مجلة اتجاهات الابتكار الاجتماعي - العدد 12
التغليف الفطري Mushroom Packaging
تعرض قصص نجاح الابتكار الغذائي الإنجازات الرائعة للأفراد والمنظمات في إحداث ثورة في الطريقة التي نزرع بها الغذاء وننتجه ونوزعه ونستهلكه. تلهم هذه القصص التغيير الإيجابي، وتقدم حلولاً لبعض التحديات الأكثر إلحاحاً في العالم، بما في ذلك الاستدامة والأمن الغذائي والصحة والحفاظ على الثقافة. فيما يلي إحدى قصص النجاح البارزة في مجال الابتكار الغذائي:
بينما كان العالم يتصارع مع العواقب البيئية للمواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، بما في ذلك التلوث والبلاستيك المحيطي، أصبحت الحاجة إلى التغليف المستدام واضحة. في هذه الأثناء كان المهندس (Eben Bayer) وصديقه (Gavin McIntyre) يفكران في تطوير بديل مستدام للمواد البلاستيكية، نشأت فكرة التغليف الفطري نتيجة إلهام من تصاميم الطبيعة. فقد كانت مستوحاة على وجه التحديد من الميسيليوم، وهو ذو بنية تشبه جذور الفطريات والتي يمكن أن تنمو بأشكال وأحجام مختلفة.
من خلال العمل الفاعل والدؤوب، ومن خلال تسخير خصائص الالتصاق الطبيعية للميسيليوم، تمكن باير وماكنتاير من اختراع نوع جديد من مواد التعبئة والتغليف، مصنوعة من مواد عضوية متماسكة معاً بواسطة الميسيليوم، وهو مورد متجدد وقابل للتحلل البيولوجي سريعاً، حيث أصبح الميسيليوم العنصر الرئيسي في حل التغليف المبتكر الخاص بهما.
أجرى باير وماكنتاير العديد من التجارب في مختبرهما لإتقان المادة المعتمدة على الميسيليوم، حيث استكشفا أنواعاً مختلفة من الفطريات ومواد النفايات الزراعية المختلفة، التي تُستخدَم موادَّ أولية ضمن عملية زراعة الفطريات في القوالب. وتستهلك المخلفات الزراعية مثل سيقان الذرة وقشورها وغيرها من المواد النباتية. حيث يربط الميسيليوم هذه المواد ببعضها لتشكل بنية صلبة.
بعد انتهاء التجارب تم التوصل إلى ما أطلق عليه لاحقاً (Mushroom Packaging) وهو حل تغليف وقائي، وعازل، عالي الأداء، وتنافسي من حيث التكلفة. تعد الزوايا المنفصلة للتغليف الفطري قابلة للتحلل بالكامل في المنزل وستعود إلى التربة خلال 45 يوماً. لاستخدامها كزوايا ما عليك سوى تفكيكها عند اللحامات.
عمل المبتكران الشابان، على تأسيس شركة (Ecovative Design) لإنتاج مادة التغليف الفطري في عام 2007، وكان هدفهما تطوير بديل مستدام للمواد البلاستيكية من خلال تسخير خصائص الالتصاق الطبيعية للميسيليوم، والاستفادة من مرونته في تخصيص الأشكال والأحجام لتلبية احتياجات التغليف المتنوعة.
تميزت عبوات التغليف الفطري بقابليتها للتحلل البيولوجي بالكامل طبيعياً إلى مواد عضوية عند التخلص منها، مما يقلل من النفايات والأثر البيئي. بالإضافة إلى ذلك تتطلب عملية نمو الميسيليوم موارد أقل مقارنة بمواد التغليف التقليدية، مثل المواد البلاستيكية كثيفة الاستهلاك للطاقة، كما أن التغليف الفطري يقلل من النفايات البلاستيكية، ويقوم باحتجاز الكربون خلال عملية نمو الميسيليوم.
وجدت عبوات التغليف الفطري التي تنتجها شركة (Ecovative Design) تطبيقات في مختلف الصناعات، بدءاً من مواد التعبئة والتغليف وحتى العزل وحتى في عالم الأزياء. ولاقى التغليف الفطري قبولاً واسعاً، حيث اعتمدته الشركات الكبرى، بما في ذلك (Dell) و(IKEA) لتغليف منتجاتها، مما أظهر جدواها على نطاق أوسع. كما حصلت عبوات التغليف الفطري على شهادة (Cradle to Cradle Certification) نظراً لاستدامتها وتأثيرها الإيجابي في البيئة، ولا تزال عمليات البحث والتطوير مستمرة من أجل تعزيز خصائص المادة الأولية، وخفض التكاليف أكثر، وتكثيف العمل لزيادة الإنتاج تلبية للطلب المتزايد عليها من الشركات الكبيرة.
من خلال قصة ابتكار التغليف الفطري يمكن أن نفهم كيف يمكن للحلول المستوحاة من الطبيعة أن تعالج التحديات البيئية الملحة، ففكرة الابتكار تمثل منارة أمل في البحث عن بدائل مستدامة للمواد البلاستيكية التقليدية، مما يدل على أن الابتكار والاستدامة يمكن أن يسيرا جنباً إلى جنب. ومع تخصيص المزيد من الموارد لمزيد من البحث والتطوير، فإن فكرة التغليف الفطري لديها القدرة على إحداث ثورة في صناعة التعبئة والتغليف وتقليل البصمة البلاستيكية في العالم.