصة (Google Arts & Culture)، والتي سمحت للناس في جميع أنحاء العالم باستكشاف المواقع ثلاثية الأبعاد، والتعرف على تاريخها وأهميتها، وحتى القيام بجولات افتراضية. 

أدى نجاح البرنامج التجريبي إلى توسيع مشروع (Open Heritage)، بهدف الحفاظ على المزيد من المواقع التراثية من جميع أنحاء العالم ومشاركتها. واليوم نمت (Open Heritage) لتشمل أكثر من 30 موقعاً، منها المنتدى الروماني في إيطاليا، ودار أوبرا سيدني في أستراليا، ومدينة البتراء القديمة في الأردن. وكان تأثير التراث المفتوح كبيراً، لا سيما في سياق الحفاظ على التراث الثقافي. من خلال إنشاء نسخ متماثلة افتراضية لمواقع التراث، ساعدت (Open Heritage) في الحفاظ على هذه المواقع للأجيال القادمة وجعلها في متناول الأشخاص الذين قد لا تتاح لهم الفرصة لزيارتها شخصياً. كما ساعد المشروع على زيادة الوعي بأهمية التراث الثقافي وضرورة حمايته للأجيال القادمة.

بالإضافة إلى تأثيرها في الحفاظ على التراث الثقافي ساعدت (Open Heritage) أيضاً في دفع حدود التقنيات الغامرة مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز. وأظهر المشروع إمكانات هذه التقنيات لتوفير طرائق جديدة للتجربة والتعلم عن التراث الثقافي، وفتح فرصاً جديدة للتعليم والمشاركة. عموماً تعد قصة (Open Heritage) شهادة على قوة التكنولوجيا في إحداث تأثير اجتماعي إيجابي وتعزيز الحفاظ على التراث الثقافي. من خلال نهجها المبتكر للحفظ الرقمي والتقنيات الغامرة، ساعدت في توسيع نطاق الوصول إلى التراث الثقافي وإلهام الأجيال الجديدة لتقديره وحمايته.

Open Heritage website: https://www.openheritage.eu/

 

CultureLabs

(CultureLabs) هو مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي يهدف إلى تعزيز الابتكار الثقافي والاندماج الاجتماعي في أوروبا. أُطلق المشروع في عام 2018 ويضم مجموعة من المنظمات والمؤسسات من جميع أنحاء أوروبا، بما في ذلك الجامعات والمؤسسات الثقافية والمنظمات غير الهادفة للربح، وقد بدأت قصة (CultureLabs) بالاعتراف بإمكانات التراث الثقافي لتعزيز الاندماج الاجتماعي والابتكار. 

صمم المشروع لمواجهة التحديات التي تواجهها المؤسسات الثقافية في إشراك جماهير متنوعة وتعزيز التراث الثقافي في مشهد رقمي سريع التغير، ولتحقيق هذه الأهداف، طورت (CultureLabs) منصة تجمع بين التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي و(blockchain)، مع منهجيات التصميم التشاركي وعمليات الإنشاء المشترك. صممت المنصة لتسهيل التعاون بين المؤسسات الثقافية والمجتمعات وأصحاب العلاقة الآخرين، ولتعزيز المشاركة في إنشاء تجارب وخدمات ثقافية جديدة،

استخدمت منصة (CultureLabs) في مجموعة من السياقات، من معارض المتاحف والمهرجانات الثقافية إلى المبادرات والبرامج التعليمية التي يقودها المجتمع. ويتميز تصميم المنصة بأنه مرن وقابل للتكيف مع السياقات المختلفة، وقابل لدعم مجموعة واسعة من حالات الاستخدام والتطبيقات،

تعد إحدى السمات الرئيسية التي يتميز بها (CultureLabs) تركيزه على التصميم التشاركي والإبداع المشترك. وقد عمل المشروع عن كثب مع المجتمعات وأصحاب العلاقة الآخرين لضمان أن المنصة والخدمات المرتبطة بها مصممة لتلبية الاحتياجات والتطلعات. لقد ساعد هذا النهج على ضمان أن يرتكز المشروع على احتياجات وتطلعات الأشخاص الذين يسعى إلى خدمتهم، وبالنظر إلى قصة (CultureLabs) عموماً يمكننا القول: "إنها قصة ابتكار وتعاون واندماج اجتماعي". فقد ساعدت إمكانات التقنيات المتقدمة فيها على تعزيز التراث الثقافي والاندماج الاجتماعي، وأظهرت كيف يمكن أن يساعد التصميم التشاركي والإبداع المشترك في ضمان بقاء المؤسسات الثقافية فعالة ومواكبة للتطلعات في عالم سريع التغير.

CultureLabs website: https://www.culture-labs.eu/



Design Thinking for Libraries

(Design Thinking for Libraries) أو التفكير التصميمي من أجل تصميم المكتبات هو مجموعة أدوات طورتها شركة (IDEO) بالتعاون مع مكتبات آرهوس العامة في الدنمارك. وقد صُممت مجموعة الأدوات لمساعدة المكتبات على تطبيق مبادئ التفكير التصميمي على خدماتها وبرامجها، ولتعزيز الابتكار والتصميم الذي يركز على المستخدم في مهنة المكتبات.

بدأت قصة (Design Thinking for Libraries) عندما أدرك القائمون على المكتبات بأن المكتبات تواجه مشهداً سريع التغير. فقد أدت التطورات التكنولوجية واحتياجات المستخدم المتغيرة إلى حتمية تغيير طريقة وصول الأشخاص إلى المعلومات وتفاعلهم مع المؤسسات الثقافية. ولمواجهة هذه التحديات طورت (IDEO) ومكتبات آرهوس العامة سلسلة من ورش عمل التفكير التصميمي والمشروعات التي تهدف إلى تعزيز التصميم الذي يركز على المستخدم في خدمات وبرامج المكتبة. جمعت ورش العمل موظفي المكتبات وأعضاء المجتمع ومحترفي التصميم لاستكشاف أفكار جديدة وتطوير نماذج أولية للخدمات والبرامج الجديدة. 

أدى نجاح ورش العمل والمشروعات إلى تطوير مجموعة (Design Thinking for Libraries)، التي توفر دليلاً مفصلاً خطوة بخطوة للمكتبات لتطبيق مبادئ التفكير التصميمي على خدماتها وبرامجها. وتتضمن المجموعة أدوات وتقنيات للبحث عن احتياجات المستخدمين، وتصور الحلول، وبناء النماذج الأولية، واختبارها، بالإضافة إلى دراسات الحالة والأمثلة من المكتبات حول العالم.

منذ إطلاق (Design Thinking for Libraries)، استخدمتها المكتبات من جميع الأنواع والأحجام لتعزيز الابتكار والتصميم الذي يركز على المستخدم. وقد ساعدت مجموعة الأدوات المكتبات على تطوير خدمات وبرامج جديدة تتماشى بصورة أفضل مع احتياجات المستخدمين وتطلعاتهم، كما ساعدت على تعزيز ثقافة الابتكار والتجريب داخل مهنة المكتبات. وتعد قصة (Design Thinking for Libraries) عموماً قصة تعاون وابتكار وتصميم يرتكز على المستخدم. فقد أظهرت الشراكة بين (IDEO) ومكتبات آرهوس العامة إمكانات التفكير التصميمي لتغيير الطريقة التي تعمل بها المكتبات والتفاعل مع مجتمعاتها، وقد ألهمت المكتبات في جميع أنحاء العالم لتبني نهج أكثر تركيزاً على المستخدم وابتكاراً في عملها.

IDEO's Design Thinking for Libraries Toolkit: https://www.designthinkingforlibraries.com/

Aarhus Public Libraries' Design Thinking Toolkit: https://aarhus-designmanual.github.io/Design-Thinking-for-Libraries/

 

The Brooklyn Museum

يعد (The Brooklyn Museum) أو متحف بروكلين أحد أقدم المتاحف الفنية وأكبرها في الولايات المتحدة، ويقع في حي بروكلين بمدينة نيويورك. أسس المتحف في عام 1895 وجمع منذ ذلك الحين مجموعة تضم أكثر من 1.5 مليون قطعة، بدءاً من القطع الأثرية القديمة إلى الفن المعاصر، في السنوات الأخيرة اكتسب (The Brooklyn Museum) سمعة طيبة بوصفه رائداً في استخدام التكنولوجيا والتصميم لخلق تجارب جذابة ومبتكرة لزوار المتحف. ولعل أحد أبرز الأمثلة لذلك هو تطبيق (ASK) في المتحف، والذي يسمح للزوار بطرح أسئلة عن المعروضات وتلقي ردود شخصية من موظفي المتحف، وقد طُور تطبيق (ASK) بالتعاون مع شركة التصميم (Local Projects)، وأُطلق في عام 2015، وهو متاح مجاناً على أجهزة (IOS)، و(Android) وهو مدمج في شبكة (Wi-Fi) الخاصة بالمتحف، مما يسمح للزوار بالوصول إليه في جميع أنحاء المتحف، وباستخدام التطبيق يمكن للزوار طرح أسئلة عن المعروضات والمجموعات والموضوعات الأخرى المتعلقة بالمتاحف، إذ تُوجه الأسئلة إلى فريق من المعلمين والمسؤولين الذين يقدمون إجابات في غضون دقائق. يمكن للزوار أيضاً تصفح الأسئلة والأجوبة التي سبق طرحها، مما يتيح لهم معرفة المزيد عن المتحف ومجموعاته، وقد حقق تطبيق (ASK) نجاحاً كبيراً في جذب الزوار وتعزيز الشعور بالانتماء للمجتمع حول المتحف. في عامه الأول تلقى التطبيق أكثر من 22000 سؤال من الزوار، وصنفه 98٪ من الزوار الذين استخدموا التطبيق على أنه "مفيد جداً" أو "مفيد".

بالإضافة إلى التطبيق استخدم (The Brooklyn Museum) أيضاً التكنولوجيا والتصميم لإنشاء مجموعة من المعارض والبرامج المبتكرة الأخرى. وتشمل المنشآت التفاعلية وتجارب الواقع الافتراضي ومشروعات سرد القصص الرقمية، التي تهدف إلى إشراك الزوار وتعزيز فهم أعمق للمتحف ورسالته، وتعد قصة (The Brooklyn Museum) عموماً قصة ابتكار وتعاون والتزام باستخدام التكنولوجيا والتصميم لتطوير تجارب جذابة ويمكن أن يصل إليها زوار المتحف. فمن خلال العمل الدؤوب للقائمين عليه، أصبح المتحف رائداً في استخدام التفكير التصميمي والتصميم المرتكز حول المستخدم لإعادة تصور تجربة المتحف للقرن الحادي والعشرين.

The Brooklyn Museum website: https://www.brooklynmuseum.org/

Collections: https://www.brooklynmuseum.org/collections

Exhibitions: https://www.brooklynmuseum.org/exhibitions

Programs and Events: https://www.brooklynmuseum.org/calendar

Education and Community Programs: https://www.brooklynmuseum.org/education

Shop: https://shop.brooklynmuseum.org/

Become a Member: https://www.brooklynmuseum.org/join

The Brooklyn Museum on YouTube: https://www.youtube.com/user/brooklynmuseum

The Brooklyn Museum on Instagram: https://www.instagram.com/brooklynmuseum/

The Brooklyn Museum on Twitter: https://twitter.com/brooklynmuseum

 

The Cooper Hewitt, Smithsonian Design Museum

(The Cooper Hewitt, Smithsonian Design Museum) متحف يقع في مدينة نيويورك، ويركز على تاريخ التصميم وتطوره. تضم مجموعة المتحف أكثر من 210000 قطعة، بما في ذلك المنسوجات والأثاث وعناصر التصميم الصناعي وغيرها من أعمال الفنون الزخرفية والتطبيقية.

أُسس المتحف عام 1897 تحت اسم (Cooper Union) لفنون الديكور، وأعيدت تسميته لاحقاً تكريماً للأختين (Sarah and Eleanor Hewitt)، اللتين تبرعتا بمجموعتهما من الفنون الزخرفية للمتحف في عام 1899. في عام 1967 أصبح المتحف جزءاً من مؤسسة (Smithsonian)، وغُيِّر اسمه إلى متحف (Cooper-Hewitt Museum of Decorative Arts and Design). في عام 2014 أعيدت تسمية المتحف مرة أخرى باسم (The Cooper Hewitt, Smithsonian Design Museum)

أحد الجوانب الأكثر ابتكاراً في منهجية تصميم المتحف استخدامه للتكنولوجيا لإشراك الزوار وتقديم مجموعات المتحف بطريقة أكثر سهولة. في عام 2014 أطلق المتحف أول مبادراته الرقمية الكبرى (القلم) والتي تسمح للزوار "بجمع" الأشياء من صالات المتحف باستخدام جهاز يشبه القلم. يحفظ القلم بعد ذلك هذه الكائنات في حساب شخصي عبر الإنترنت، مما يسمح للزوار بإعادة زيارتها واستكشافها بعد زيارتهم في الوقت الذي يشاؤون.

بالإضافة إلى القلم، أطلق المتحف أيضاً مجموعة من المبادرات الرقمية الأخرى، بما في ذلك تطبيق الهاتف المحمول الذي يسمح للزوار باستكشاف مجموعة المتحف، ومنصة عبر الإنترنت تسمى (Object of the Day)، والتي تتميز بالتركيز على قطع محددة من المتحف كل يوم.

ولعل من أهم الجوانب البارزة في تصميم المتحف التزامه بإمكانية الوصول والشمولية. في عام 2015 أطلق المتحف معرض (Access + Ability)، الذي عرض تصميمات مبتكرة تساعد الأشخاص ذوي الإعاقة على عيش حياة أكثر استقلالية. ورافق المعرض مجموعة من البرامج، بما في ذلك ورش عمل وجولات مصممة للزوار ذوي الإعاقة.

ويمكننا القول: "إن قصة متحف (The Cooper Hewitt, Smithsonian Design Museum) عموماً هي قصة الابتكار والتكنولوجيا والالتزام بتوفير إمكانية الوصول، فمن خلال استخدام التصميم لإشراك الزوار وتسهيل الوصول إلى مجموعاته، أصبح المتحف رائداً في مجال التصميم والفنون الزخرفية". 

Cooper Hewitt website: https://www.cooperhewitt.org/

Access +Ability exhibition: https://www.cooperhewitt.org/channel/access-ability/

Object of the Day: https://www.cooperhewitt.org/category/object-of-the-day/

The Pen: https://www.cooperhewitt.org/the-pen/

 

من خلال استعراض التجارب والممارسات نختتم جولتنا بالتأكيد على أن الابتكار والتكنولوجيا قد أحدثا ثورة في الطريقة التي نتعامل بها مع الحلول الثقافية. إذ تتيح لنا أدوات الابتكار والتكنولوجيا هذه تصميم حلول مبتكرة وجذابة وفعالة تحافظ على التراث الثقافي، وتحسن من طرق الوصول إليه.

وتتمثل إحدى المزايا الرئيسية لتطبيق الابتكار والتكنولوجيا في الحلول الثقافية في القدرة على إنشاء تجارب تساعد الناس في الانخراط ومعايشة تجربة التفاعل مع التراث الثقافي. على سبيل المثال: يمكن استخدام تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز لإنشاء معارض افتراضية، مما يسمح للناس باستكشاف القطع الأثرية الثقافية والتفاعل معها بطرائق كانت مستحيلة في السابق. الأمر الذي يمكن أن يجعل التجارب الثقافية أكثر جاذبية، ويسهل الوصول إليها.

كما تعد تحليلات البيانات والذكاء الاصطناعي من الأدوات المهمة أيضاً في تصميم الحلول الثقافية. فمن خلال تحليل الاتجاهات والتفضيلات الثقافية، يمكن للمنظمات تطوير حلول تخدم جمهورها أفضل. على سبيل المثال: يمكن استخدام تحليل البيانات لتحديد الفجوات في العروض الثقافية أو لفهم تفضيلات جمهور معين فهماً أفضل.

ومع ذلك لا بد من التأكيد على أن تطبيق الابتكار والتكنولوجيا على الحلول الثقافية يتطلب دراسة متأنية للحساسية الثقافية والمخاوف الأخلاقية. كما يحتم على منفذيها التأكد من أن الحلول المطورة حقيقية، وتحترم مستخدميها، ومتاحة لجميع الأفراد، بغض النظر عن عوامل الدخل أو التعليم أو الموقع الجغرافي، فتطبيق الابتكار والتكنولوجيا على الحلول الثقافية يوفر فرصاً مثيرة لتعزيز التفاهم الثقافي وتيسير الوصول والتفاعل من الموروث الثقافي، ولكن من الأهمية بمكان أن تستخدم هذه الأدوات استخداماً مدروساً ومسؤولاً، مع فهم عميق للسياق الثقافي والحساسية تجاه المخاوف الأخلاقية.

شارك هذا المقال

تواصل معنا

نرحب بكافة استفساراتكم وتساؤلاتكم...